أخبار العالم

الطب الجينومي والتقنيات العصبية لخدمة الإنسان..! – أخبار السعودية – كورا نيو



مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة لبنة من لبنات الخير لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، باستحداث أفضل التطبيقات العلمية وإعداد برامج علمية تتصدى للإعاقة ومسبباتها، والتدخل المبكر لتخفيف معاناتهم وتحسين ظروفهم ليصبحوا قوى عاملة منتجة ومشاركة في بناء المجتمع.
بالأمس القريب تلاقت على أرض الرياض المعرفة الطبية بالبحث العلمي بالتقنية المتقدمة في فضاء إنساني نبيل، تجلّت فيه معاني الرقي الحضاري في أبهى صورها في ملتقى أبحاث الإعاقة الأول، الذي نظمه مركز الملك سلمان بالتعاون مع جامعة الملك سعود، شارك فيه ثلة من العلماء والخبراء من داخل المملكة وخارجها، تحت شعار «نبحث اليوم لنتمكن غداً»
على خطى الرؤية القديرة تتهادى السعودية بخطوات واثقة نحو ريادة علمية عالمية في مجال الرعاية المتقدمة لذوي الإعاقة، التي جعلت تمكين الإنسان وصون كرامته محوراً لنهضتها التنموية.
في هذا الملتقى تعددت المشاركات وتنوعت وبرز دور المملكة الحريص على مساعدة هذه الفئة الغالية من خلال ورقة العمل التي شارك بها المستشار في الديوان الملكي الرئيس التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور ماجد بن إبراهيم الفياض، مشاركة تُؤكد أن المملكة باتت تكتب فصولاً جديدة في تاريخ الطب الجينومي والهندسة العصبية، بوصفهما ركيزتين لمستقبل الرعاية الصحية لذوي الإعاقة.
فالإعاقة ليست مجرد حالة طبية، بل تحدٍّ حضاري وإنساني يستوجب تسخير العلم والتقنية للحد من أسبابها وتمكين المصابين من حياة أكثر استقلالاً.
هذا التحوّل الجوهري يجعل من الطب الجينومي أداة وقائية فاعلة، قادرة على اكتشاف الاستعداد الوراثي للأمراض قبل وقوعها، بما يتيح فرص التدخل المبكر والحد من مضاعفاتها.
ولعل من أعظم ما تحقق على يد باحثي «التخصصي» أن 10% من الجينات المسبّبة للأمراض تم اكتشافها عالمياً بمساهمات علمية سعودية، جعل المملكة في مصاف الدول الرائدة في علم الجينوم البشري مع تضاعف عدد الفحوص الجينومية في المستشفى من 22 ألف اختبار في 2022 إلى أكثر من 44 ألف اختبار في 2024، لتتضح ملامح استراتيجية وطنية طموحة لجعل التحليل الجينومي جزءاً من الرعاية الأساسية لكل مريض، خاصة في حالات الإعاقة الوراثية النادرة.
في الملتقى قدّم الدكتور الفياض عرضاً مثيراً لما تحقق في مجالات التحفيز العصبي والطب التجديدي والهندسة العصبية الترجميّة، وهي ميادين تُعيد تعريف العلاقة بين الطب والتقنية وعن تطوير رقائق عصبية قابلة للزراعة لاستعادة الحركة والتواصل لدى المصابين بإصابات الحبل الشوكي أو الزهايمر، حقيقة يجري العمل عليها في مختبرات «التخصصي» بتكامل فريد بين الأطباء والمهندسين.
فالدمج بين التخصصات يُعبّر عن فلسفة جديدة في الطب الحديث تسعى لإعادة تأهيل الوظائف الحيوية واستعادة القدرات الإنسانية، في رؤية تُعيد الأمل إلى آلاف الأسر التي تكابد صعوبات الإعاقة.
تجارب لا تستهدف فقط استعادة الحركة الجسدية، بل تحفيز الدماغ لبناء مسارات عصبية بديلة، تجعل الإنسان شريكاً في عملية الشفاء، لا مجرد متلقٍّ للعلاج.
تطرّق الدكتور الفياض إلى دور التحليل متعدد الطبقات في تشخيص اضطرابات التوحّد، مؤكداً أن دمج الذكاء الاصطناعي مع بيانات الجينوم والسلوك العصبي رفع دقة التشخيص إلى 40%، رقم يفتح الباب لعصر جديد من العلاج الشخصي الذي يُصمم وفق خريطة المريض الجينية والعصبية الخاصة به.
تكامل يُجسّد مستقبل الطب الدقيق، حيث يتحوّل كل مريض إلى حالة فريدة تستحق خطة علاجية مصممة خصيصاً له، مستندة إلى بيانات بيولوجية وسلوكية دقيقة.
ما يميّز الخطاب العلمي والطبي اليوم هو اتساقه مع رؤية المملكة التي جعلت التمكين والجودة والشمولية مرتكزات لسياسات التنمية ودعم الأبحاث المتخصصة وبناء الشراكات المؤسسية، وطموح القطاع الصحي والتخصصي للتعبير عن رؤية وطنية لبناء مجتمع إنساني متكامل يحتضن جميع فئاته.
فالإعاقة في مفهوم الرؤية ليست عجزاً، بل فرصة لابتكار حلول جديدة، ولتأكيد أن الإنسان هو محور كل تقدم.
هنا، تتجلّى مسؤولية المؤسسات العلمية والطبية في تحويل البحث العلمي إلى قيمة اجتماعية ملموسة، تُسهم في تحسين جودة الحياة وتحقيق العدالة الصحية للجميع.
كلمة الدكتور الفياض لم تكن عرضاً لإنجازات فنية أو بيانات رقمية، بل كانت بياناً إنسانياً وعلمياً يضع الإنسان في صدارة الاهتمام. فالطب الجينومي، والتقنيات العصبية، والهندسة الترجميّة، أدوات لاستعادة جوهر الإنسان، وإعادة تعريف معنى الحياة الكريمة رغم الإعاقة.
هذا الملتقى بطروحاته العلمية ورؤاه الاستراتيجية، يؤكد أن السعودية لم تعد مجرد متلقٍ للتقنية، بل أصبحت صانعة لمستقبل الإنسان، تُسهم في رسم ملامح العالم القادم، حيث يُصبح الطب أكثر دقة، والرعاية أكثر إنسانية، والعلم أكثر اقتراباً من الروح.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى