أخبار العالم

الدولة المنبوذة – أخبار السعودية – كورا نيو



يوم الجمعة الماضي انسحبت وفود دول العالم، عدا قلة قليلة لا تبلغ عدد أصابع اليد الواحدة من مئتي دولة، اختارت أن تبقى أثناء إلقاء رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

مشهد انعكس بجلاء على وجه نتنياهو، فبدا عبوساً قمطريراً. مشهد يفصح عن الكثير ويكشف مدى كره العالم لهذا الكيان المغتصب، حيث تجلّى هذا الغضب والامتعاض الأممي من أعلى منصة أممية.

بنيامين نتنياهو الذي تفاخر بعنجهيته المقززة، وجرائمه البشعة ضد الشعب الفلسطيني، في حربه على غزة.. وانتهاكه لسيادة دول عربية من العراق شرقاً للبنان مروراً بسورية وصولاً غرباً لتونس وجنوباً لليمن، غير مكترث لما تسبّبه دولته العنصرية من عدم استقرار وإخلالٍ بأمن العالم وسلامه، في تحدٍّ مقزز لأهم التزام مفروض على كل دولة عضو في الأمم المتحدة أن تكون محبة للسلام وتتجنّب العنف، لتسوية خلافاتها داخل مجتمع الدول بالطرق والوسائل السلمية.

بعد ما يقرب من ثمانين عاماً من إقامة إسرائيل بشهادة ميلاد مزورة صادرة- وللمفارقة- عن الأمم المتحدة، فشلت إسرائيل في استيعاب نفسها ضمن مجتمع الدول المتحضرة لتبقى منبوذة كأي كائن به مرضٌ معدٍ الكل يتجنّب الاقتراب منه وملاقاته. حتى أمريكا، الراعية الوحيدة، لهذا الكيان المنبوذ المغتصب، قال رئيسها، مرةً: إن إسرائيل فشلت في معركة العلاقات العامة، حتى أظهرت بجلاء ودون مواربة، وجهها القبيح بكل غطرسة وبلا حياء، في اجتماعات الجمعية العامة، في دورتها الحالية.

قد لا يهم هذا الكيان المغتصب المنبوذ، أن يتقبله العالم ويتغاضى عن جرائمه ضد الإنسانية والسلام.

هناك تحوّلات سياسية حقيقية في هذه البيئة الحاضنة لهذا الكيان المنبوذ، الذي كشفته هذه الحرب المجنونة، التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة. هذا العدوان، الذي يُشن على الفلسطينيين في غزة، ويقض مضجع الأمن والسلام في طول الشرق الأوسط وعرضه، وصولاً إلى الشمال الأفريقي (العربي)، ما كان له أن يستمر وأن يستشري، بهذه الشراسة والوحشية غير المسبوقتين، لولا هذا الدعم السخي من قبل الدولة المسؤولة الأولى عن استقرار نظام الأمم المتحدة، بوصفها الدولة الأعظم الوحيدة، المسؤولة عن سلام العالم وأمنه.

هناك تحوّل، على المستوى الاستراتيجي يتفاعل داخل المجتمع الأمريكي، لا تقوى إسرائيل على تجاهله. الاستطلاعات تكشف أن 60% من الأمريكيين، ضد ما تفعله إسرائيل في عدوانها على غزة.. وتقريباً الشباب الأمريكي حتى سن الثلاثين عاماً، غير راضٍ عما تقوم به إسرائيل من عدوان عنصري وحشي على غزة، يموّل من قبل دافعي الضرائب الأمريكية. أضحى من المفروغ منه أن القاعدة الشعبية للحزب الديمقراطي تحوّلت عن دعمها التقليدي لإسرائيل، بجهرها العلني شجباً لجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. جرائم الحرب تلك التي تنحدر لدرك جرائم الإبادة الجماعية، لشعبٍ جريمته الوحيدة أنه يقاتل من أجل حريته، ضد احتلال بغيض لأرضه وتنكيل شرس بشعبه.

لكن الأخطر في كل هذه التحولات في المجتمع الأمريكي ضد إسرائيل وممارساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، مستخدمة السلاح والعتاد والدعم السياسي، تلك التحولات التي اخترقت سد التأييد الأعمى من قبل (اليمين الأنجلوساكسوني الإنجيلي المتطرف في الحزب الجمهوري). لم تحدث هذه التحوّلات في أعلى مستوى النخب السياسية في واشنطن، فحسب، بل وصلت لقاعدة الحزب الجمهوري العريضة، المؤيدة بشدة للرئيس دونالد ترمب، فيما يُعرف بتيار (ماجا).

اللوبي الصهيوني، لا يتسامح مطلقاً مع أي تحوّل ولو بسيط أو هامشي في التأييد المطلق لإسرائيل، خصوصاً في هذا التيار اليميني الإنجيلي. هناك من يعزو مقتل الناشط السياسي المؤيد لترمب تشارلي كيرك في 25 أغسطس الماضي، عندما طالب بفتح حوار لمناقشة العلاقة مع إسرائيل. هذا عند الصهاينة في إسرائيل من أمثال نتنياهو وبن غفير وسموترش، وكذا عتاة التيار الصهيوني في المجتمع الأمريكي، أمرٌ يستحيل التسامح معه ولا بد من وأده حالاً، ولذا: تم اغتيال كيرك.

إسرائيل دولة منبوذة، كمن أُُصيب بالجرب.. أو تفشى فيه الطاعون أو انتشرت فيه جائحة كرونا، لا يرغب ولا يريد أيُّ أحدٍ الاقتراب منها أو اللقاء بها، أو التطبيع معها. دولة منبوذة، يلفظها النظام الدولي بمؤسساته وسلوكياته وقيمه وقوانينه، لعدائها السافر للسلام ومروقها البَيّن، لكل ما يرمز إليه مجتمع الدول المتحضرة من قيمٍ، وسلوكياتٍ، وقوانينٍ، وأعرافٍ وقواعدٍ مرعيةٍ للتواصل بين الدول، لخدمة السلام وتعظيم مصالحها في مواجهة بعضها ببعض لتنظيم علاقاتها البينية، خدمةً لسلام العالم واستقرار النظام الدولي.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى