أخبار العالم

المرض في الأجواء – أخبار السعودية – كورا نيو



المرض حالة ضعف يحتاج معها الإنسان لمن يتعاطف معه ويساعده، والسفر له مشقته ووعثاؤه، فإذا اجتمعا كان الضعف مضاعفاً والخوف من التداعيات أكبر.

المرض في السفر مربك، ويكون أشدّ حينما يقع في الطائرة، حيث المساحة ضيّقة والحركة محدودة والإمكانات الطبية شحيحة.

قوانين الطيران الدولي راعت هذا الجانب وأولت سلامة المسافر أهمية كبرى، فألزمت الشركات بوجود حقيبة إسعافات وأجهزة أساسية مثل جهاز تنظيم ضربات القلب (AED) وأسطوانات الأوكسجين، وفرضت على الطاقم تقديم الدعم الطبي في حدود ما تدربوا عليه، وسمحت لقائد الطائرة بالعودة أو الهبوط الاضطراري متى استدعت الحالة.

الأسبوع الماضي كتب أحد المسافرين منشوراً على منصة «X» روى فيه معاناة والدته من نقص الأوكسجين أثناء السفر ورفض أحد أفراد الطاقم استخدام الأسطوانة القريبة من المقعد.

المنشور أثار نقاشاً واسعاً بين متعاطف مع المريضة وملقٍ باللوم على المضيف، وهنا تكمن الإشكالية، فالمريض (أو قريبه) يرى الأمر من زاوية إنسانية عاجلة بينما الطاقم ملزم بأنظمة دقيقة ومحاذير محددة في استخدام الأدوات الطبية وفق تعليمات الشركة واللوائح الدولية، خشية سوء الاستخدام أو نفادها قبل الضرورة القصوى.

الإحصاءات العالمية تكشف أن الحالات الطبية على متن الطائرات ليست استثناء، فالدراسة التي أجرتها مجلة New England Journal of Medicine بيّنت أن حالة واحدة تقع لكل 604 رحلات، أي ما يفوق 61 ألف حالة سنوياً، أما اتحاد النقل الجوي الدولي «IATA» فأكد أن ما بين 2% إلى 5% من الرحلات الطويلة تشهد حالة طبية تحتاج إلى تدخل الطاقم أو طبيب على متن الرحلة، أكثر الحالات شيوعاً هي الإغماء وصعوبة التنفس وألم الصدر وارتفاع الضغط، في 6% فقط من هذه الحالات اتخذ قائد الطائرة قرار الهبوط الاضطراري حفاظاً على حياة الراكب، وكأن السماء على سعتها تضع الإنسان أمام هشاشته بأوضح صورها، وتذكّره أن التكنولوجيا مهما تقدّمت لا تعفيه من ضعفه البشري.

الأرقام توضّح أن ما يبدو حادثاً فرديّاً هو في الحقيقة واقع متكرر، ومن هنا تأتي أهمية وعي المريض بحقوقه ومعرفة المسافرين بالإجراءات النظامية، حتى لا يختلط الشعور الإنساني بالخوف مع سوء فهم التعليمات، فالتثقيف بآليات التعامل مع الحالات الطبية يعزّز الثقة ويؤكد أن ما يُظنه أحياناً «قسوة» من الطاقم قد يكون «التزاماً ضرورياً» بالسلامة.

في النهاية، الوعكة في الطائرة تجربة إنسانية حساسة، تتقاطع فيها الرحمة مع النظام، وتحتاج من الجميع إلى وعي وتقدير.. من المسافر أن يعرف ما له وما عليه، ومن الطاقم أن يوازن بين التعليمات والإنسانية، وعلى الشركات الناقلة أن تدرك أن حسن التعامل مع هذه الحالات جزء من سمعتها، وأن تدريب المضيفين على الصبر والتفهم في مواجهة مختلف المواقف الطبية يعدّ استثماراً في ثقة المسافر وولائه، فمهما ضاقت الدروب ينبغي أن تتسع القلوب.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى