الركيزة الخفيّة وراء النجاح.. شاهيني لـ«عكاظ»: الصحة النفسية أساس تطور اللاعبة – أخبار السعودية – كورا نيو

أوضحت الاخصائية الاجتماعية مروج محمد شاهيني لـ«عكاظ»، أن كرة القدم لا تقتصر على الركض وراء الكرة وتسجيل الأهداف، بل هي منظومة اجتماعية متكاملة تشكل فيها العلاقات الإنسانية والتفاعلات الجماعية عاملاً حاسماً في تطور اللاعبة وشعورها بالانتماء، وفي مرحلة الناشئات تتبلور لدى الفتاة ملامح شخصيتها وهويتها الاجتماعية والنفسية، ما يجعل تجربتها في محيط الفريق والنادي أكثر تأثيراً مما قد يبدو للوهلة الأولى.
وقالت إن كرة القدم النسائية شهدت، في السنوات الأخيرة، تطوراً ملحوظاً على مستوى العالم، وتزايد الاهتمام بها بشكل لافت في العالم العربي، ومع هذا التطور برزت فئة الناشئات مرحلةً حاسمةً في بناء قاعدة رياضية قوية لمستقبل واعد، إذ تعد هذه المرحلة العمرية (ما بين 12 و17 عاماً تقريباً) من أكثر المراحل قوة وتأثيراً في التكوين النفسي والاجتماعي للفتيات، وقد تواجه العديد من الناشئات تحديات داخلية تتعلق بالثقة بالنفس، والصورة الذاتية، والضغوط الاجتماعية والعائلية التي قد تؤثر على استمراريتهن في الرياضة.
وتابعت: «رغم أن التدريب البدني والمهاري مهم في البرامج الرياضية، إلا أن إغفال الجانب النفسي والاجتماعي قد يؤدي إلى خسارة مواهب واعدة في سن مبكرة، ومن هنا تبرز الحاجة إلى تسليط الضوء على الجوانب النفسية والاجتماعية المرتبطة بكرة قدم الناشئات، من أجل خلق بيئة آمنة ومحفزة تساعد فتياتنا على النمو المتوازن، رياضياً وإنسانياً، وتُمهد الطريق أمامهن ليصبحن نجمات الغد».
وأكدت أن التميز في كرة القدم لا يقاس فقط بالمهارات الفنية أو اللياقة البدنية، بل يتطلب الأمر توازناً دقيقاً في الصحة النفسية، التي تعد حجر الأساس لتطور اللاعبة وثقتها بنفسها واستمراريتها في الملاعب، إذ إن الفتيات في هذه المرحلة العمرية يمررن بتغيرات نفسية وجسدية كثيرة، ما يجعلهن أكثر عرضة للتقلبات المزاجية، والضغط، والقلق من الفشل، خصوصاً في بيئة رياضية تنافسية.
وأشارت الأخصائية مروج إلى أن من أبرز التحديات النفسية التي تواجه اللاعبات هو الخوف من الفشل، وقد يتعرضن للضغط لتحقيق أداء مثالي أو إثبات الجدارة مع زميلات الفريق، وهذا النوع من التوتر قد يؤدي إلى انخفاض الثقة بالنفس، بل قد يصل في بعض الحالات إلى الانسحاب من الرياضة، خصوصاً إذا لم يكن هناك دعم نفسي.
وأكدت أنه في ظل هذه الضغوط تبرز أهمية توفير الدعم النفسي من مختصين، يتمثل في وجود أخصائي اجتماعي ضمن طاقم التدريب، إذ إنه يساعد اللاعبات على التعامل مع القلق، وبناء المرونة الذهنية، وتنمية الذكاء العاطفي الذي يساعدهن في التعامل مع الانتصارات والهزائم بشكل ناضج ومتوازن، ولا ننسى دور الأسرة فهي تلعب دوراً محورياً في تشكيل التجربة الرياضية للناشئة كتشجيعها على التدريب، وحضور المباريات، وهذا يشعرها بالانتماء لنادٍ أو فريق، ويمنحها شعوراً بالفخر، ويعزز من ارتباطها باللعبة على المدى الطويل، وهنا يتبين بوضوح أن النجاح الرياضي لا يبنى فقط على المهارة والتدريب البدني، بل يعتمد بشكل جوهري على البيئة النفسية والاجتماعية المحيطة باللاعبة، فالدعم النفسي يعزز من ثقة الناشئة بنفسها، ويمكنها من تجاوز لحظات الإحباط والشك، بينما يسهم الاحتواء الاجتماعي في ترسيخ شعورها بالانتماء والقبول، ويمنحها دافعاً للاستمرار والنمو.
وخلصت الاخصائية مروج إلى القول: إن الاستثمار في كرة قدم الناشئات يجب أن يتجاوز الملاعب والمباريات، ليشمل برامج متكاملة تعتني بالصحة النفسية، وتبني الوعي الاجتماعي، فالمدرب، الأخصائي الاجتماعي، الأسرة، والمؤسسات التعليمية، جميعهم شركاء في هذه المهمة، فالنهوض بكرة قدم الناشئات ليس مجرد تطوير رياضي، بل هو استثمار في جيل كامل. فكل فتاة تجد مكانها في الملعب، وتمنح حقها في النمو النفسي والاجتماعي، فهي مشروع قائدة، لاعبة، وصاحبة أثر في مجتمعها.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات