أخبار العالم

الإغراق التجاري في السوق السعودية.. بين التحديات والتشريعات – أخبار السعودية – كورا نيو



منذ أن أطلق ولي العهد رؤية المملكة 2030، شهد الاقتصاد السعودي نقلة نوعية جعلت السوق المحلية مقصداً لرؤوس الأموال الأجنبية، إذ كشف تقرير وزارة الاستثمار ارتفاع عدد الشركات العالمية، التي اتخذت المملكة مقراً إقليمياً لها إلى أكثر من 600 شركة، وهو رقم يعكس الثقة المتنامية في متانة الاقتصاد السعودي، وقد ترافق هذا النمو السريع مع حزمة من التشريعات التنظيمية، التي تواكب الإصلاحات الاقتصادية، وتضمن حماية المنافسة العادلة في السوق السعودية.

تكافؤ الفرص

إلا أن هذه الجاذبية الاقتصادية الكبيرة لم تخلُ من التحديات أبرزها الممارسات التجارية الضارة التي لجأت إليها بعض الشركات الأجنبية، من خلال بيع منتجاتها في السوق السعودية بأسعار أقل من قيمتها العادية، أي أدنى من سعرها في بلد التصدير، وذلك بهدف الاستحواذ على حصة سوقية أكبر على حساب المنتجين والمصنعين المحليين، وتعرف هذه الممارسات في القانون التجاري الدولي بما يسمى «الإغراق التجاري»، وهو سلوك تجاري قد يخل بمبدأ تكافؤ الفرص ويؤدي إلى منافسة غير عادلة، إذ تجد الشركات السعودية نفسها أمام سلع مستوردة رخيصة بشكل مصطنع مما ينعكس سلباً على قدرتها التنافسية، ولا يقف أثر الإغراق عند هذا الحد بل يمتد ليلحق أضراراً جسيمة بالصناعة المحلية تشمل تراجع المبيعات، وتكدس المخزون، وانخفاض الأرباح، مما قد يدفع بعض المصانع المحلية إلى خفض الإنتاج أو حتى إيقافه وتسريح العمالة.

الممارسات التجارية الدولية الضارة

استشعرت المملكة مبكراً خطورة هذه الظاهرة فمنذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2005، أولت أهمية كبرى في سن تشريعات محلية تعنى بمكافحة الممارسات التجارية الدولية الضارة ويأتي في مقدمتها نظام المعالجات التجارية في التجارة الدولية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/60) بتاريخ 23/11/2022م، إذ أسند النظام إلى الهيئة العامة للتجارة الخارجية مهمة التحقيق في الشكاوى، ودراسة الجوانب الفنية والقانونية، والتحقق من وجود الضرر والعلاقة السببية، ثم رفع التوصيات بفرض الرسوم أو التدابير المؤقتة عند الحاجة، مما يعكس حرص المملكة على إيجاد التوازن بين حماية المنتجين والمصنعين المحليين وضمان المنافسة العادلة مع المستوردين، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030 في تعزيز بيئة تنافسية استثمارية عادلة ومستدامة، كما قامت المملكة بالانضمام إلى اتفاقيات دولية وخليجية في مجال مكافحة الإغراق.

مكافحة الإغراق

وضعت المملكة أطراً قانونية لمكافحة الإغراق تتماشى مع الممارسات الدولية في هذا المجال، إذ يطبق الاتحاد الأوروبي تدابير مكافحة الإغراق على بعض المنتجات الواردة من الصين لحماية السوق الأوربية من المنافسة غير العادلة، كما فرضت الصين رسوماً جمركية عالية على منتجات كيمائية واردة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان وتايوان، مما يعكس حرص الدول على حماية الصناعة المحلية من الممارسات التجارية الضارة.

مسؤولية الشركات الوطنية

وختاماً، يبقى دور المصنعين والمنتجين المحليين محورياً في التصدي للإغراق، فلا يمكن للهيئة وحدها التحرك للتصدي للممارسات التجارية الضارة، ما لم يبادر المصنعون والمنتجون المحليون برصد الممارسات الضارة وتقديم الشكوى المدعمة بالأدلة إلى الهيئة، ومن هنا تبرز مسؤولية الشركات الوطنية خصوصاً المساهمة منها، في حماية حصتها السوقية والدفاع عن حقوق مساهميها، من خلال الاستفادة من الأطر النظامية والدعم المتاح من الجهات المعنية، واللجوء إلى بيوت الخبرة المتخصصة لتقديم الدعم القانوني. ويبقى السؤال الأهم، كيف يمكن للمصنعين والمنتجين المحليين تجاوز تلك التحديات في ظل الدعم الحكومي للقطاع، ووجود تشريعات تنظيمية لمكافحة الإغراق في السوق السعودية؟

عبدالله محمد الدوسري

محامٍ متخصص في قضايا الإغراق

Abdullah.aldosari@atad-lawfirm.com

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى