الزواج من الخارج.. ناقوس خطر على الأسرة السعودية..! – أخبار السعودية – كورا نيو

تابع قناة عكاظ على الواتساب
لم يعد الزواج من الخارج مسألة شخصية تُناقش في إطار الخيارات الفردية وحدها.. بل أصبح ـ وفق الأرقام الرسمية ـ ظاهرة متنامية تستدعي وقفة وطنية جادة.. لا بدافع التضييق أو الوصاية، بل من منطلق حماية المجتمع واستقراره على المدى البعيد.. فحين تُسجَّل أكثر من ألف موافقة زواج من الخارج في ربعٍ واحد فقط من هذا العام فإن الأمر يتجاوز الحالات الاستثنائية، ليصبح مساراً اجتماعياً يتوسع بهدوء.. دون نقاش عام كافٍ.. ودون قراءة معمّقة لعواقبه.
التجربة الواقعية تُظهر أن اختلاف العادات والتقاليد لا يطفو على السطح في السنوات الأولى من الزواج.. بل يتأخر ظهوره إلى مراحل لاحقة.. حيث تبدأ الخلافات حول أسلوب التربية.. والقيم.. وحدود السلطة داخل الأسرة.. وطبيعة العلاقة مع المجتمع.. وفي كثير من الحالات يكون الأبناء.. وهم سعوديون في الهوية والجنسية.. هم أول الضحايا… إذ ينشأون في حالة ارتباك ثقافي وانتمائي.. بين نمطين اجتماعيين مختلفين.. ما ينعكس على استقرارهم النفسي.. وتكيّفهم الاجتماعي.
كما أن الأسرة السعودية بطبيعتها ليست علاقة ثنائية مغلقة.. بل منظومة ممتدة تقوم على الترابط والتكافل.. وعندما يدخل طرف غير منسجم ثقافياً واجتماعياً.. تبدأ مشكلات التوافق مع الأسرة الكبرى.. فتظهر القطيعة.. وتتصاعد الخلافات.. وتضعف الروابط التي شكّلت عبر عقود ركيزة من ركائز الاستقرار الاجتماعي في المجتمع السعودي.
ولا يمكن إغفال البعد القانوني والإنساني لهذا النوع من الزيجات.. إذ تشير الوقائع إلى أن عدداً من النزاعات الزوجية يتحول إلى ملفات عابرة للحدود.. تشمل قضايا حضانة.. وسفر أبناء.. واستغلال ثغرات قانونية في دول أخرى.. أو اللجوء إلى محاكم خارجية.. وهنا لا نتحدث عن معاناة أسرية فحسب.. بل عن تحديات قانونية وسيادية تُحمّل الدولة والمواطن أعباء متراكمة كان بالإمكان تقليلها عبر سياسات أكثر حذراً وتنظيماً.
وفي خضم هذا المشهد.. تبرز المرأة السعودية بوصفها المتضرر الأكبر.. وإن لم يُصرَّح بذلك صراحة.. فالتوسع غير المنضبط في الزواج من الخارج ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تضييق فرص الزواج أمام فتيات الوطن.. ورفع معدلات العنوسة.. وزيادة أعداد المطلقات.. وحين نضع هذه المعطيات بجانب حقيقة صادمة.. وهي أن المملكة شهدت خلال العام الماضي حالة طلاق كل عشر دقائق.. ندرك أن أي عامل إضافي يزعزع استقرار الأسرة يجب أن يُناقش بجدية.. لا أن يُترك دون مساءلة.
المسألة هنا لا تتعلق بالتشكيك في النوايا.. ولا بتجريم خيار بعينه.. بل بقراءة النتائج على أرض الواقع.. فالدول التي تنظر إلى مستقبلها بوعي تدرك أن التحولات الديموغرافية والاجتماعية ليست تفصيلًا هامشياً.. بل عنصر أساسي من عناصر الأمن الوطني.. والتراكم الصامت للزيجات العابرة للثقافات.. دون إطار واضح أو ضوابط صارمة.. قد يفرز على المدى البعيد إشكالات في الهوية والانتماء.. وهي قضايا لا تُعالج بعد وقوعها.. بل تُدار مسبقاً بالحكمة والتنظيم.
إن فتح هذا الملف لا يعني الدعوة إلى المنع المطلق.. ولا إلى التضييق غير المبرر.. وإنما يعني الانتقال من سياسة التجاهل إلى سياسة الترشيد.. ومن ردّ الفعل إلى التخطيط الاستباقي.. فالمجتمع الذي لا يحمي أسرته.. ولا يضع مصلحة فتياته وأبنائه في مقدمة أولوياته يدفع ثمن ذلك لاحقاً بأشكال مختلفة.. اجتماعية ونفسية وأمنية.
لقد آن الأوان لأن نقر بأن الزواج من الخارج.. حين يتحول من خيار فردي محدود إلى ظاهرة متنامية.. يصبح شأناً عاماً يستحق النقاش والتنظيم.. وأن ندق ناقوس الخطر اليوم.. قبل أن نجد أنفسنا بعد سنوات أمام مشكلات أعمق.. وأكثر تعقيداً.. يصعب احتواؤها أو إصلاح آثارها.
المصدر : وكالات



