بين جيلين: كيف تدير الجامعات صراع الأجيال؟ – أخبار السعودية – كورا نيو

لم تعد الجامعات مجرد مؤسسات تعليمية تقليدية، بل أصبحت ساحة صراع ناعم بين جيلين: الحرس القديم الذي يتمسّك بالماضي ويحاول الحفاظ على نفوذه، والحرس الجديد الذي يحمل أفكار التغيير ويتطلع إلى إعادة صياغة المشهد الجامعي بما يتوافق مع متطلبات العصر.
هذا الصراع ليس محليًا فحسب، بل هو ظاهرة عالمية. تشير تقارير التعليم العالي إلى أن أكثر من 60% من قيادات الجامعات حول العالم ينتمون إلى جيل الخمسينيات والستينيات، بينما الغالبية العظمى من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الجدد ينتمون إلى جيل مختلف تمامًا في أدواته ورؤيته وطموحاته. هذا التباين الطبيعي في الأعمار والخبرات يتحول إلى صراع إذا غابت إدارة التغيير.
الحرس القديم يميل إلى التمسك بالأنظمة التقليدية والاعتماد على النفوذ المتراكم عبر سنوات طويلة من الخدمة الأكاديمية والإدارية. في المقابل، الحرس الجديد – من قيادات شابة وأعضاء هيئة تدريس حديثي التجربة – يسعى إلى الدفع بالمؤسسة نحو الشفافية، الحوكمة، والانفتاح على الشراكات العالمية.
ولعلنا نرى هذا المشهد حيًا في قاعات التدريس: أستاذ مخضرم ما زال يفضل الإلقاء التقليدي باستخدام السبورة، بينما زميله الأصغر سنًا يدمج أدوات الذكاء الاصطناعي ويحفّز طلابه عبر بيئة رقمية تفاعلية. كلاهما يحمل نية صادقة للتعليم، لكن غياب إدارة التغيير يجعل جهودهما تتحوّل أحيانًا إلى مواجهة أكثر منها تكاملًا.
الجامعات الناجحة هي التي لا تسمح بتحول الاختلاف إلى عائق، بل توظفه كقوة دفع نحو التطوير. إدارة التغيير هنا تتطلب:
• رؤية واضحة لقائد المنظومة وفريقه، تضع المصلحة العامة فوق أي اعتبارات أخرى.
• دمج الخبرة مع الطموح، بحيث يُستفاد من خبرات الحرس القديم دون أن تكون حجر عثرة أمام انطلاق المبادرات الجديدة.
• إشراك الجميع في اتخاذ القرار، بما يضمن أن يشعر كل طرف بأن له دورًا في صنع المستقبل.
إن التحدي الحقيقي أمام إدارات الجامعات اليوم هو القدرة على تحويل الصراع إلى تكامل. الحرس القديم يحمل إرثًا من التجارب، والحرس الجديد يجلب معه طاقة متجدّدة ورؤية مختلفة. الجمع بين الاثنين قد يصنع المعادلة التي تقود الجامعة إلى الريادة.
وهنا لا بد من توجيه كل التحية للحرس القديم الذي حاول ويحاول وسيحاول دومًا تطوير قدراته للتماشي مع المتطلبات الحديثة، فخبرتهم ركيزة أساسية، ومتى ما التقت مع طموح الجيل الجديد صنعت معادلة النجاح.
الجامعات التي تخفق في إدارة هذا الصراع قد تخسر جيلًا كاملًا من الإبداع، بينما الجامعات التي تنجح ستصبح مراكز إشعاع معرفي وريادة فكرية في المنطقة، مساهمة في تحقيق مستهدفات وتطلعات القيادة الرشيدة حفظها الله وبناء اقتصاد المعرفة.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات



