دراسة أمريكية: تغريداتك تكشف حالتك النفسية.. حتى قبل أن تعترف بها؟ – أخبار السعودية – كورا نيو

أظهرت دراسة بحثية أمريكية حديثة أن السلوك الذي يظهره المستخدم في منصّات التواصل الاجتماعي يمكن أن يتحول إلى نافذة تكشف حالته النفسية قبل أن يصرّح بها، وأن علامات القلق والاكتئاب قد تتسرّب من خلال اللغة والصور وأنماط التفاعل أكثر مما يتوقعه الفرد نفسه.
الدراسة، التي نُشرت في مكتبة أَرْكايِف العلمية المفتوحة التابعة لـ جامعة كورنيل الأمريكية في 11 نوفمبر 2025، حملت عنوان «وسائل التواصل من أجل فهم الصحة النفسية: البيانات والأساليب والنتائج»، وأعدّها فريق من الباحثين هم نور شازواني كامارودين، غزالة بيگي، ليديا مانيكوندا، وهوان ليو.
وتنطلق الورقة من نتيجة محورية مفادها أن المحتوى الرقمي – كتابةً وصوراً وتفاعلاً – لم يعد مجرد تعبير اجتماعي، بل هو مساحة تنكشف من خلالها التوترات النفسية الدقيقة. وتشير الأدبيات التي استعرضتها الدراسة إلى أن تغيّر نبرة اللغة، أو ازدياد المفردات ذات الطابع السلبي، أو تراجع مستوى النشاط الاجتماعي الرقمي، كلها علامات يمكن أن ترتبط باضطرابات نفسية مبكرة. وتضيف أن ما يسمى بالانسحاب الرقمي، المتمثل في انخفاض الردود، وتراجع الوجود الاجتماعي، وتوقف التفاعل لفترات طويلة، هو سلوك رُبط في الأبحاث السابقة بالقلق والاكتئاب ومشاعر الانعزال.
وترى الدراسة أن تحليل هذه الإشارات يعتمد بشكل أساسي على قراءة البيانات اللغوية والبصرية، إذ يعكس اختيار الكلمات، وإيقاع الجمل، وتكرار موضوعات معينة، تحولات في المزاج لا تظهر مباشرة في الحياة اليومية. كما تمثل الصور- من ألوانها إلى طبيعة الأماكن الظاهرة فيها- مؤشراً بصرياً يكمل الصورة النفسية للمستخدم، ويكشف جوانب يصعب على الطرق التقليدية رصدها.
ومع ذلك، تحذر الورقة من فجوات واسعة تعيق تطور هذا النوع من التحليل النفسي الرقمي. فالغالبية العظمى من الدراسات السابقة تعتمد على اللغة الإنجليزية وحدها، مما يُسقط ملايين المستخدمين غير الناطقين بها من إطار التحليل العلمي. كما تعاني الأبحاث من نقص حاد في البيانات المصنّفة المخصصة لأغراض الصحة النفسية، إضافة إلى غياب تشريعات واضحة تضمن استخداماً مسؤولاً للمحتوى الشخصي دون الإضرار بخصوصية الأفراد.
وتوصي الدراسة بضرورة الانتقال نحو منظومة بحثية أكثر شمولاً، تتضمن لغات متعددة، وثقافات متنوعة، وأدوات تحليل تراعي السياق الاجتماعي والنفسي لكل مجتمع. كما تشدد على أهمية وضع أطر قانونية صارمة تحمي المستخدم عند تحليل بياناته الرقمية، وتمنع إساءة استغلالها تجارياً أو سياسياً أو دعائياً.
وتختتم الورقة بالتأكيد على أن العالم الرقمي بات يكشف من الإنسان ما لا يقوله مباشرة؛ فالمفردات التي يكتبها، والصور التي يشاركها، وحتى لحظات غيابه عن المنصّات، كلها تحوّلت إلى علامات تُقرأ في سياق الصحة النفسية. وبين هذا الواقع والفجوات البحثية القائمة، يبقى التحدي الأكبر هو تحويل هذه المؤشرات إلى أدوات دعم لا أدوات مراقبة.
المصدر : وكالات



