المونديال قادم… فهل نحن جاهزون؟ – أخبار السعودية – كورا نيو

تابع قناة عكاظ على الواتساب
تأهُل المنتخب إلى كأس العالم يُعد إنجازًا يُحسب للمنظومة الرياضية ويعكس حجم الجهد المبذول خلال مرحلة التصفيات، إلا أن هذا التأهل لا يجب أن يكون نهاية الطموح، بل بدايته الحقيقية. فالمونديال ليس محطة شرفية، بل اختبار قاسٍ لا يعترف إلا بالمنتخبات الجاهزة فنيًا وذهنيًا، والقادرة على تقديم هوية واضحة داخل الملعب. ومن هنا، تفرض الخسارة أمام المنتخب الأردني أسئلة مشروعة حول مستوى الجاهزية الفعلية قبل الدخول في هذا الاستحقاق العالمي.
ما شاهدناه في تلك المباراة لا يتناسب مع منتخب مقبل على كأس العالم. غابت الروح القتالية في فترات عديدة، وافتقد الأداء للتماسك والتنظيم، ولم تظهر شخصية فنية يمكن الاعتماد عليها. التأهل لا يُلغي الأخطاء، بل يضعها تحت المجهر، لأن أي خلل بسيط في المونديال يتحول إلى أزمة حقيقية أمام منتخبات تمتلك الجودة والخبرة.
المشكلة لم تكن في النتيجة فقط، بل في التفاصيل التي كشفت غياب العمل الفني المتكامل. لم نرَ خطة واضحة، ولا حلولًا تكتيكية أثناء المباراة، ولا تدخلات تغيّر مجرى اللعب أو تعالج الخلل في الخطوط. القراءة الفنية للجهاز الفني بدت محدودة، وهو ما انعكس على أداء اللاعبين وثقتهم داخل الملعب.
على مستوى الأساسيات، ظهرت فجوة مقلقة.
الاستلام والتسليم كانا بطيئين، تبادل الأدوار ضعيف، الرقابة اللصيقة شبه غائبة، ومراقبة اللاعب القادم من الخلف لم تكن حاضرة بالشكل المطلوب. حتى مفاهيم بسيطة مثل الوقوف الصحيح بين اللاعب والكرة (التحضين) لم تُطبق بالشكل السليم، وهي تفاصيل لا يمكن التغاضي عنها في كرة القدم الحديثة.
خط الوسط، وهو قلب الفريق، لم يقم بدوره المنتظر.
بطء في التحضير، بطء في اتخاذ القرار، وضعف في الربط بين الدفاع والهجوم. غابت المساندة الهجومية، وافتقد الفريق للضغط العكسي عند فقدان الكرة، ما جعل المنتخب يفقد السيطرة على الإيقاع ويمنح المنافس المساحات والثقة.
أما الهجوم، فبدا تائهًا.
لا رأس حربة قادر على الحسم داخل منطقة الجزاء، ولا لاعبين يملكون الجرأة على التسديد من خارج المنطقة لكسر التكتلات الدفاعية. التمركز كان ضعيفًا، والتحركات محدودة، والفاعلية الهجومية شبه معدومة، وهو ما جعل الحلول متوقعة وسهلة الإيقاف.
المونديال قادم، وهذا هو السؤال الحقيقي: هل نحن جاهزون؟
الجاهزية لا تُقاس بالتأهل فقط، بل بالهوية، والانضباط التكتيكي، والقدرة على إدارة المباريات، وتصحيح الأخطاء في الوقت المناسب. المرحلة المقبلة تتطلب مراجعة فنية شاملة، وجرأة في اتخاذ القرارات، وبناء شخصية منتخب يعرف ماذا يريد داخل الملعب.
الفرصة ما زالت قائمة، لكن الوقت لا ينتظر.
إما أن نستثمر التأهل في بناء منتخب قادر على المنافسة المشرفة، أو نكتفي بإنجاز التأهل ونكتشف في المونديال أن الفارق بين الحلم والواقع كان أكبر مما توقعنا.
المصدر : وكالات



