أخبار العالم

السعودية الخضراء.. مشروع أكبر من الأرقام    – أخبار السعودية – كورا نيو



قبل أن يطلق ولي العهد مشروع السعودية الخضراء الطموح الذي يستهدف زراعة 10 مليارات شجرة، لم يكن أكثر المتفائلين والمتحمسين للتشجير يحلم بـ 1% من الرقم المعلن، بل إن الرقم المتداول في أدبيات محبي التشجير، والناشطين في مجال البيئة قبل إعلان المبادرة، لا يتجاوز 10 ملايين شجرة في مختلف مناطق المملكة.

ورغم ضخامة الرقم المستهدف للمبادرة، إلا أنها أبعد وأكبر وأعمق من الأرقام والحسابات؛ فبالإضافة إلى المكوّنات الرئيسية للمبادرة التي تشتمل على ثورة حقيقة في الغطاء النباتي، فهي تعنى بحماية وتأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي التي تدهورت في العقود الماضية لأسباب متنوعة، كما تشمل رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة المملكة، والإسهام في أكثر من 4% من الجهود العالمية في خفض الانبعاثات الكربونية وذلك من خلال مشاريع كبيرة للطاقة المتجدّدة، إضافة إلى التشريعات والأنظمة التي تضبط مصادر التلوث، ولم تغفل المبادرة الإدارة الذكية للنفايات لكونها من القضايا البيئية الملحة.

إن ما يميّز مبادرة السعودية الخضراء بمستهدفاتها الطموحة، ومشاريعها المتنوعة، أنها جاءت وفق استراتيجية واضحة، انطلقت من رؤية المملكة 2030 التي تشكّل القاعدة الأساسية للنهضة البيئية التي تشهدها المملكة، كما يميّز هذه المبادرة العملاقة أنها تتعامل بذكاء مع أهم عناصر ومكونات البيئة في الوقت نفسه، فالتشجير وتعزيز الغطاء النباتي يسهم في تقليل آثار الاحتباس الحراري، ويعزز التنوع الأحيائي ويحمي التربة ويحسن خواصها، ويخفض الملوثات، ويساعد في تثبيت الكربون، كما أن اتساع نطاق الحماية للمواقع البرية والبحرية يسهم هو الآخر في ازدهار الحياة الفطرية، ويصون التربة والغطاء النباتي الطبيعي ومصادر المياه، ويعمل التوجه للطاقة المتجددة على خفض انبعاثات الكربون والإسهام في الجهود العالمية للتصدي للتغير المناخي، ومن المتوقع أن تحقق هذه الحزمة من المشاريع والمبادرات البيئية العملاقة مخرجات في غاية الأهمية في تعزيز جودة الحياة، وتقليل حدة التطرف المناخي، وتحسين الصحة، وصيانة الموارد الطبيعية، وتحقيق مستهدفات التحول للاقتصاد الدائري.

ولكي تحقق مبادرة السعودية الخضراء أهدافها الطموحة خصوصاً ما يتعلق منها بزراعة 10 مليارات شجرة في بيئات ومناطق المملكة المتنوعة، لا غنى عن المساهمة الفاعلة من القطاع الخاص في جهود التشجير، كما أن الجهات الحكومية وشبه الحكومية كافة مطالبة بالانخراط في أعمال التشجير بكفاءة وفاعلية، ومن المحزن أن نرى الجامعات على سبيل المثال – مع ما تمثله من أهمية في صناعة الوعي وتعزيز الثقافة – شبه غائبة عن جهود التشجير الفعلية، وتكتفي بمشاركات شكلية في بعض المناسبات البيئية من باب رفع العتب، هذا بالرغم من المساحات الكبيرة التي تشغلها الجامعات، ووجود مصادر للمياه المعالجة، والحاجة للظل والتجميل في مرافقها، ووجود الخبراء والمختصين، وإمكانية توجيه أنشطة التطوع الطلابية لزراعة الأشجار.

ونظراً لأهمية المشروع، وكونه أحد أكبر مشاريع التشجير في العالم، إن لم يكن الأكبر حجماً وتأثيراً، والمخرجات العظيمة المتوقعة منه، والإنفاق الحكومي السخي لتنفيذه وفق أفضل المعايير، فإن ذلك يتطلب منظومة عمل متكاملة، وإدارة ذكية للمياه والتربة والتنوع الأحيائي، واستدامة اقتصادية، ومشاركة فاعلة من المجتمع المحلي والقطاع الخاص، ودرجة عالية من الشفافية، والحوكمة، والرقابة، وكفاءة التنفيذ والتشغيل، والمتابعة والرصد والتقييم المستمر.

إن الأرقام والاحصائيات التي تعلن عما تم إنجازه في مشاريع التشجير ضمن المبادرة، تعد عنصراً أساسياً من عناصر مؤشرات الأداء، وتقييم قدرة الإدارة التنفيذية على تحقيق مستهدفات استراتيجية المبادرة، وهذا يتطلب قدراً كبيراً من الشفافية والدقة وعدم المبالغة، ولا شك أن المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة (أداء)، سيكون له دور كبير في ضبط بوصلة مؤشرات الأداء في المبادرة، ومدى كفاءة الإدارة التنفيذية في تحقيق أهداف التشجير الطموحة، كما أن مشاركة جهات مستقلة كالجمعيات البيئية في الرصد والمتابعة والتقييم والتحكيم سيكون له أكبر الأثر في تحقيق مستهدفات هذه المبادرة الوطنية العملاقة التي نفتخر ونفاخر بها.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى