أخبار العالم

الطبقة الوسطى والسلوك الاستهلاكي! – أخبار السعودية – كورا نيو



تشير معايير الانتماء إلى الطبقة الوسطى في أي مجتمع إلى وجود دخل من عمل منتظم، والقدرة على الادخار للمستقبل، والإيفاء بالالتزامات الشهرية الضرورية من فواتير وغيرها، إلى جانب توفير مبلغ مالي للطوارئ دون الحاجة إلى الاقتراض، وامتلاك مسكن، والحصول على تعليم جيد، وقدر من الرفاهية في السفر وغيره.

وهذه المعايير مجتمعة تعبّر عن ثقافة في إدارة الاحتياجات، وترتيب الأولويات، وكفاءة الإنفاق، وتطوير القدرات والمهارات، كما تكشف من جانب آخر رؤية التفاصيل الصغيرة قبل اتخاذ القرارات المالية تحديداً، والمحصلة من ذلك أن الطبقة الوسطى لم يعد ينظر إليها من زاوية الدخل المالي فقط، أو استهلاك الراتب الشهري، وإنما الصورة الأكبر هي في قدرة المنتمين إلى هذه الطبقة في تنويع مصادر دخلهم، وتحقيق الاستدامة المالية بالاعتماد على التخطيط، والتوازن، والتكيّف، والشفافية مع الذات قبل الآخرين.

اليوم كثير من دول العالم تشهد تراجعاً في معدل الطبقة الوسطى، ووصل بعضها إلى حد الهشاشة أو التآكل، وهذا التراجع له أسباب داخلية لدى الأسرة، وخارجية في معدلات التضخم وغيرها، ولكن الأهم ليس الوقوف عند حجم التراجع أو التقدّم، أو الحديث عن مضامين تتناول أهمية هذه الطبقة في استقرار المجتمع وتنميته، وهو أمر مفروغ منه، وإنما النظر بشمولية إلى واقع الحياة المختلف والمعقد اليوم، ورفع مستوى جودة القرار داخل الأسرة للتعامل مع التحديات الاقتصادية، ومصدر هذا القرار نابع أولاً من تغيير سلوك الفرد.

لا يمكن الحديث عن طبقة وسطى بالسلوك الاستهلاكي ذاته قبل عقد أو عقدين من الزمن، أو الحديث عن مصدر وحيد للدخل وهو الراتب الشهري، ولكن معطيات الواقع تشير إلى أن الدخل لو تضاعف مع سلوك استهلاكي مبالغ فيه لم نغيّر من هذا الواقع شيئاً، وبالتالي هذا السلوك بحاجة إلى قرار يتم فيه التخلّي عن عادات وربما تقاليد معينة كانت سبباً رئيسياً في هذا التراجع في أي مجتمع.

يضاف إلى جودة القرار لترشيد سلوك الاستهلاك تنويع مصادر دخل الأسرة، وهذا الجانب تحديداً أصبحت مكاسبه مع تعدد الفرص لتحسين الدخل متاحة، والاقتصاد التشاركي الذي يشهده العالم اليوم نموذج لهذا التحسين، وأنماط العمل الحر والمرن وعن بُعد جميعها تفاصيل مهمة في تشكيل هذا التنوع في الدخل.

نقطة أخرى مهمة؛ وهي ضرورة إعادة بناء منظومة الأسرة من الداخل في جانبين؛ الأول تعزيز ثقافة الادخار، وهو رأس المال على المدى البعيد، والثاني التخلّي عن فكرة الاستثمار للأبناء على مدى سنوات من توفير عقارات وسيولة نقدية وغيرها، إلى فكرة الاستثمار فيهم بالتعليم والتدريب والمهارات، مما يجعلهم قادرين على مواجهة تحديات الحياة مستقبلاً، فالاستثمار فيهم -وليس لهم- هو استثمار في ديمومة الطبقة الوسطى، حيث تزدهر الأفكار الاقتصادية، والتجارب والخبرات الحياتية، وريادة الأعمال، وتتحوّل إلى نواة لمشروعات يتجاوزون من خلالها طبقتهم الوسطى.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى