أخبار العالم

احترموا رغبات أبنائكم.. دعوهم يختارون مستقبلهم – أخبار السعودية – كورا نيو



في زمنٍ تغيّر كل شيء، لم تعد الحياة كما كانت في الماضي، ولم يعد مقياس النجاح محصوراً في الطب أو الهندسة كما كان يعتقد آباؤنا وأجدادنا. لقد تطوّر العالم من حولنا، وتبدّلت خريطة سوق العمل، وتنوّعت مجالات التخصصات الجامعية، وأصبحت الفرص المهنية ترتبط بالمهارات والاهتمامات والشغف أكثر من مجرد المسمى الوظيفي أو الاسم اللامع للجامعة.

وفي ظل هذا التغيّر الكبير، لا يزال بعض أولياء الأمور يتمسّكون برؤية تقليدية لمستقبل أبنائهم، فيفرضون عليهم تخصصاً دراسياً أو مساراً مهنياً لا يتوافق مع ميولهم ورغباتهم، معتقدين أن ما يرونه هو الأفضل لمستقبلهم، وهنا تكمن المشكلة.

إن إصرار بعض الآباء على اختيار مستقبل أبنائهم الدراسي والمهني بناء على نظرتهم الخاصة – لا على رغبة الابن نفسه – قد يُنتج جيلاً يعيش الإحباط، ويتخرج حاملاً شهادة لا تعني له شيئاً، وربما لا يمارس مهنته يوماً، لأنه ببساطة لم يخترها عن قناعة أو شغف، بل فُرضت عليه فرضاً.

قد لا يدرك ولي الأمر أن تفكير الطالب اليوم مختلف جذرياً عن تفكير جيله. فقد نشأ هذا الجيل في بيئة تقنية متسارعة، تُمكنه من الاطلاع الدقيق على متطلبات سوق العمل وتغيراته المتسارعة. فابن اليوم يستطيع، من خلال بحث بسيط على الإنترنت أو منصات التوظيف العالمية، أن يعرف أين تكمن الفرص، وما هي التخصصات التي سيكون لها مستقبل، وأي المجالات تندثر تدريجياً، بل قد تكون لديه نظرة مستقبلية أكثر دقة من والده.

ليس بالضرورة أن يكون ابن رجل الأعمال طبيباً أو مهندساً ليكون ناجحاً. قد يكون شغفه في أن يصبح فني أجهزة طبية، أو متخصصاً في الأمن السيبراني، أو مبرمجاً، أو حتى ممرضاً يسهر على راحة المرضى. بل قد يكون مبدعاً في الفن، أو ريادياً في مشاريع مبتكرة، أو حتى ناجحاً في العمل الحُر الذي لا يتطلب شهادة جامعية بقدر ما يتطلب مهارة وإبداعاً.

ولنا في الواقع كثيرٌ من الأمثلة: كم من طالب فُرض عليه الطب فدرس على مضض، ثم انسحب بعد سنوات من التعب والإنفاق، أو تخرج بلا رغبة ولا عطاء. وكم من شاب طارد شغفه – برغم معارضة أسرته – فصار قصة نجاح ملهمة.

أيها الآباء، لا تجعلوا من التعليم وسيلة للتفاخر الاجتماعي. ليس من الضروري أن تروي للناس أن ابنك تخرج من جامعة كذا بتخصص كذا، إن لم يكن هو نفسه سعيداً بما أنجز. لا تجعلوا اختياراتكم عبئاً على مستقبلهم، بل كونوا سنداً لهم ليمضوا في طريق يحبونه ويبدعون فيه.

اتركوا لهم الحرية أن يواصلوا تعليمهم داخل المملكة أو خارجها، في الجامعات التي تناسب طموحاتهم، لا تلك التي تحقق مجداً اجتماعياً مؤقتاً. ثقوا أن الدعم الحقيقي لا يكون بالإملاء، بل بالحوار والمساندة.

وقد لا تجد في نهاية الطريق إلا الفشل والخذلان، إن أجبرت ابنك على طريق لم يختره. وقد تخسر المال والوقت والجهد، ثم تُحبط حين ترى ابنك تائهاً، لأنه ببساطة لم يُمنح الفرصة ليقرر مصيره.

ختاماً، إن بناء جيل ناجح يبدأ من الإيمان بقدراته، واحترام اختياراته، ومساندته لا توجيهه بالقسر. دعوا أبناءكم يخطّون مستقبلهم بأيديهم، فهم أدرى بشغفهم، وأقرب إلى فهم لغة هذا العصر ومتغيراته. فاحترام الرغبة أولى خطوات النجاح الحقيقي.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى