الحد الفاصل بين التوحش والتحضر – أخبار السعودية – كورا نيو

للإنسان طبيعتان؛ طبيعة دنيا غرائزية حيوانية متوحشة لا واعية مشتركة مع الحيوانات ومركزها غريزة غرور الأنا/الكبرياء/الايجو، وطبيعة عليا ربانية واعية يتفرد بها الإنسان ومركزها المثاليات العليا كالعقلانية والحكمة والضمير الأخلاقي، ولأن غالب الناس غافلون عن الوعي وبلا تكريس أخلاقي واعٍ فهم مسيّرون بالكامل بالطبيعة الدنيا الغرائزية الحيوانية المتوحشة اللاواعية، وهذا معنى قول المستنيرين وعلي بن ابي طالب «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا -استيقظوا-» ولذا الشيء الوحيد الذي يحول بين اقتراف غالب الناس لأفعال التوحش والتزامهم بالسلوك المتحضر هو وجود سلطة الدولة التي يفترض أن تمثل مثاليات الطبيعة العليا، ومما يثبت هذه الحقيقة ما حصل عندما انسحبت القوات الحكومية السورية من السويداء بسبب استعانة المتمردين بالطيران الإسرائيلي الذي قصف القوات الحكومية فصارت تخرج من السويداء مقاطع بأفظع أعمال التوحش كربط ذراعي طفل بسيارتين تسيران باتجاهين متعاكسين حتى خُلعت ذراعاه، ومثال على ما يحصل عندما تكون السلطة المسيطرة لا تمثل الطبيعة العليا هو حكم الجماعات الإسلامية كداعش التي تفننت بالهمجية والسادية والطائفية والتكفير، وطالبان باكستان بمنطقة القبائل بعملياتها الإرهابية وعنصريتها ضد الإناث، حيث فجّرت مئات مدارس البنات وقتلت المدرسات والطالبات والأطباء الذين يعطون الأطفال التطعيمات لفتوى بتحريمها، ويحكم مجلس قضاء القبائل بالاغتصاب الجماعي لأخت من يكلم فتاة وإجبارها على السير عارية، وحكم طالبان بأفغانستان لا يمثل الطبيعة العليا لظلمه وعنصريته ضد الإناث ومنع تعليم وعمل الإناث وخروجهن من البيت بدون محرم، وحكم حماس لا يمثل الطبيعة العليا لأنه مسير بغريزة حمية غرور الأنا/الكبرياء وليس بالحكمة والعقلانية الواقعية التي تمثل الطبيعة العليا، ولذا لا يبالي بعواقب عملياته على شعب غزة، وبالصحيح أول من ستسعر بهم النار يوم القيامة مجاهد «ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله له في ماذا قُتلت؟ فيقول: أُمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قُتلت، فيقول الله له: كذبت. وتقول له الملائكة: كذبت. ويقول الله: بل أردت أن يُقال فلان جريء»، أي المجاهد لم يكن يعي أن دافعه الحقيقي غرور الأنا، فالجهاد المشروع ينفع الناس ويجلب لهم الأمن، وعمليات حماس تضر أهل غزة وتجلب عليهم الإبادة، ومفتي غزة الشيخ الدكتور «سلمان الداية» أفتى بحرمة عمليات حماس ضد إسرائيل لما تجلبه من ضرر على الفلسطينيين، بينما صرح «خليل الحية» -نائب المكتب السياسي لحماس- بمؤتمر أن «الأموال التي تعطى لحماس هي لحماس فقط وليست لشعب غزة»، ومسؤولية الإنفاق على الشعب للأمم المتحدة، والقيادي بحماس «غازي حمد» قال ببرنامج إن الحركة ستكرر عملية 7 أكتوبر مهما كانت التبعات على أهل غزة، وقال وزير داخلية حماس «فتحي حماد» بمقابلة «نحن نشجع إسرائيل على القصف لأنها تجلب لنا بذلك التعاطف مما يساعدنا على التوسع والانتشار». ولمعرفة مدى انحراف هذا المنطق يجب مقارنته بالموقف الحكيم للرئيس السوري أحمد الشرع الذي امتنع عن الرد على الهجوم الإسرائيلي وسحب قواته حفظاً لدماء شعبه، ورغم جرائم المتمردين بالسويداء بقي خطاب الرئيس الشرع يشدد على نبذ الطائفية والوحدة الوطنية، بينما حكم الأسد لم تكن فيه الدولة تمثل الطبيعة العليا فهو قام بمجازر طائفية مروعة ويكفي سماع قصص المعتقلين عن سيادة الاغتصاب الجماعي والتعذيب الشيطاني للمعتقلين كما روت المعتقلة حسنة الحريري رؤيتها مسلخاً بشرياً قُتل فيه المعتقلون بالخازوق الذي يدخل من المنطقة التناسلية ويخرج من الكتف ويبقى الشخص حياً ويموت ببطء، والسلطة التي لا تمثل الطبيعة العليا للإنسانية عبر التزامها بحفظ حقوق الإنسان تفقد مشروعيتها، فمشروعية السلطة الحاكمة هي بتمثيلها للطبيعة العليا ومثالياتها وعقلانيتها.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات