أخبار العالم

الرياض تصوغ «قصيدة أمل» في أرض الشام – أخبار السعودية – كورا نيو



في لحظة تتشابك فيها التحوّلات السياسية مع الطموحات الاقتصادية، تتقدم المملكة العربية السعودية بخطى واثقة نحو سورية بقيادتها الجديدة، حاملةً في يدها نهجاً مختلفاً عما مضى، ومُحمَّلة برؤية تتجاوز حدود المساندة الإنسانية إلى أفقٍ أرحب من الشراكة والبناء، لم يكن إعلان المليارات، التي ضُخّت أخيراً في السوق السورية حدثاً عابراً؛ بل كان بمثابة إعلان عن مرحلة جديدة من الانخراط السعودي في ملفّ ظلّ لعقود موضع تجاذب إقليمي ودولي، وهذه المليارات ليست مجرد أرقام تتصدّر العناوين الاقتصادية، بل هي رسائل سياسية واقتصادية مكثّفة، تشير إلى أن الرياض اختارت أن تكون لاعباً فاعلاً في إعادة رسم ملامح سورية الغد.

توزّعت هذه الاستثمارات على قطاعات حيوية تمسّ صميم الحياة السورية: البنية التحتية التي طالها الخراب، والاتصالات التي تشكّل شرايين العصر، والمشروعات العقارية التي تمنح الناس مأوى بعد سنين من التيه، والطاقة التي تُعيد إلى المصانع والمنازل نبضها المفقود، ولعلّ المنحة النفطية السعودية التي زوّدت دمشق بما يربو على مليون ونصف المليون برميل من الخام جاءت بمثابة إنعاش عاجل، لا يقتصر أثره على تشغيل المصافي وتدفئة البيوت، بل يبعث برسالة رمزية مفادها أن المملكة تتعامل مع حاجات الناس الأساسية كأولوية تتقدّم على الحسابات السياسية المعقّدة.

لم تخلُ تصريحات القادة السعوديين من وضوح الرؤية؛ فقد أكّدوا أن هذا الدعم يأتي احتراماً لسيادة سورية وإيماناً بحق شعبها في أن يقرّر مستقبله بنفسه، ومع ذلك، لم يكن الأمر محض تعاطف؛ بل هو استثمار استراتيجي محسوب يرسم للمملكة مساراً جديداً في علاقتها بالشام، فالرياض تدرك أن إعادة إعمار سورية ليست مجرد عبء، وإنما فرصة لإعادة توجيه التوازنات الإقليمية، وبناء ممرّات اقتصادية وتجارية جديدة، واستعادة الروابط التاريخية التي جمعت الشعبين عبر العصور.

إن أهمية هذه المليارات تتجلى في أبعاد متشابكة، فهي أولاً تعيد الحياة إلى اقتصاد مترنّح، وتفتح أبواب عمل لعشرات الآلاف من السوريين، وتُعيد بعض الاستقرار للأسواق التي أنهكها التضخم وندرة الموارد، وهي ثانياً تبعث رسالة طمأنة للمستثمرين الآخرين بأن الساحة السورية باتت أكثر جاذبية، بعدما دخلت قوة مالية وسياسية بحجم السعودية إليها، وهي ثالثاً ترسم للمملكة ملامح دور جديد، ليس فقط راعياً سياسيّاً؛ بل شريك اقتصادي يسهم في ترميم بلد مدمَّر، في وقت يحتاج فيه الإقليم إلى موازنات جديدة تحفظ الأمن وتؤمّن الاستقرار.

ومع أن هذه الخطوات تحمل آمالاً عريضة، إلا أنها محفوفة بتحديات لا يُستهان بها، فبيئة الاستثمار في سورية ما تزال في حاجة إلى شفافية وحوكمة رصينة، وإلى ضمانات تقي المشاريع من الفساد والتعطيل، كما أن المشهد الإقليمي بكل تعقيداته قد يلقي بظلاله على مسيرة الإعمار، ويُثير حساسيات من أطراف ترى في الحضور السعودي منافسة لنفوذها، لكن القيادة السعودية تبدو مدركة لهذه المزالق، وتتعامل معها بروح براغماتية توازن بين المبدأ والمصلحة، وبين التعاطف الإنساني والواقعية السياسية.

هكذا تتحوّل المليارات السعودية في سورية من مجرد أرقام مالية إلى رافعة سياسية، ومن استثمارات آنية إلى رهانات على المستقبل، إنّها محاولة جادّة لإحياء روح الحياة في بلدٍ أضناه الخراب، وتأكيدٌ على أن المملكة تريد أن تكون حاضرة لا بقدرتها الاقتصادية فحسب، بل بقدرتها على صناعة الأمل، ونسج خيوط الاستقرار في نسيج المنطقة، ولعلّ هذه الخطوة، بما تحمله من شجاعة وحنكة، توقف المواطن السعودي على حقيقة الوعي السعودي المرتكز على قيادة رشيدة، ونؤمن جميعاً أن توجهات المملكة داخلياً وخارجياً تعكس -بصورة واضحة- رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في كل المجالات والاتجاهات.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى