«السكراب».. مستودع المسروقات – أخبار السعودية – كورا نيو

مؤشر خطر وسرقة كشفت مخاطر تجارة (السكراب) غير المنظمة، التي تعد سوقاً خصباً لتصريف المسروقات، وستارة نشطة للتستر، فحادثة سرقة كيابل 51 مدرسة في الرياض، لم تكن مجرد واقعة أو سرقة عابرة، بل جرس إنذار يستلزم فرض الأنظمة وضبط تجارة السكراب والخردة التي يقف خلفها وافدون من جنسيات مختلفة، جعلوا النشاط منطلقاً لتصريف المسروقات عبر عمالة تنبش في حاويات المخلفات وأخرى تتربص لتنفيذ سرقات الحديد والنحاس والأسلاك الكهربائية من المنازل والمباني تحت الإنشاء لتصل إلى الممتلكات العامة والخاصة.
فسرقة كيابل المدارس ألقت بالضوء نحو مواقع تصريف المسروقات من أسلاك ونحاس، فلا تزال عمليات بيع وشراء سكراب الحديد تشكل مجالاً رحباً لأصحاب النفوس الضعيفة لمواصلة سرقاتهم من حديد أو نحاس أو كيابل كهربائية أو أغطية الصرف الصحي لتصل إلى طفايات الحريق واللوحات الإرشادية في الطرق حتى «عيون القط» لم تسلم من أفعالهم، مستغلين عدم وجود الأنظمة والضوابط لهذه المهنة وغياب الرقابة عنهم؛ بسبب تداخل الصلاحيات وعدم وجود جهة رقابية لعمليات البيع والشراء، فلا يتطلب نشاطهم غير أراضٍ مسورة في أطراف المدن وعمالة لا تعرف النظام.
الزموا الباعة بالفواتير
الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر الجعيد، يرى أن هذه المواقع تحولت إلى حلقة خطيرة لتصريف المسروقات، ومنفذاً خلفياً لجرائم السرقة التي تطال الممتلكات العامة والخاصة، ما يحتم ضبط النشاط عبر تشريعات واضحة تُلزم المحلات بعدم استقبال أي مواد بلا وثائق ملكية، وفرض عقوبات رادعة على المخالفين، وتحويل تجارة الخردة والسكراب إلى نشاط منظم يحظى بالرقابة والنظام أسوة بغيرها من الأنشطة، ومن أكثر المواقع التي تشهد السرقات هي المباني تحت الإنشاء.. إذ يعاني الكثير من أصحاب المباني من سرقات الكيابل كقطع الألمنيوم، ما جعل الكثير منهم يلجؤون إلى تعيين حراس على تلك المباني أو تركيب كاميرات مراقبة تعطي إنذاراً عند أي تحرك أو تواجد الغرباء.
ويقترح اللواء الجعيد وضع أنظمة تلزم الأحواش والمواقع بعدم استقبال أي بضائع أو سكراب إلا بفواتير تكشف مصدرها، كما يجب أن يُمنع شراء أي أسلاك أو كيابل مقصوصة، والإبلاغ بشكل فوري عمن يحضرها، واستدعاء الأجهزة الأمنية لمباشرة التحقيق عن مصدرها، فشراء مثل هذه الأشياء يشجع ضعاف النفوس على سرقتها.
وبيّن الجعيد أن أي موقع يتم ضبط أي أسلاك أو كيابل أو مسروقات بداخله يعد شريكاً يجب محاسبته.
كنزٌ مفقود
الاقتصادي عبد المحسن البلوي قال لـ«عكاظ»: إنه من المعروف أن تجارة السكراب تعد كنزاً مهماً، فهو ليس مجرد مخلفات أو مواد منتهية الصلاحية يتم بيعها، فهدفها الأساسي توفير مواد خام لكثير من الصناعات المهمة مثل صناعة الحديد والصلب، الألومنيوم، النحاس وغيرها، وتعد هذه التجارة رافداً مهماً لإعادة تدوير المواد وجانباً مهماً لتوفير المصروفات عبر مواد خام بتكلفة أقل وداعمة للصناعات المحلية في مجال البناء والصناعة، ما يساعد الحفاظ على البيئة، ويجب أن نلتفت لهذا الرافد الاقتصادي الذي بات يقع تحت أيادي عمالة وافدة مخالفة، يستغلون عدم وجود تنظيم واضح، إذ يتضح أن أغلب العاملين في هذا المجال من مخالفي نظام الإقامة، ويعملون في مهن غير التي استقدموا لها، ويعملون لحسابهم الخاص.
تداخل الاختصاصات
هناك تداخل للاختصاصات مع غياب التشريعات المنظمة لتجارة السكراب، إذ يفترض إشراف جهات عدة على هذا النشاط، فوزارة التجارة هي المسؤولة عن إصدار السجل التجاري، كما تشرف على تطبيق نظام مكافحة التستر التجاري، وتصدر قرارات تتعلق بـ(استيراد وتصدير السكراب)، وتشرف على تداول السكراب الذي يحتوي على معادن ثمينة، أما وزارة البيئة والمركز الوطني لإدارة المعايير البيئية العامة لإدارة النفايات فمهمتهما تنظيم كل الأنشطة المتعلقة بإدارة النفايات، بما فيها جمع ونقل ومعالجة السكراب، عبر إصدار التراخيص والتصاريح اللازمة لمزاولة نشاط إدارة النفايات، ومراقبة الالتزام باللوائح وفرض العقوبات على المخالفين. فيما تتولى وزارة الموارد التثبت من العمالة بشكل نظامي. وتشرف وزارة البلديات على إصدار الرخص البلدية لمواقع السكراب ومحلات التجميع والمعالجة، كما يشارك الدفاع المدني والتثبت من مطابقة الموقع لاشتراطات السلامة والتنظيم المكاني… ونخلص من ذلك أن عدة جهات مسؤولة عن النشاط حسب اختصاصها، وتدخل هيئة الجمارك في الملف باعتبارها الجهة المشرفة على تنظيم استيراد وتصدير السكراب بضبط الإجراءات والقيود.
ضحايا السكراب يتحدثون
كشف لـ«عكاظ» عدد من الأشخاص الذين تعرضوا للسرقات عن كيفية حدوثها، وقال سالم الحازمي: لدي مبنى سكني وأنفقت الكثير على تمديدات الكهرباء، وفوجئت ذات يوم بأن أحدهم دخل إلى المبنى وعمل على قطع كيابل الكهرباء وسحب كافة الأسلاك من الجدران وكلفني ذلك أضعاف ما دفعته، وهذه المرة استعنت بحارس وكاميرات مراقبة ووضع أبواب حديدية.
أما نايف الحربي فقد تعرض مسكنه إلى سرقة كل ربطات الأسلاك والكيابل الكهربائية التي كانت في المبنى، كما عمد اللصوص إلى سحب الأسلاك من داخل الحائط، والمؤسف أن هذه المسروقات سيجد من يشتريها!
ويطالب الحربي بضرورة ضبط مواقع بيع السكراب ومنعها من شراء أي مسروقات أو بضائع دون التثبت من مصدرها والتأكد من هوية البائع.
ويشير عبدالله السهلي إلى أن غالبية من يعملون في بيع وشراء الحديد والألمنيوم من العمالة الوافدة التي قد تعمل لحسابها الخاص، والتي لا تطلب من يحضر لها بأي إثباتات تؤكد ملكيتهم للبضائع، ويأمل تكثيف الدور الرقابي على محلات بيع الخردة (السكراب) وإعادة تنظيمها، ومنع عملية أي بيع لأي خردوات دون فواتير وسندات تثبت مصدرها، والاعتماد على الدفع الإليكتروني لكشف أي عمليات تستر أو عمليات مشبوهة.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات