أخبار العالم

الأرض المحروقة! – أخبار السعودية – كورا نيو



عقب التوصل لاتفاق لإيقاف الحرب والسعي لإنهاء النزاع بين حماس وإسرائيل في محاولة جادة لوقف ذلك الصراع الذي امتد لعامين، قتل فيهم عشرات الألوف وجرح مئات الآلاف، وبات القطاع في حالة دمار شبه كاملة، بعد أن تم تدمير الغالبية الساحقة من البنى التحتية والمرافق الأساسية وتم قصف المستشفيات والمدارس، وتوقفت الحركة في القطاع الذي خلا من كل شيء عدا أصوات القصف ورائحة الموت التي انتشرت في كل ركن وزاوية في قطاع غزة المحاصر، في واحدة من أكبر المآسي البشرية التي مرت على المنطقة، ومن المؤسف أن يكون كل ذلك قد تم على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
عقب مرور عامين عصيبين ليس فقط على سكان قطاع غزة بل على المنطقة ككل، في حروب طالت لبنان وسوريا واليمن وإيران، تم السماح أخيراً بعودة مئات الآلاف من سكان القطاع لديارهم التي لم يعد لها أثر، فقد أضحت ركاماً موحشاً بعد أن كانت تعج بالحياة والحركة من قبل سكان القطاع قبل عامين فحسب، لقد تحوّلت البيوت إلى أنقاض وغدا مجرد النجاة من المجازر الوحشية إنجازاً عظيماً يستحق الاحتفاء.
لا شك في أن جزءاً لا يستهان به من تلك المنازل المدمرة والمرافق المهدمة قام الجيش الصهيوني بتدميرها وقصفها عمداً، لئلا يتمكّن السكان من العودة لسكناها مرة أخرى مما يزيد من تعثر عودة سكان القطاع له واستقرارهم فيه، فإسرائيل لا تخفي شعورها بالنقمة والحنق لمجرد رؤية فلسطيني واحد يعيش بجوارها، فماذا عن أكثر من مليوني فلسطيني يقيمون ويستقرون بالقرب من حدودها؟! لذلك لا يخفى على أي متابع الهدم العمدي الاعتسافي لمنازل سكان القطاع على مدار عامين من الاقتتال الدامي، ولم تقتصر آلة الحرب الإسرائيلية على قصف وهدم منازل سكان قطاع غزة بل طالت منازل الفلسطينيين من سكان الضفة أيضاً، فسياسة هدم منازل الفلسطينيين جزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الإسرائيلية في الاستحواذ على الأراضي العربية، وهو أمر مثبت تاريخياً وتؤكده الوقائع يوماً بعد يوم.
تابعت كغيري -عبر العديد من المواقع الإخبارية- وقائع عودة سكان القطاع لديارهم المهدمة، وقد اتضح بشكل تام أن قسوة آلة الحرب الإسرائيلية ووحشيتها التي طالت سكان غزة قد فاقت كل التصورات، ومن المؤكد أن جيش الاحتلال قام بتبني وتنفيذ سياسة الأرض المحروقة بشكل ممنهج وليس عشوائياً، فبعد محاولاته العديدة والمستميتة واليائسة والفاشلة لتهجير وتوطين سكان القطاع لأي مكان خارج القطاع وبأي ثمن، لم يجد أمامه من حلول وحشية سوى هدم المنازل وتسويتها بالأرض حتى لا يستفيد منها سكان القطاع حال عودتهم.
يدور الحديث الآن في أروقة السياسة عن تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تشمل حكم غزة وإعادة إعمارها، وفي واقع الأمر لا أعلم عن أي إعمار يتحدثون، فقد تم تدمير ما يقارب من 80 % من مقوّمات الحياة في القطاع سواء كانت بنى تحتية أو مرافق أو مباني سكنية أو مستشفيات أو مدارس، فقد أضحت غزة مدينة مدمرة بمعنى الكلمة، الكثير من أحيائها غير صالحة للسكنى، ولقد تمنيت أن يزور القطاع هؤلاء الساسة والمسؤولون الغربيون الذين لطالما دافعوا عن إسرائيل وعن سياساتها الخرقاء، ويتجولون بين أحيائها وشوارعها المدمرة ليتيقّنوا بأنفسهم مما آلت إليه الأوضاع والأمور، ويعرفون حق المعرفة حقيقة من كانوا يدافعون عنهم.
من الواضح أن النهج الوحشي في تدمير القطاع عمداً وتقويض بنيته التحتية ومرافقه الأساسية وجعله مكاناً غير صالح للحياة ليس تجنّياً على إسرائيل ولا حتى مجرد استنتاج تحليلي لسلوكياتها الدموية في القطاع، فقبل أسابيع صرح وزير المالية الإسرائيلي المعروف بتطرّفه وتصريحاته المستفزة بأن تدمير القطاع متعمد وله هدف؛ وهو تدميره بهدف استيطانه لاحقاً، وهو التصريح الذي لخّص النهج والإستراتيجية الإسرائيلية الكامنة وراء الهجوم الشرس على قطاع غزة، ولعل نهج إسرائيل في تدمير القطاع يوضح جلياً سلوكها في اتباع سياسة الأرض المحروقة في كافة الحروب التي خاضتها.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى