أخبار العالم

السلام السوري الإسرائيلي.. ضرورات الداخل وخيارات الخارج – أخبار السعودية – كورا نيو



خلال الفترة الماضية أكدت مصادر رسمية سورية وإسرائيلية وجود مفاوضات جادة بين دمشق وتل أبيب بهدف الوصول إلى اتفاق سلام شامل، حيث أشار الرئيس السوري أحمد الشرع، أثناء زيارته الأخيرة إلى باريس، بوضوح إلى أن الطرفين منخرطان بالفعل في محادثات غير مباشرة، كما أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن هناك قنوات اتصال فعّالة وحواراً مستمراً لتحقيق اختراق في العلاقات السورية الإسرائيلية. المفاوضات بين الجانبين تجري على مسارين رئيسيين؛ الأول يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل بعد اختراقها خطوط فض الاشتباك في الثامن من ديسمبر 2024، وتثبيت وقف إطلاق النار وتوقيع اتفاقيات أمنية تضمن استقرار المنطقة. أما المسار الثاني فيتعلق بالترتيبات المستقبلية في هضبة الجولان السورية المحتلة، التي تُعد النقطة الأكثر حساسية وتعقيداً بين الطرفين. هذا التحرك السوري باتجاه السلام ليس مجرد خيار سياسي، بل ضرورة استراتيجية فرضتها ظروف سوريا الصعبة بعد حرب طاحنة استمرت أربعة عشر عاماً. فالاقتصاد السوري منهك بشكل غير مسبوق، والبنى التحتية مدمرة، والبلاد بحاجة ماسة إلى استثمارات خارجية وإلى كسر حالة العزلة الدولية. كما أن دمشق تسعى لتحقيق سياسة «صفر مشاكل» مع جيرانها، حتى تتمكن من مواجهة التحديات الداخلية التي تهدد وحدة أراضيها، وأبرزها الأزمة مع قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي، وتمرد الدروز في السويداء جنوباً. هذه الملفات، رغم توقيع تفاهمات أولية بشأنها، تبقى مصدر خطر فعلي قد يؤدي إلى تقسيم البلاد إذا لم يتم التعامل معها بشكل جذري وحاسم. سوريا تدرك أيضاً أنها لم تعد قادرة على الاستمرار في حالة اللا سلم واللا حرب التي استنزفت طاقاتها لعقود. السلام سيعيدها إلى دائرة الفعل الدولي ويفتح أمامها فرصاً اقتصادية وسياسية كبيرة، مما يمكّن سوريا من إعادة بناء مكانتها الإقليمية والدولية، وجذب استثمارات ضرورية لإنعاش اقتصادها وإعادة إعمار ما دمرته الحرب. غير أن التحديات كبيرة للغاية، خاصة في ظل تصريحات إسرائيلية متشددة تؤكد عدم الاستعداد لمناقشة مستقبل الجولان، الأمر الذي يثير قلقاً عميقاً في الداخل السوري. فرغم أن الرأي العام السوري يساند الرئيس الشرع بقوة في مسار السلام، إلا أنه لا يقبل أبداً التنازل عن الجولان، مدعوماً في ذلك بقرارات دولية واضحة تؤكد حقوق سوريا التاريخية. إن أي تنازل عن الجولان من شأنه أن يمس بشكل جوهري شرعية النظام السياسي الجديد الذي يسعى الرئيس الشرع إلى إقامته، والذي يستند إلى حماية الحقوق الوطنية والسيادة الكاملة للدولة السورية. تبقى الخيارات أمام الرئيس الشرع صعبة، لكنها واضحة. فالسلام ضرورة ملحة تفرضها الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا اليوم، والمدعومة شعبياً وعربياً. ويبقى الأمل في أن يتحلى المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، بتفهم حقيقي لحقوق الشعب السوري وموقف الرئيس الشرع الدقيق والحساس تجاه الجولان، ودعم مسار السلام الذي يبدو اليوم الخيار الأفضل لضمان مستقبل سوريا واستقرار المنطقة.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى