أخبار العالم

حسن النعمي: لا توجد مدارس نقدية عربية.. وتجربة محمد زايد موازية للثبيتي – أخبار السعودية – كورا نيو



في شخصية الناقد الدكتور حسن النعمي من نقاء هواء جبال الجنوب، ورِقّة ورهافة أشجار سهوله، وعذوبة مياه وديانه المحتفظة ببكارتها، وبداخله حواريّة نابعة من ملامسة ومعايشة مسامرات القرويين في ظلام دامس تنيره أرواح عاشقي الحياة، ويمثّلُ النعمي وعياً يقوم على حدس المزارع، وحذر الرعاة، وتشوّف العُشّاق، وهو نموذج للإنتاج الثقافي في عالمنا العربي، والانتصار للجماليات دون مواقف حدّية مُسبقة، ولا ممالأة مُتكلّفة، وهنا نصّ حوارنا معه..

• من رجال ألمع، إلى أبها، إلى جدة، ماذا يتبقّى في الذاكرة من المكان؟ وما الذي منحتك إياه كل مدينة؟ وإلى أيٍّ منها تحنّ؟

•• الذاكرة هي مستقبل اللحظات التي ننشدها بالسير قدماً. يفترض ألّا يرهق المرء نفسه بالتخطيط الجامد. كنت أتقدم رأسياً وأتوسع أفقياً، وهنا تحضر الأمكنة والذكريات والتراكم المعرفي ليدعم السير إلى الأمام. القرية كانت المكون الأول الأساس في تجربتي القصصية، وأبها كانت العبور، وجدة كانت ولا تزال الرئة التي تضخ مفاعيلها في داخلي. فإذا كتبت نصاً، أراه يمتد من أبعد نقطة في القرية إلى صفحة الموج في ساحل جدة، نصاً تصنعه التباسات المكان والتجارب والوجوه التي أحيا بها، واللحظات الخاصة في حياتي.

• لماذا آثرت الدراسة الجامعية في وقتٍ يتسابق فيه جيلك للدراسة في معهد المعلمين، والخروج للوظيفة؟

•• كانت أمي -رحمها الله- أول المحتجين، إذ من وجهة نظرها كيف أذهب لعالم غريب ومستقبل مجهول، بينما زملاء الدراسة التحقوا بمعهد إعداد المعلمين. أمي لم تكن تفرق بين مسارات الدراسة إلا أن ما أغراها بالاقتراح أن المعهد كان على بعد خطوتين من بيتنا، وكل صباح ترى الطلاب وتحلم أن ترى ابنها جزءاً من هذه المنظومة. خالفت توقعها واخترت طريق المجهول كما تقول. ربما كنت أحمل الشكوك ذاتها، لكنها شكوك شاب لم تقعده عن المغامرة. ذهبت للدراسة في جامعة الملك عبدالعزيز، ولم تكن الهواتف جزءاً من ثقافة أغلب البيوت في أوائل الثمانينيات الميلادية. فكان الانقطاع عن الأهل حتماً، والبديل هو الرسائل الخطية التي لها في الذاكرة ما لها من دفء المشاعر، ولها صياغات يألفها كل من خطت يده رسالة تحية وسلام.

• كيف تصف حقبة دراستك في جامعة الملك عبدالعزيز؟ وهل رسمت طريقك للدراسات العُليا مبكّراً، أم أنها أقدار؟

•• لم أكن أخطط، ولم أكن أعرف عن الدراسات العليا، وعندما حدثني أحد الطلاب، وقال شد حيلك لتصبح معيداً، اندهشت من الكلمة إذ لها من الظلال السلبية في أذهاننا الكثير. في السنة الثالثة من الجامعة حدثني أحد الأستاذة إذا كان بوسعي أن أعيش في جدة بقية عمري، وقتها قال لي، هناك وظيفية معيد، لم أرتبك وقتها وظللت من وقتها أنشدها مع التفكير في فرص أخرى بعد التخرج، وما كان أكثرها بالنسبة لجيلنا.

• ما الذي أغراك بالدراسة في جامعة إنديانا؟ وكيف تجاوزت الصدمة الثقافية؟

•• لم يكن هناك أي إغراء بشأن جامعة إنديانا سوى سمعتها الأكاديمية، اخترتها من بين ثلاث جامعات حصلت على قبولها، إلا أن وجودي هناك أتاح لي التعرف على الصديق الغالي الدكتور عبدالعزيز السبيل، الرجل الذي خفّف عني الصدمة الثقافية، كان نعم الأخ، سنداً وعوناً في ظروف الحياة هناك. ولا أنسى أنه أول من قابلت من الطلاب المبتعثين بطريقة قدرية. ومضت أيامنا في تواصل معرفي وثقافي، ذلك أن الدكتور السبيل كان مبتعثاً من القسم نفسه؛ لذا كان ذلك قاسماً مشتركاً. وفوق ذلك السبيّل من أنبل الرجال وفاءً وخلقاً وتضحية من أجل إسعاد غيره، ومن عرفه ربما يمنحه قولاً أكثر مما قلت.

• أيّ الأجناس الأدبية استهواك مطلع الوعي؟

•• بدأت أجرب الشعر، كتبت ونشرته في بداية حياتي الأدبية، إلا أنني وجدت ضالتي في القصة. ذات يوم طلب منا أستاذ اللغة العربية كتابة قصة تنتهي ببيت شعر:

«إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.. وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا»، وكان هذا البيت انطلاقتي في بناء قصة متخيلة بأسلوب رصين انعكست فيه قراءاتي في تلك المرحلة. المبهر في تلك التجربة هو بناء القصة، وهو ما أشاد به الأستاذ حينها، وعلى إثر إشادته أرسلتها لجريدة الجزيرة، نشرها كان بالنسبة لي تدشين مرحلة مهمة في حياتي، لم يكن هناك من يوجهني سوى ما أقرأ وألاحظ وأدقق ومن هنا ظهر اهتمامي بالنقد، إذ النقد ليس هجاءً، بل بناء معرفي عكس ما يعتقد البعض.

• هل أضاف لك الحراك الثقافي والأدبي أثناء الدراسة شغفاً بالنقد الأدبي؟ وبمن تأثرت؟

•• بالتأكيد كان الحراك الثقافي في أوجِّه من خلال النادي الأدبي في محافظة جدة، كنت أذهب لألتقي نخبة المثقفين عرباً وسعوديين، كنت أستمع وألاحظ وأدوّن، وأرقب المفارقات في النقاشات الساخنة في الصحافة الثقافية وعلى رأسها ملحق أصداء الكلمة في جريدة «عكاظ». يومها كان الدكتور سعيد السريحي المشرف على الملحق، وكان يمتلك رؤية مغايرة، وليس مجرد صحفي مهني تقليدي. وله الفضل الذي قادني للنقد. إذ أسند لي نقد قصة قصيرة، إذ من توجهات الملحق نشر النصوص مع قراءات نقدية، لتتحول إلى سجالات بين الكتاب وأصحاب القراءات.

أما بمن تأثرت فكل قراءة قرأتها تركت بصمة في تجربتي، شكلت في مجموعها مسار التعبير الأدبي والنقدي في تجربتي بالشكل الذي هي عليه الآن بما لها وما عليها.

• بماذا حصّنت نفسك من التجاذبات التياريّة؟ وهل نجوت من صراعات الحداثيين؟

•• أعتقد نجوت ليس لقدرة مني، بل لأني أحب تأمل الظواهر عن بُعد، ولست من أنصار المواجهات التي تستنزف الطاقة، وتصرف عن الشواغل الحقيقية للمشتغلين بالثقافة.

• ما سرّ اهتمامك بالفن السابع؟ وهل تعوّل على سينما سعودية فاعلة ومؤثرة؟

•• في سيرتي الذاتية، وهي تحت الكتابة الآن، أرصد بدايات تعرفي على السينما في أبها، عندما كان عرض الأفلام مسموحاً قبل قدوم الصحوة التي أطفأت يقظة الحياة من حولنا، نعم الدهشة تملكتني منذ البدء. عالم مختلف ينبئ عن إنتاج الحياة بشكل مغاير. كل فيلم شاهدته كرّس تجربة القصة عندي، فعرفت مبكراً أن العلاقة بين القصة/‏‏ الرواية والسينما ليست مجرد اقتباس، بل مسار سردي واحد، الرواية بالتجريد والسينما بالتجسيد؛ أي السرد من الكلمة إلى الصورة. من هنا جاء اهتمامي بالسينما، فأعددت رسالة الدكتوراه عن روايات نجيب محفوظ في السينما. وحققت من خلالها فهم العلاقة بطريقة منهجية ساعدتني على التركيز أكثر على السردية الكلية بين الرواية والسينما.

• بماذا خرجت من التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز طيلة ثلاثة عقود؟

•• تجربتي في الجامعة غنية بحب الناس من حولي؛ طلابي وزملائي وكل من تعاملت معه. وعادتي أن أترك مسافة بيني وبين الناس، أحترم الجميع، وأقوم بالحق لي أو علي.

أما على سبيل التجربة الأكاديمية فالفوائد كثيرة؛ أولاها أعادتني لقراءة الأصول والمتون الكبيرة في الأدب. أذكر أن أستاذاً سودانياً كان مسؤولاً عن توزيع الجداول الدراسية، وعندما رأى حيرتي وبحثي عن مواد تخصصي، نصحني نصيحة أعتقد أنها أهم نصيحة في مساري الأكاديمي، قال لي درّس أي مادة تسند إليك في الجدول، فهذا تأسيس تحتاجه، أخذت بنصيحته، وقمت بدريس كافة مواد الأدب من الجاهلي إلى الحديث، مروراً بالنقد ونظرية الأدب، استفدت كثيراً، وربما لو كنت في ظروف غير هذه لما وجدت الفرص للتعمق فيها، الفرق بين هذه القراءات والقراءات الأخرى، أن القراءة للوقوف أمام الطلاب تحفّز الأستاذ على أن يستقصي ويدقق ليكون حاضر الإجابة عن أي سؤال. وأخيراً أرى أني أفدت من قراءات ومناقشات الطلاب، خصوصاً طلاب الدراسات العليا فهي عقول أخرى ترى الأشياء بطريقة مغايرة.

• كيف ترى مرحلة التقاعد؟ وهل تدفعك للمزيد من العمل والإنتاج؟

•• التقاعد مرحلة تعقب عملاً منظماً، فهي مرحلة أنت تملك فيها التنظيم والقرار، وهي المرحلة التي يصنع فيها الإنسان جدوله اليومي في أغلب الظروف، إذ يحدد أولوياته وفقاً لطريقته وأسلوبه. لذا يعمد المتقاعد الذي يستوعب المرحلة إلى استثمار تجاربه وخبراته، يضيف إليها من حكمة العمر وطرائقه. أتحدث هنا عن تقاعد المشتغلين بالثقافة خارج سياق العمل الإداري والتعليمي. أعتقد أنهم الأكثر نجاة من افتراس هموم العزلة. لعلي هنا رسمت تصوراً عاماً لكل مقبل على التقاعد أو يعيش لحظاته.

• متى قرّرت تفعيل مواقع التواصل الاجتماعي لتجسير الهوّة بينك وبين المتلقي؟

•• أعتقد منذ انحسار التواصل الورقي، وهيمنة وسائط التواصل الحديثة، كان القرار. للتواصل عبر الوسائط الحديثة فوائد كثيرة من أهمها تغيير نمط التلقي من مؤجل إلى تلقٍ آني. فعند نشر أي موضوع أجد ردة الفعل مباشرة، وهذا تحفيز للكاتب لا يدانيه أي تحفيز. الأمر الثاني في أهمية الوصول إلى أكبر شرائح المتلقين، في أماكن مختلفة في وقت واحد. إن الجلوس في محاضرة أمام جمهور مهما بلغ عدده أقل تأثيراً من التواجد على منصات (تويتر) أو (الفيسبوك) أو غيرهما. لذا كان القرار للاعتبارات السابقة. أما أفضل المنصات بالنسبة لي حيث تواصل المتلقين فمنصة (X) تويتر سابقاً، والتيك توك، جماهيرية عالية وتفاعل أكثر.

• أي مواقع التواصل أقرب إلى نفسك اليوم؟

•• أرى أن التيك توك هو الأكثر انتشاراً وتأثيراً، وموجة الزحف إليه أكبر من كل المنصات.

• هل سدّت مواقع التواصل الفراغ الذي أحدثه التوقف عن الكتابة الصحفية؟

•• لم تسد وحسب، بل صنعت نمطاً مغايراً، نقضت به مركزية الخطاب المعتاد في الصحافة الورقية، وجعلت كل متلقٍّ مركزاً بذاته، هنا تظهر فكرة اتساع مساحة الآراء التي كانت الصحافة الورقية تمارس دور الفلترة والرقابة السلطوية. في وسائل التواصل أصبح صانع المحتوى مسؤولاً عن محتواه أمام القانون والمجتمع. وهنا ظهرت فردية الخطاب وتنوع منطلقاته.

• أين تقع المدرسة النقدية السعودية بين المدارس العربية؟

•• أولاً، لا توجد مدارس نقدية عربية، بل اشتغالات نقدية، وهذا فارق كبير، إذ إن المدرسة، اتجاه فلسفي أولاً قبل أن تكون ممارسة. نحن العرب نعمل بالممارسة طبعاً بعد استيعاب منطلقات هذه المدراس والاتجاهات النقدية. وفي جانب الاشتغالات هناك ممارستان: الأولى ما قدمه نقاد المغرب العربي من شروحات وترجمات للنظريات الغربية خصوصاً الفرنسية. والممارسة الثانية، ما قدمه نقاد المشرق العربي مصر وبلاد الشام، على وجه التحديد، من اشتغالات نقدية من منظور النقد التاريخي، كما فعل الدكتور طه حسين. ولعل الجانب الأبرز في اشتغالات المشرق العربي الاهتمام بالتحقيق وقراءة التراث العربي منذ أوائل القرن العشرين.

وذكرت أن ليست هناك مدارس نقدية عربية، وبالضرورة لا توجد مدرسة نقدية سعودية. وإنما اشتغالات نقدية تواصلاً في البدء مع المنجز العربي الذي سبقنا، ثم الإسهام بعد ذلك بالتواصل مع المنجز الغربي دون وسيط عربي نتيجة لحركة التنوير والبعوث الدراسية التي اطلع عليها أبناء الجزيرة العربية منذ الستينيات الميلادية، وظهر تأثير هذا التواصل منذ الثمانينيات الميلادية في حركة النقد في السعودية وبقية دول الخليج.

• هل نجحت في تحقيق التوازن النفسي في ظل التغيرات المتسارعة ؟

•• تعلّمت مبكراً أن أقول رأيي ولا أسعى لفرضه؛ لذا الناس تتقبلك لأنك تقول وتمضي. الذين يدخلون في مواجهات مرهقة ربما تكون خاسرة هو السعي لإثبات صحة وجهات النظر في الأمور الجدلية. لذا، أتكيف مع المتغيرات بما يناسب رؤيتي للحياة.

• بماذا هذّبت نرجسية الناقد؟

•• ربما لأني كتبت القصة قبل أن أمارس النقد، فأشعر بقيمة القاص أكثر. الناقد كائن يحدق في النص، بينما النص هو الذي يستفز الناقد ليشتبك معه في حوارية طويلة. الكاتب يحاور العالم من خلال نصه، بينما الناقد يحاور العالم من خلال قراءته النص!

• ما موقفك من تسييل الثقافة؟

•• الثقافة لها مستويان، ثقافة النخبة، وهي منتجة للقيم الفكرية والمعرفية والأدبية، وثقافة العامة وهي ثقافة اليومي والهامشي والمستهلك، ومنذ وعد ما بعد الحداثة التي اهتمت بالهوامش وأدخلتها في جوانب الاهتمام، تداخل المستويان. ولعل استيعاب الثقافة بمعناها الواسع، من كونها ثقافة كل مهارة لغوية أو فنية أو حركية تدخل في جوانب الثقافة. وأعتقد أن هذا الأمر ليس وليد اللحظة، بل له جذوره في تراثنا العربي، ثقافة نخبوية كان عمادها الشعر، وثقافة عامة قوامها السرد كما في ألف ليلة وليلة التي كانت النخبة العربية تترفع عن الإقرار بها.

الخلاصة مع رؤية 2030 جاء التأكيد على تقريب الفجوة بين النخبوي والشعبوي؛ لإنتاج ثقافة جيل منفتح أكثر على العالم في زمن وسائل التواصل والذكاء الاصطناعي، في زمن نقض المركزيات الكبرى لإتاحة الفرصة للهوامش ليكون لها حضورها، في سياق الضرورات الحتمية. ومتى استقبلنا ذلك بوعي أكبر وقدرة على التوازن أعتقد أن ذلك إضافة للهوية الثقافية الجديدة.

• هل المسرح السعودي بخير؟

•• مع رؤية 2030، تعيش الفنون تجربة اجتماعية مختلفة، وهي فرصة للخروج من سوء الاستقبال الذي عانت منها الفنون إلى حاضر مشجع وداعم. المسرح والسينما يحظيان في الوقت الحاضر باهتمام مؤسسي أكبر، وهي فرصة لصناع المسرح والسينما لأخذ المبادرة. نعم حال المسرح، وكل الفنون الآن أفضل؛ لأن الفنون الجمعية لا يمكن لها أن تعمل إلا في سياق يسمح لها بالنمو والتمدد.

• لمن تعزو فضل ما حققت من نجاحات؟

•• يقول ابن عربي الإنسان لا يصنع القدر، لكنه يعيشه، وكل إنسان هو تجربة أقدار عاشها. ولذلك، لكل من حولي فضل علي، ولي فضل عليه بطريقة أو أخرى. باختصار تجربتي في الحياة ليس فيها طفرات مفاجئة، بل نمو بطيء متراكم، فكل من علمني منذ أول درس في حياتي إلى اليوم له فضل علي، قد يكون درساً أو نصيحة، أو رأياً سمعته وأخذت به، أو قراءة في كتاب لمؤلف لا أعرفه. في النهاية الفرد نسيج من الكل، مع بقاء القدرات الذاتية التي تشكل فارقاً في النمو والتميز والعطاء.

• كيف تصف لنا علاقة الصداقة الوطيدة مع الشاعر محمد زايد الألمعي؟ وماذا تقول له وعنه بعد رحيله؟

•• جمعتني بالصديق محمد زايد الألمعي أًلفة المكان، فنحن أبناء محافظة رجال ألمع، نتقاسم تفاصيل المكان، ثقافة السهل وسط شواهق الجبال. لذا خطابنا فيه نزعة إنسانية. سبقني محمد زايد إلى ميدان الأدب فكان أول من استقبلني في نادي أبها الأدبي وقدّمني لرئيس النادي حينذاك محمد بن حميد، وزكّاني بوصفي كاتب قصة واعداً. كان ذلك في عام 1984. وقتها اقترح محمد زايد أن أقدم مجموعتي القصصية الأولى (زمن العشق الصاخب) إلى النادي لطباعتها. وأقنع النادي بما له من نفوذ أن تطبع في جدة حيث عملي لسهولة المتابعة والمراجعة. كان حريصاً أن تظهر بأفضل إخراج ممكن. المفارقة أني سألته: لِمَ لمْ ينشر؟، وهو أقدم تجربة؟ فكان يقول إنه ينتظر الأفضل في تجربته الشعرية. محمد زايد رحل ولم ينشر شعره في كتاب بحثاً عن الأفضل في تجربته. والحقيقة لقد خسر الوسط الثقافي تجربة شعرية رائعة كان ينقصها النشر والوصول إلى القارئ والباحث. في ميزان الشعراء محمد زايد من الصف الأول في جيله وبعد جيله، وتجربته موازية لتجربة محمد الثبيتي من حيث عمق التجربة وبراعة اللغة والتكوين. ولعل في تجربة محمد زايد عمقاً فلسفيّاً أكثر من غيره من شعراء جيله. رحم الله أبا عبدالخالق.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى