أخبار العالم

«الصفقة المقنّعة».. هل يعود احتلال غزة من بوابة الأمن ؟ – أخبار السعودية – كورا نيو



في اللحظة التي يُنتظر فيها توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تتقدم الأسئلة على الإجابات، وتتداخل الهواجس مع الآمال. فهل نحن أمام صفقة تُنهي حرباً دموية امتدت منذ أكتوبر 2023، أم أمام مشهد يعيد رسم خريطة القطاع المنكوب على وقع سياسة «الاحتلال الناعم»؟

تتحرك الدبلوماسية على وقع النار، وتبنى التفاهمات فوق ركام البيوت والأحياء، لكنّ أحداً لا يستطيع حتى اللحظة حسم طبيعة المرحلة القادمة: تسوية تنهي الحرب؟ أم تمهيد لوجود إسرائيلي مستدام داخل غزة تحت مسمى «الأمن»؟

في كواليس الصفقة

من واشنطن إلى الدوحة، مروراً بالقاهرة وتل أبيب، تُنسج خيوط اتفاق هشّ يفترض أن يُفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار مقابل صفقة تبادل رهائن ومساعدات إنسانية وربما لاحقاً إعادة إعمار مشروطة.

لكن الحذر يعلو على التفاؤل، إذ تؤكد مصادر دبلوماسية أن الخلاف لا يزال مستمراً حول التوقيت والمرحلية، خصوصاً في بند انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.

فبينما تبدي إسرائيل «مرونة جزئية» وفق تسريبات دبلوماسية، تُصر على إبقاء ما تسميه «نطاقاً أمنياً» جنوب غزة في ما يشبه إعادة صياغة لمفهوم الاحتلال، ولكن بلغة جديدة: قوات منتشرة، مسيّرات دائمة وسيطرة استخباراتية على المعابر، وكل ذلك خارج التعريف التقليدي للاحتلال.

وفي هذا الإطار، أعلن البيت الأبيض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيزور واشنطن في الـ7 من يوليو، بدعوة من الرئيس دونالد ترمب، لبحث «ترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار»، وسط حديث متزايد عن صفقة أسلحة ضخمة، وتفاهمات أمريكية – إسرائيلية تتجاوز حدود غزة إلى الإقليم الأوسع.

العقبة الأهم والرؤية المتناقضة

تكمن المعضلة في التناقض الجذري بين أهداف الطرفين: إسرائيل ترى أن انسحاباً كاملاً من دون «ضمانات ميدانية» يعني تكرار سيناريو 2005؛ أي الانسحاب دون نتائج سياسية حاسمة، مع بقاء حماس.

أما حماس، فتعتبر أن بقاء أي جندي إسرائيلي على الأرض، أو استمرار الحصار، يعني أن الحرب لم تنتهِ بعد، وأن وقف إطلاق النار مجرد استراحة مقنّعة لاحتلال يتجدد بأدوات أكثر نعومة.

في هذا السياق، طرحت مصر وقطر تصوراً يقضي بانسحاب متدرج ومتزامن مع إطلاق الرهائن، وتشكيل لجنة أمنية عربية تشرف على الانتقال. لكن إسرائيل ترفض أي صيغة تتضمن «انسحاباً غير مشروط»، فيما تُبقي الإدارة الأمريكية على غموضها التكتيكي؛ دعماً لنتنياهو في الداخل وحرصاً على عدم انفراط التفاهم الإقليمي.

مواقف متباينة.. وسكوت دولي في المشهد الدولي، تبرز مفارقة لافتة: الإدارة الأمريكية تدفع باتجاه «هدنة ممكنة»، لكنها لا تمارس ضغطاً حقيقياً على تل أبيب للانسحاب الكامل.

الأمم المتحدة تكتفي بالتحذير من «كارثة إنسانية»، من دون توصيف دقيق للوضع القانوني للوجود الإسرائيلي المرتقب.

الاتحاد الأوروبي منقسم، فيما تعتمد العواصم العربية مقاربة دبلوماسية حذرة، باستثناء المبادرات المصرية والقطرية التي حافظت على وتيرتها.

في غزة، يبدو المشهد أبعد من الدبلوماسية. فالقصف يتواصل في مناطق تعتبر آمنة، وسقوط المدنيين بات يومياً. في موازاة ذلك، تبني إسرائيل «ممراً عسكرياً» يفصل القطاع، وتفرض وقائع على الأرض، في ما يشبه وضع اليد على مناطق معينة، بحجة «تأمين ما بعد الحرب».

ماذا تريد إسرائيل؟

التحليلات الإسرائيلية نفسها منقسمة بين فريق يرى أن بقاء الجيش في غزة ضرورة مرحلية لضمان عدم عودة حماس إلى الحكم. وفريق آخر يحذر من «مستنقع سياسي وعسكري» يشبه ما واجهته إسرائيل في جنوب لبنان.

لكن ما يجمع عليه الطرفان هو أن إسرائيل لا تثق بأي صيغة تتيح لحماس استعادة نفوذها، حتى ضمن حكومة فلسطينية موحدة؛ ما يعني أن إعادة تأهيل غزة سياسياّ بعد الحرب ما زال رهن التفاهمات الدولية، وليس بقرار فلسطيني خالص.

نحو أي أفق؟

السؤال الجوهري اليوم لم يعد: متى ستنتهي الحرب؟ بل كيف ستنتهي؟ هل نكون أمام «نهاية مفتوحة»، تُبقي غزة بلا حكم واضح، ووسط وصاية أمنية غير معلنة؟ أم أن التسوية ستنجح في إرساء حد أدنى من التوازن بين الأمن الإسرائيلي والسيادة الفلسطينية؟.

وماذا لو رفضت حماس الصيغة الأخيرة من الاتفاق، وقرر نتنياهو الاستمرار في العمليات البرية؟ هل نحن أمام هدنة مؤقتة.. أم استنزاف طويل؟

بين الحديث عن «صفقة تاريخية» وواقع ميداني يكرّس نوعاً جديداً من السيطرة، يبقى الغموض هو الحاكم.

المشهد أمامنا ليس فقط اختباراً للنيات الإسرائيلية، بل أيضاً للقدرة الدولية على فرض تسوية عادلة.

فإن تمت الصفقة على قاعدة إنهاء العدوان وانسحاب حقيقي قد نكون أمام بداية مسار سياسي جديد.

أما إن كانت مجرد تغليف ناعم لإعادة الاحتلال، فستكون مقدمة لجولة عنف أخرى، بصيغة أكثر تعقيداً.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى