أخبار العالم

الزراعة.. عقبات وتحديّات – أخبار السعودية – كورا نيو



هُناك شَيءٌ من التّعارض بين الدّعم والجهد الذي تقدمه وزارة البيئة والمياه والزراعة للقطاع الزراعي من جهة؛ والتّساهل والتباطؤ في مُعالجة العقبات والتحديات التي تواجه هذا القطاع من جهة أخرى؛ فالوزارة تضع الإستراتيجيات وتقدم القروض والإعانات وتنفذ البرامج المتنوعة، لكنها في المقابل لا تقوم بدور ملموس في حلّ ومُعالجة المشاكل الكبرى التي يعاني منها هذا القطاع.

فالقطاع الزراعي يعاني من عقبات ومشاكل رئيسة ومُؤثرة تهدّد بتوقف وإغلاق عدد من المشروعات والمزارع، بل إن بعض المزارع والمشروعات توقفت بالفعل، والعقبات هي:

– ارتفاع تكلفة الوقود السائل، وفواتير الكهرباء، فقد ارتفعت فاتورة استهلاك الديزل، إضافة إلى فاتورة الكهرباء، وأدّت -بالإضافة إلى عوامل أخرى- إلى ارتفاع المُدخلات في القطاع الزراعي، ومع تذبذب أسعار المنتجات الزراعية وانخفاضها، أصبح العائد على الزراعة ضعيفاً وبالكاد يغطي التكاليف.

ولا شك أن هذا الموضوع منوط بالوزارة، فمن مهامها الرفع إلى الجهات العليا عن أبعاد الموضوع وتأثيراته الآنية والمستقبلية، واقتراح الحلول المناسبة، ومن ضمنها اعتماد تعريفة خاصة للمزارعين؛ سواء في أسعار الوقود السائل أو الكهرباء.

المثير للتساؤل، أن الوزارة تبنت برنامجاً حمل مسمى: (إزاحة الوقود السائل) واستبداله بالكهرباء في المزارع، ولم تفكر الوزارة بتبعات هذا القرار الاقتصادية على المُزارع والمشروعات الزراعية، فهناك تكلفة عالية للانتقال من هذا النمط إلى ذاك، والأصل أن يصاحب هذا البرنامج تسهيلات للمزارعين ليس أقلها تخفيض تعرفة استهلاك الكهرباء، رغم أن الأَوْلىٰ والأصْلح -المتماشي مع رؤية ٢٠٣٠- هو التحوّل نحو الطاقة المتجددة، وليس الانتقال من طاقة تسبب التلوث إلى طاقة أخرى مماثلة، فمحطات توليد الكهرباء هي أيضاً من مُلوثّات البيئة.

– زيادة ظاهرة التستر التجاري في القطاع الزراعي، فقد أصبح هذا القطاع مرتعاً خصباً للتستر والعمالة المُخالفة، ويرجع هذا الأمر في أحد جوانبه لارتفاع تكلفة المقابل المالي المقررة على العمالة الوافدة، فبعض المشاريع والمزارع المتوسطة والكبيرة لم تستطع تحمل ارتفاع تكلفة العمالة التي تصل إلى أرقام كبيرة في السنة، وهنا أيضاً يأتي دور الوزارة في العرض على الجهات العليا واقتراح حلول ناجعة؛ ومنها دراسة إمكانية تحمل الدولة المقابل المالي للعمالة الوافدة في المنشآت الزراعية أسوة بالمنشآت الصناعية. المصانع الغذائية التي تعتمد في مادتها الأساسية على منتجات المزارع معفيّة من المقابل المالي، بينما المنشآت الزراعية التي تُنتج تلك المواد لا يشملها الإعفاء.

– يحظى صغار المزارعين باهتمام في برامج الوزارة وأعمالها، وقد نفذت الوزارة في السنوات الأخيرة برامج رائدة لهذه الفئة، لكن هذه الفئة تعاني من جملة مشاكل؛ فبالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الوقود والكهرباء يمثل التسويق معضلة عويصة وقديمة، فالمنتجات الزراعية التي ينتجها المزارع الصغير لا يوجد لها منفذ تسويقي سوى سوق الخضار، الذي يشهد في فترات مختلفة انخفاضات حادة في الأسعار لا تكاد تغطي تكلفة نقل المنتج من المزرعة، وموضوع إنشاء شركة تسويقية تملك وسائل تخزين وتبريد وإمدادات نقل بين مناطق المملكة موضوع قديم ويأتي ذكره في تصريحات مسؤولي الوزارة منذ سنوات، لكنه لم ير النور حتى هذه اللحظة، ورغم التطور الذي تشهده المملكة مع (رؤية ٢٠٣٠) إلا أن هذا الموضوع ظل عصيّاً على التنفيذ، ومما فاقم الأمر أن الوزارة ومن خلال ذراعها التمويلي صندوق التنمية الزراعية توسعت في منح قروض لنشاط البيوت المحمية، وهذا بدوره أدّى إلى زيادة الإنتاج في بعض المناطق، وبالتالي انخفاض الأسعار.

إن مشكلة تسويق منتجات صغار المزارعين تعد معضلة مستمرة، ويعوّل على الوزارة أن تبتكر الحلول والمعالجات المناسبة لها، فالمُزارع هو الحلقة الأضعف في دائرة تسويق المنتجات الزراعية، فبينما يستفيد (الدلاّل) في السوق، وبائعو تجزئة الخضار، والتموينات الكبيرة من هامش ربح ثابت من هذه المنتجات؛ يقع المزارع في فخ الأسعار المنخفضة التي أصبحت سمة من سمات السوق.

إن إيجاد مراكز تسويق وتخزين للمنتجات الزراعية مُزوّدة بسلاسل إمدادات نقل وخدمات لوجستية، يعدّ رافعة مهمة في تنمية القطاع الزراعي، فلا معنى لدعم المزارع الصغير بالقروض وبرامج الوقاية الدورية في الوقت الذي يضيق بمنتجاته ولا يجد من يشتريها إلا بثمن بخس.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى