أخبار العالم

النخيل رافد مستدام للطاقة – أخبار السعودية – كورا نيو



تتربع المملكة العربية السعودية على هرم أكثر دول العالم إنتاجاً لمحاصيل التمور، فهي الرابعة دولياً في إنتاج المحتوى العالمي من التمور والخامسة في الترتيب من حيث التصدير لشتى دول العالم، وذلك وفقاً لدراسة منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة عن نخيل التمر في المنطقة العربية (2023)، مع تعدد وفير للأنواع والفصائل التي تنتجها والتي تتفاوت في محتواها وتركيبها الدقيق.

ولعل شعار المملكة العربية السعودية، الذي يحوي النخلة عنصراً أساسياً في محتواه يفسر ذلك العمق التاريخي الثقافي والأهمية لنخيل التمور، وفوائد التمور على الأصعدة كافة. لذا، كان من خيرات رؤية السعودية 2030، إنشاء الدولة المركز الوطني للتمور كياناً إداريّاً مستقلاً يعنى بكل ما يعزز تنمية إنتاج التمور وتسويقها وتعزيز قيمتها. غير أن هناك جوانب عديدة تكتنف صناعة التمور، وأبعاداً أخرى لم تنل نصيها الكافي من الدراسة والتطبيق وتعظيم الفائدة. من ذلك، الدور المنشود من صناعة التمور ونواتجها الثانوية كمواد خام لإنتاج مشتقات الطاقة.

المملكة بلد في أغلبه صحراوي، عدا مناطق محدودة جداً، فأراضيه الزراعية وموارده المائية الطبيعية شحيحة. إلا أن ما يميّز المملكة زراعياً غزارة إنتاجها من التمور. يشير التقرير الصادر من المركز الوطني للتمور في عام 2024م باكتناز المملكة أكثر من 37 مليون نخلة تنتج ما يربو على عشرين صنفاً من التمور على امتداد مناطق المملكة. وكأي محصول زراعي استراتيجي، يصاحب هذا الإنتاج الحولي الضخم نواتج ثانوية ومخلفات. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة الوطن السعودية في ثنايا نشرتها الصادرة في 14/‏5/‏1443هـ الموافق 18/‏12/‏2021م بأن مخلفات أشجار نخيل التمور مجتمعةً في السعف والليف، تشكّل في مجموعها 20 كيلوغراماً عن كل نخلة سنوياً. كما أشار الخبر إلى أن هذه المخلفات تشكّل إرهاقاً مادياً لصغار المزارعين للتخلص منها بالطريقة الآمنة، لاسيما بعد حوكمة إجراءات التخلص الآمن من تلك المخلفات، بعد أن كان حرقها هو الوسيلة الأسرع للتخلص منها وما يصحبه من إضرار عام بالوسط البيئي وعناصره الحيوية المختلفة. يضاف إلى ذلك، نوى التمور، الذي يمثل مقداراً يراوح بين 10 إلى 20% من وزن حبة التمر الواحدة على اختلاف أنواعها وفصائلها. عليه، فإن المتولد من مخلفات نخيل التمور بالمملكة سنوياً هو حوالى 740 ألف طن من مخلفات النخيل وقرابة 380 طناً من نوى التمور، هذا إذا علمنا أن مقدار ما تم إنتاجه من التمور في المملكة وفق آخر تقرير صادر عن المركز الوطني للتمور هو أكثر من مليون وتسعمائة ألف طن. جميع هذه المخلفات تعد مصادر قابلة للتدوير وإنتاج الكحول أو الإيثانول الحيوي كونها غنية المحتوى بكميات كبيرة من المصادر السكرية، بعد معالجات تصنيعية تضمن تفكيك صلابتها وإزالة ما يعتريها من شوائب لتتاح بصورة نقية كمورد تخميري للكائنات الحية الدقيقة لإنتاج الإيثانول.. علاوةً على ما يمكن تصنيعه من الفحم المضغوط من تلك المخلفات، الذي يستورد بكميات هائلة من دول جنوب شرق آسيا ومصدره مخلفات النخيل وجوز الهند هناك.

حتماً، لن يكون أي مصدر طاقة بديل بمفرده في قادم الأيام هو الأوحد في إنتاج الطاقة كما شهدنا ونشهد مع النفط ومشتقاته حيال تلبية ذلك الدور على الصعيد المحلي والعالمي. غير أن تنويع مصادر سلة الطاقة من المصادر الخام يشكّل أهميةً قصوى في تقليل الاعتماد على النفط مصدراً نابضاً غير مستدام، ما يعزز الانتقال التدريجي إلى مصادر محلية مستدامة، تقل مع جهود البحث والتطوير والتمرس في إنتاجها عن تكلفة الإنتاج الباهظة، شأنها في ذلك شأن أي تقنية، ويصبح الأمر أكثر استمرارية وسهولة. وكما حفظت النخلة إرث السعودية وساهمت بثمارها في أمنها الغذائي، واستمد منها السعوديون عاداتهم العربية الأصيلة من كرم وشهامة معهودة، فهي تمثّل كذلك مصدراً واعداً وفريداً في تعزيز إنتاج الطاقة، وديمومة ظلالها الحضاري الوارف على أرجائها المعمورة.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى