أخبار العالم

انتهى الدرس ! – أخبار السعودية – كورا نيو



صورة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في البيت الأبيض يوم الإثنين قبل الماضي وهو وراء مكتبه وأمامه قادة أوروبا الكبار بعضهم أعضاء في مجلس الأمن.. وآخرون يمتلكون الرادع النووي.. وآخرون من بين الدول الأغنى صناعياً في العالم، تعكس صورةً واقعيةً لشكل النظام الدولي، بعد أكثر من سبعة عقود من نهاية الحرب الكونية الثانية. صورة تعكس واقع التراتبية التي عليها النظام الدولي (نظام الأمم المتحدة) وكأن الحرب العالمية الثانية وضعت أوزارها للتو. وكان قبل ذلك بأيام، لقاء الرئيس الأمريكي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في ألاسكا، وكأن التاريخ يعيد نفسه، أثناء مؤتمر يالطا (4-11-1945). الفرق الوحيد، أن لقاءي البيت الأبيض وألاسكا عُقدا لفرط شمل تحالف قائم، بينما مؤتمر يالطا كان لإقامة تحالف جديد لحلفاء شاركوا في الحرب، ليوزعوا غنائم الحرب.

الولايات المتحدة، كما تشي تلك الصور، في ألاسكا والبيت الأبيض، كانت وما زالت هي الدولة العظمى الأولى، بل المتفرِّدة بالمكانة الدولية المهيمنة الرفيعة، على النظام الدولي (مؤسساته وقيمه وأعضائه وموارده). الفارق الآخر بين مؤتمر يالطا ولقاءي ألاسكا وواشنطن، أن الأول رئيس الولايات المتحدة فرانكلين روزفلت (30 يناير 1882-12 أبريل 1945) كان مريضاً، حتى إنه لم يتمكن من الصمود صحياً قبل الإعلان عن إنهاء الحرب بانتصار الحلفاء على دول المحور. بينما في لقاء واشنطن، كان سيد البيت الأبيض منتشياً بقوة بلاده، التي يريد أن يستعيد عظمتها من جديد، بكل ما تعنيه تلك العظمة من تعالٍ وغطرسة، يعكسه مزاجه الشخصي وشيفونيته النرجسية.

الأوروبيون من البداية، عُرفوا بمرارة وضعهم الجديد، بعد الحرب، بل استسلموا للزعيم الجديد للنظام الدولي، بعد أن كانت أوروبا هي مركز الثقل الحقيقي منذ أن بدأت الأنظمة الدولية الحديثة في الظهور، نهاية القرن الخامس عشر. كما أن تنصيب الولايات المتحدة زعيمة لنظام الأمم المتحدة لقي ترحيباً من القوى الرئيسية في أوروبا المنهكة اقتصادياً والمكشوفة أمنياً، رفع عن كاهلهم، حينها: تكلفة إعادة الإعمار وأعباء الأمن.

الركون للولايات المتحدة لتوفير موارد الإنفاق على التعمير، بالإضافة إلى الاعتماد على الولايات المتحدة، في تطوير المظلة الأمنية لدول غرب أوروبا، في مواجهة عدو جديد تمخض عن الحرب، ليتحول من حليف، إلى عدو لدود (الاتحاد السوفيتي). في حقيقة الأمر تكلفة المظلة الأمنية كانت باهظة جداً، بما يفوق إمكانات دول أوروبا الغربية، حينها، تكلفة لا يستطيعون توفير أثمانها المتصاعدة، عكس تكلفة الإعمار، التي يمكن أن تكون مؤقتة، حتى يشتد عود الاقتصاد الأوروبي، ومن ثَمّ الاستغناء عن الدعم الاقتصادي الأمريكي، مع الوقت.

كان على الأوروبيين أن ينتظروا قدوم إدارة أمريكية، تنادي بالعزلة، يحكمها رئيس خلفيته رأسمالية بحتة، يرى في استعادة عظمة أمريكا، على حساب دورها المتميز (المهيمن) في الساحة الدولية، عن طريق أيدلوجية مالية «ماركنتالية»، تهدف إلى تقليص، إن لم يكن، شطب العجز التجاري في الميزانية الأمريكية، باتباع سياسة لا تعترف بتحالفات قائمة، ولا بعداوات دائمة.

نزيل جديد في البيت الأبيض يؤمن بتزمُّت بقيمة القوة المفرطة في التأثير على سلوك الآخرين، كان كفيلاً بأن يوقظ الأوروبيين من سُباتهم، ليصحوا على واقع مرير كادوا، إن لم يكونوا قد ركنوا، لدرجة الإدمان لمخدره. هذا التاريخ الطويل من ركون أوروبا على «الكرم الحاتمي» الأمريكي.. والأخطر: على المظلة الأمنية الأمريكية، ما انتهى إلى تلك الصورة وهم يستمعون إلى محاضرة من الرئيس الأمريكي، محاورها الرئيسية (على أوروبا ألا تعتمد بعد اليوم على السخاء الأمريكي، في العلاقات التجارية البينية، مع واشنطن.. وعلى أوروبا ألا تعتمد على المظلة الأمنية الأمريكية (المجانية).. وعلى أوروبا أن تستوعب جيداً شعاري أمريكا الجديدين (أمريكا أولاً.. واستعادة أمجاد أمريكا العظيمة، من جديد). على أوروبا، أيضاً: أن تعي تماماً أن عليها تحمل أعباء أمنها، من ناحية التكلفة والخلفية الأيدلوجية (عدو أوروبا، ليس هو بالضرورة عدواً لأمريكا.. ومصالح أوروبا، ليست بالضرورة هي مصالح أمريكا. كما على أوروبا أن تتخلى عن أسطورة القيم الديمقراطية المشتركة مع واشنطن… حروب أوروبا (الجديدة)، ليست بالضرورة توقع مشاركة أمريكا فيها، ولا أن حسمها يعتمد على مساندة واشنطن، لا عسكرياً ولا سياسياً، ومن باب أولى اقتصادياً…. إلخ).

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى