النقد «التفاهي».. التنظير لسخف «السوشل ميديا» ! – أخبار السعودية – كورا نيو

تابع قناة عكاظ على الواتساب
سمعت وبالصدفة رجلاً يتحدث في بودكاست قائلاً (إذا عاملت المرأة ملكة عاملتك عبداً، وإذا عاملت المرأة جارية عاملتك ملكاً). لا أعلم هل هذا ينطبق على التعامل مع الأمهات أيضاً.
لم أغضب ولم أحتج بل ولم أشعر أن ثمة شيئاً يستوجب القلق فالواتساب بين يدي منذ سنوات وأحياناً أتابع «إكس» أو يفرض علي أن أتابعه.
تصلني كما تصلكم مقاطع من تطبيقات «السوشل ميديا» المختلفة. الشيء الذي لم ينتبه له بعض الناس أو لم يولوه الاهتمام الكافي أن البشر كانوا قبل «السوشل ميديا» أصنافاً وأنواعاً: أذكياء وأغبياء، جهلة ومتعلمين، خريجي جامعات وخريجي سجون، طيبين وأنذالاً، بل كان بيننا مثقفون حقيقيون ودجالو ثقافة أيضاً. مع «السوشل ميديا» لم يتغيّر البشر ولم يأتِ جديد، ولكن مع «السوشل ميديا» تساوى الجميع في حق الانتشار. فسخيف حارتنا أصبح متاحاً لكل الحارات، ومعتوه حارتكم أصبح من حقه أن يصل إلينا.
في الماضي في زمن محدودية وسائل الإعلام كانت المنابر تقتصر على عدد قليل من البشر. يمر إنتاجهم الفكري وآراؤهم المتجهة للنشر عبر محررين ومراقبين. لم يختلف البشر الذين كانوا عن البشر اليوم، الذي اختلف (الإتاحة). كان المعتوهون وقليلو الحظ يتحركون في أطرهم المحدودة وبين شللهم في الحارة، وكان الناس الطبيعيون يأخذونهم على قد عقولهم دون أن يخالطوهم بكثرة أو ينقلوا عنهم، وحتى إن حدث هذا يبقى عتههم ينتشر في الدائرة التي يتحركون فيها وربما يفيض قليلاً على الدوائر المجاورة.
من المشاكل الأساسية أن بعض العقلاء هبطت حساسيتهم الكوميدية مع تدفقات الـ«تيك توك» على أجهزتهم فأصبح كل شيء وأي شيء يضحكهم أو يسليهم، فصاروا بوابة لعبور المضحكات الساذجة لحسابات الآخرين (امرأة متينة تسقط في مسبح فيتناثر الماء على مستوى أمواج البحر، أو قرد يخطف موزة من سائح، أو سائق دراجة يدفه خويه في ساقي، أو قطة تبصبص من تحت فستان صاحبتها إلخ). خفة هذه المضحكات وسرعة وصولها وقصر زمنها جعلتها سهلة التداول.
وبالطبع دخل من يسخّف القراءة، والأهم ظهر من ينظر للتفاهة والرداءة. وبلغ الأمر التنظير الاجتماعي والأخلاقي كما قرأتم في مطلع هذا المقال.
من أهم مكاسب هذا السخف المتراكم أنه كشف عن عقلية وثقافة محبي الضجيج الثقافي، فأصبحنا على عتبات الانتقال مما يُطلق عليه أصحابه النقد الثقافي إلى «النقد التفاهي»!!.
المصدر : وكالات




