أخبار العالم

المتردية والنطيحة في زمن السوشيال ميديا – أخبار السعودية – كورا نيو



لم تعد «المتردية والنطيحة» مجرد مصطلحات قرآنية ارتبطت بوصف الميتة في الأزمنة الغابرة، بل يمكن النظر إليها اليوم كرموز معاصرة تعكس مآلات الحسابات والمضامين في فضاء السوشيال ميديا.

إنها استعارة مكثفة تصف كيف يسقط البعض من تلقاء نفسه، وكيف ينهار آخرون بفعل اصطدامهم بغيرهم.

المتردية في قاموس السوشيال ميديا هي تلك الحسابات والمشاريع التي تهوي بلا معركة.

تسقط لأنها قامت على زيف أو سطحية، أو لأنها انشغلت بالركض خلف «الترند» دون أن تمتلك هويةً أو مضموناً.

هي المحتويات التي تكرر نفسها حتى الملل، أو التي تكشف خواءها أول هبّة ريح من وعي الجمهور، مثل هذه الحسابات لا تحتاج لعدو خارجي، فوزن الفراغ وحده كفيل بإسقاطها.

أما النطيحة، فهي من تصمد ظاهرياً، لكنها تنهار حين تواجه قوة مضادة أو جمهوراً أذكى.

نراها في الحملات الموجهة التي تلمع سريعاً، لكنها تنطفئ عند أول مواجهة مع سردية راسخة.

نراها أيضاً في المعرِّفات التي تبني حضورها على التحدي والاستعراض، لكنها تُفضح عند اصطدامها بوقائع لا يمكن إنكارها.

النطيحة، إذن، ليست سقوطاً ذاتياً، بل ضحية اصطدام غير متكافئ.

وسط هذا المشهد المزدحم، يتولد سؤال جوهري: من ينجو من التردي والنطح في زمن السوشيال ميديا؟

الجواب ليس بعدد المتابعين ولا بحجم الضجيج، بل بامتلاك مزيج دقيق من المصداقية والمرونة:

• المصداقية تحمي الحساب أو الكاتب من التردي الذاتي؛ لأنها تمنحه قاعدة صلبة تعصمه من الانهيار عند أول اختبار.

• المرونة تحميه من النطح الخارجي؛ لأنها تجعله قادراً على التكيف مع النقد، ومراجعة نفسه، وتحويل الهجوم إلى فرصة للنمو.

إن مقاييس السوشيال ميديا لا ترحم، هي مختبر يومي يميز بين من يملك رؤية ومن يقتات على التقليد، وبين من يحرس وعيه ومن يبيع نفسه في سوق الأضواء والسرديات، إنها بيئة تُغربل الأفكار بصرامة، وتضع الجميع أمام اختبار: إما أن تكون صوتاً أصيلاً يصمد، أو تتحول إلى متردية تهوي من تلقاء نفسها، أو نطيحة تنهار عند أول صدام.

في النهاية، «المتردية والنطيحة» ليست مجرد صور بلاغية من الماضي، بل عدسة يمكن من خلالها فهم مصائر الخطاب في عصر السوشيال ميديا.

هي تذكير بأن المعركة الحقيقية ليست في الضجيج، بل في القدرة على صناعة رواية متماسكة تحيا أمام الزمن.

والسؤال المفتوح أمام كل مستخدم هو: هل ستكون من بناة الوعي الرقمي الذي يبقى، أم مجرد ميتة جديدة في مذبح التواصل؟

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى