أخبار العالم

العلم يطعم البشر ! – أخبار السعودية – كورا نيو



للوهلة الأولى، ولغير المختصين والمتابعين، تبدو العلاقة بين العلم والابتكار، وبين توفير الغذاء غير واضحة، أو غير موجودة أصلاً. ومنذ احترف الإنسان الزراعة قبل ما يزيد على 9 آلاف سنة وهو يختار ويجرب ويؤقلم ويكاثر ما يفي باحتياجاته من نباتات أو حيوانات، ويستبعد ما لا يناسبه منها، وكان بذلك يضع أولى ركائز الاستقرار وبناء الحضارات. ومع مرور الزمن، وازدياد أعداد البشر في الحواضر والمدن، ازدادت الحاجة لكميات أكبر من الغذاء، فشرع الإنسان في استصلاح الأراضي، وتطوير الممارسات والتقنيات الزراعية، واستئناس المزيد من النباتات والحيوانات لتلبي احتياجاته من الغذاء والكساء والدواء.

وبالانتقال إلى عصرنا الحديث، وتحديداً خلال السنوات الخمسين الماضية، اتضح دور العلم والتقنية بشكل كبير في تطوير الإنتاج الزراعي، وتوفير الغذاء لسكان الكرة الأرضية الذين تزداد أعدادهم باستمرار، وتبيّن أن هناك رابطاً وثيقاً بين ما يجري في المعامل وحقول التجارب الزراعية، وبين مضاعفة الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، ما أسهم في توفير الغذاء، وإنقاذ مئات الملايين من المجاعة.

إن تضاعف الإنتاج لكثير من المنتجات الزراعية خلال العقود الماضية، وارتفاع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية هو نتاج عصارة أفكار وتجارب العلماء والباحثين في مجالات عديدة كالوراثة، والفسيولوجيا، والأحياء، وعلوم التربة، والمياه، والهندسة الزراعية، وغيرها. ويمكن توضيح الدور الحيوي للعلم في تعزيز إنتاج الغذاء بالأرقام والحقائق التي تعكس هذا التطور على مستوى العالم:

• على الرغم من أن مساحة الأراضي الزراعية زادت بنحو 12% فقط خلال 50 سنة، إلا أن الإنتاج الزراعي زاد بأكثر من 200%، ما يدل على أن تلك الزيادة تعود إلى تحسين الكفاءة الإنتاجية وليس إلى التوسع الأفقي، والفضل في ذلك للعلماء والباحثين.

• ما بين عام 1970 و2020 تضاعف الإنتاج العالمي من الحبوب (وهي الغذاء الرئيسي لنصف سكان الأرض)، فإنتاج القمح مثلاً قفز من حوالى 300 مليون طن إلى أكثر من 770 مليون طن، وارتفع إنتاج الأرز بنسبة مقاربة.

• في الولايات المتحدة، ونتيجة الجهود الحثيثة لعلماء المحاصيل والهندسة الوراثية، زاد إنتاج الهكتار من الذرة الصفراء (وهي غذاء رئيسي، ومكون مهم في صناعة الأعلاف) من حوالى 4.5 طن/‏هكتار عام 1970، إلى أكثر من 10.5 طن/‏هكتار عام 2020.

• وفي اليابان ازداد إنتاج بعض المحاصيل الزراعية بمقدار 100 ضعف في الزراعة العمودية والمائية مقارنة بالزراعة التقليدية.

ولا يقتصر تطوير المحاصيل الزراعية على جانب الكم فقط، بل شهدت المحاصيل الرئيسية تحسيناً ملموساً في خصائصها، ومقاومتها للآفات والأمراض، والتطرف المناخي، والإجهاد المائي، ونجح العلماء على سبيل المثال في إنتاج محاصيل حبوب مدعمة بالحديد والزنك وغيرها من العناصر الضرورية.

ولم يكن الشق الحيواني من الإنتاج الزراعي أقل حظاً في التطوير والابتكار؛ فقد شهد إنتاج اللحوم، والألبان ومشتقاتها، والبيض، والأسماك والمنتجات البحرية الأخرى تحسّناً مذهلاً خلال عدة عقود، فعلى سبيل المثال زاد إنتاج الألبان واللحوم بنسبة بلغت 40% في بعض القطعان المحسنة وراثياً، كما قل نفوق الحيوانات بنسبة تجاوزت 30%، وأدت التقنيات الحديثة إلى انخفاض الوقت اللازم للحلب بنسبة 50%، ونجحت أبحاث التهجين والتغذية في زيادة إنتاج البيض بنسبة تخطت 30%، كما ازداد وزن الدواجن بأكثر من 360%، وأسهمت الدراسات والأبحاث في إحداث نقلة نوعية في الاستزراع السمكي، فتضاعف الإنتاج من حوالى 15 مليون طن إلى أكثر من 82 مليون طن في عام 2020.

النتائج المبهرة التي يحققها العلم والتقنية في المجال الزراعي بالغة الأهمية بالنظر إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى حوالى 10 مليارات نسمة عام 2050، ما يستلزم -وفقاً لمنظمة الفاو – زيادة إنتاج الغذاء بنسبة 70% لتلبية الطلب المتزايد.

ومع ازدياد الطلب على الغذاء عالمياً، وتأثير التغير المناخي، وتدهور الأراضي، تتأكد الحاجة إلى التطوير والابتكار المبني على الدراسات والأبحاث، وأصبحت التقنيات المتقدمة كالذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والاستشعار عن بُعد، والطائرات المسيّرة، والزراعة الذكية وغيرها، جزءاً من ممكّنات الأمن الغذائي العالمي. وفي الخمسيين سنة الأخيرة تضاعف الإنفاق العالمي على البحث والابتكار في المجال الزراعي، وفي الدول المتقدمة، فإن كل دولار يُنفق على البحوث الزراعية، يحقق عائدًا يصل إلى 10 دولارات من الناتج الزراعي.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى