العدالة والشفافية في آلية «أوبك+» الجديدة..! – أخبار السعودية – كورا نيو

تابع قناة عكاظ على الواتساب
من بين كافة السلع غير المرنة (Inelastic Commodities)
يقف النفط في منطقة «قلقة» حيال المبادئ الاقتصادية في أبعادها التنظيرية، والمعروفة في مناهج الدرس، وكليات المال والاقتصاد، فعند استصحاب مفهوم السلع غير المرنة، بوصفها سلعاً لا تقبل الانصياع لقانون «العرض والطلب»، ولا يتأثر الطلب عليها كثيراً حال زيادة أو نقصان سعرها، بما يجعل من عرضها سوقياً في مستوى ثابت قياساً على الحاجة الضرورية إليها.
لكن يبقى النفط في «منطقة حسّاسة»، تتقاطع فيها حدوس كثيرة، منها: الاقتصادي والسياسي والأمني، وغير ذلك، بما يكسبه ميزة خاصة، كون الطلب عليه والعرض كليهما غير مرنين، فارتفاع سعره لا يؤدي إلى انخفاض الطلب بنفس النسبة، ولا تؤدي إلى زيادة العرض بنفس النسبة كذلك، والمحصلة أن تخفيض الدول المنتجة (أوبك / أوبك بلس) لحجم إنتاجها من النفط يضخ أرباحاً كبيرة في خزينتها، فيما تقل إيراداتها في حال زادت حجم إنتاجها، لكن تبقى الحقيقة الاقتصادية أن خفض الإنتاج يؤدي إلى ارتفاع في السعر بأكبر من نسبته حال خفض الإنتاج..
إن هذه التقاطعات السياسية والاقتصادية في مسرح «النفط»، تجعل من مسألة تحقيق نقطة الاتزان (Point Of Equilibrium) في غاية الصعوبة، لتوازي وتقاطع المصالح، وما تفرضه المتغيّرات المستمرة في العالم. لهذا ظلت المملكة العربية السعودية، بوصفها في صدارة منتجي النفط، تعلن وتقرر وتكرر بأن تعاملها في إنتاج النفط خاضع للتقديرات الاقتصادية، ولا ينحاز بأي حال من الأحوال إلى تقديرات سياسية، ومن هذا الباب ظلت تقود دفة العمل الاقتصادي الصرف في منظومة «أوبك / أوبك +» بما يحقق تطلعاتها وتطلعات الدول الأعضاء، ويضمن في الوقت نفسه انسياباً طبيعياً، في سوق النفط، وتحكماً منضبطاً لأسعاره.
ومن ذلك ما أعلنته منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، الأسبوع الماضي، من أن تحالف «أوبك+» وافق على آلية لتقييم الطاقة الإنتاجية القصوى للأعضاء، لاستخدامها في تحديد خطوط الأساس للإنتاج ابتداءً من عام 2027 التي تُحدد بناءً عليها حصص الإنتاج.
الأمر الذي قوبل بالإشادة والتقريظ من قبل المملكة العربية السعودية، ورأت فيه «نقطة تحوّل»، ووصفتها بـ«العادلة والشفافة»، بحسب تصريحات وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في «منتدى الاستثمار والأعمال السعودي – الروسي 2025»، بقوله لدينا الآن النهج الأكثر تفصيلاً، والأكثر تقنية وشفافية حول كيف يمكننا المضي قدماً في المستقبل في إدارة السوق وكيفية الاهتمام بالإنتاج
بل زاد عليها مقرظاً بالقول ربما كان يوم أمس أحد أنجح الأيام في مسيرتي المهنية الشخصية، وأنا ممتن جداً لدعم أصدقائنا في روسيا.
على أنّ هذا الموقف السعودي الداعم لآلية تحالف «أوبك+»، والمقترن مع قرار تمديد تعليق زيادات الإنتاج حتى مارس 2026، وإبقاء مستويات الإنتاج على ما هي عليه، في إطار نهج حذر للحفاظ على استقرار السوق؛ يرسّخ مفاهيم الاقتصاد القائمة على الممايزة وفق العطاء والجهد والبذل وحجم الإنتاج، والإسهام.
كل هذه الميزات التي تتفاوت فيها الدول بحسب القدرات والإمكانات، وهو عين ما أتى عليه الأمير عبدالعزيز بن سلمان، بالتأكيد أن هذه الآلية ستكون وسيلة تُكافئ من يستثمر، ومن يؤمن بوجود النمو والتطوّر، ويضعنا في موقع متقدّم بين المنتجين الآخرين. وهي آلية عادلة وشفافة، وتُسهم في استقرار الأسواق، بوصفها عنصراً يدعم تحقيق هذا الاستقرار.
من الطبيعي أن تتباين الآراء الدولية حيال آلية عمل تحالف «أوبك+» طالما بقي الجميع يستهدفون مصالحهم، وتكثير الأرباح في خزائنهم، وتوفير أكبر قدر ممكن من أمن الطاقة لبلدانهم ومستقبلها، لكن تبقى تقديرات المصلحة في التحالف والدول المنضوية تحت مظلته هي المقدّمة على كل مصلحة، وهو ما أكده وزير الطاقة في الجلسة التي جمعته بنائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، بالقول الصريح الذي لا لبس فيه «هناك مجموعة (أوبك بلس) ومجموعة (الثماني)، وكلنا يجب أن نتفق في إطار هذه الصيغة، ويجب أن تتاح لنا الفرصة للرد عن أي أوضاع وفقاً للتطوّرات، نحن نتفاعل فقط مع الواقع»، وأضاف: «لا يحق لأحد أن يتحدث باسم الجميع من دون أن يعرف رأي الجميع في مجموعتنا».
كما بعث برسالة مهمة في بريد من يهمه الأمر، ممن يطالبون بالاستغناء عن الهيدروكربون، إلى أنهم يستهلكون الآن كل جزيء منه ويتطلعون للمزيد؛ بالقول سنكون موجودين عندما يعترف العالم بأن خطاباته السابقة حول الطاقة ستتراجع أمام واقع الاستهلاك.
صفوة القول ومحموده أن المملكة العربية السعودية، بفضل قيادتها الحكيمة، ورؤيتها الاستشرافية، والجهد المبذول في وزارة الطاقة، وعلى رأسها الأمير عبدالعزيز بن سلمان، ماضية في تطوير سوق النفط بشكل مستمر، والمنظورة في الاكتشافات الجديدة، التي تبشّر بخير واجد، فضلاً عن التطوير المستمر في إنتاج الطاقات البديلة، الأمر الذي يضمن للمملكة تسنّم صدارة العالم في مجال الطاقة حاضراً ومستقبلاً..
وبالله التوفيق والإعانة.
المصدر : وكالات




