الطيران والحج.. عبور الأرواح – أخبار السعودية – كورا نيو

منذ أن تأسست المملكة العربية السعودية وهي تعتزّ بخدمة ضيوف الرحمن، وتكتب في سجلات الزمن فصولًا من السخاء، فالحج الذي تُشَدّ إليه القلوب قبل الأقدام ظل دوماً في صدارة أولوياتها، وعبر السنين لم يكن مجرد شعيرة تؤدىٰ، بل رسالة حضارية تتجدد مع كل موسم، تترجمها المملكة خدمةً وتنظيمًا ووفادةً بكل ما أوتيت من إمكانات.
إذا كان السفر إلى الديار المقدسة هو أولى الخطوات في رحلة التلبية، فإن الطيران هو وسيلته الأبرز، والأرقام تؤكد أن نحو 96% من الحجاج يصلون اليوم عبر الجو، ليغدو الطيران رفيق الدعاء وصدى التهليل، فاتحة رحلة الحج وخاتمتها، جسر الأرواح التواقة إلى بيت الله الحرام.
من هنا، منحت المملكة قطاع الطيران عناية خاصة؛ فالمطارات، والشركات الناقلة، والمراقبة الجوية، وخدمات النقل من وإلى المطارات، تحولت إلى منظومة متكاملة، صُمّمت بعناية لتيسير مناسك الحج، ولتقديم تجربة تغمر الحاج بالسكينة منذ أن يتشكل حلمه في سماء الرحيل وحتى يضع خطاه على الأراضي المقدسة.
هذا الموسم؛ رفعت الخطوط السعودية سقف التطلعات وفتحت نوافذ جديدة للتميّز؛ فقد أطلقت لأول مرة في تاريخها برنامج حج متكامل عبر شركة «السعودية للحج والعمرة»، مستثمرة أكثر من نصف قرن من الخبرة الطويلة، لتقدم لضيوف الرحمن خدمات راقية، تلامس رفاهية الدرجة الأولى وصالات الاستقبال الفخمة، ولتنسج تجربتهم من النقل الميسّر، مروراً بالإقامة الفاخرة، والرعاية الصحية الشاملة، والتوعية الذكية، حتى الخدمات التي تُرى وتُحسّ في كل التفاصيل وكأنك تطوف في ضيافة استثنائية.
أخبار ذات صلة
لم تعد التجربة مجرد رحلة أداء، بل غدت لوحة متقنة، رسمتها يد خبيرة تعرف أن الحج يستحق كل هذا الجمال، وأحسب أن في هذه المبادرة دعوة لبقية القطاعات كي تحذو حذوها، وأن تخرج عن المألوف إلى فضاءات الابتكار، فما زالت الطريق رحبة، وفي الأفكار متسع لتحسين تجربة الحج من كل جانب، وتحويلها من مجرد فريضة إلى تجربة إنسانية متكاملة، تليق بمن لبّى النداء ومضى ملبياً الله أكبر.
في كل طائرة تحلّق إلى مكة أو المدينة، هناك قلوب تحلّق قبل الأجساد، وأمل يسافر قبل المسافر، كأنما الطائرات وضوء الطريق والسحب تراتيل الدعوات.
إنه فخر لا يدانيه فخر؛ أن يكون للطيران نصيب من هذه الرحلة العظيمة، وأن تتحول الأجواء إلى دربٍ للقداسة، تُنثَر فيها الأمنيات، وتُحمَل عبرها الأنفس إلى حيث الطمأنينة والسكينة.
لقد أصبح الطيران جزءاً من ذاكرة الحج؛ وكأن الأرواح قبل أن تطأ الأرض المقدسة تحلّق أولاً في سماء المملكة، تبرق بها الغيوم وتباركها الرياح، في رحلة لا تشبهها رحلة، وشرف لا يضاهيه شرف.
المصدر : وكالات