أخبار العالم

خبراء لـ«عكاظ»: «Roblox» جعلت أطفالنا في مرمى الخطر – أخبار السعودية – كورا نيو



فيما ينغمس الأطفال في عوالم افتراضية تبهرهم بألوانها وألعابها، يختبئ في لعبة (Roblox) جانب مظلم يثير قلق الأهل والخبراء؛ فالمنصة التي صنعت شهرتها واستمدتها من الإبداع والتفاعل، تحوّلت في نظر البعض إلى بيئة خطرة، يستغلها الغرباء للتواصل غير الآمن مع الصغار، ما دفع دولاً عدة إلى حجبها حمايةً لأجيالها.

بروفيسور هندسة البرمجيات وكيل كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الملك سعود الدكتور فائز بن حسين القحطاني يؤكد لـ«عكاظ» أن لعبة (Roblox) تعتبر واحدة من أشهر منصات الألعاب الرقمية في العالم، إذ إنها لا تُقدَّم لعبةً واحدة فقط، بل منصة مفتوحة، تسمح للمستخدمين بإنشاء عوالم افتراضية خاصة بهم، وتصميم ألعاب متعددة الأنماط، ومشاركتها مع الآخرين. انطلقت المنصة في عام 2006م، لكنها شهدت نمواً هائلاً في السنوات الأخيرة، خصوصاً مع جائحة كورونا، إذ باتت وجهةً رئيسية للأطفال والمراهقين، لقضاء أوقاتهم والتفاعل مع الأصدقاء عبر الإنترنت.

عملات رقمية للشراء

يضيف القحطاني: «إن (Roblox) تقوم على مبدأ المحتوى، الذي يصنعه المستخدم (User Generated Content)، إذ يستطيع أي لاعب تصميم لعبته الخاصة، باستخدام محرك برمجي داخل المنصة، ما جعلها بيئة خصبة للإبداع، وتعلم مهارات البرمجة والتصميم». وشكّلت هذه الخاصية ميزة جذبت ملايين المستخدمين حول العالم إضافةً إلى ذلك، يوجد في (Roblox) نظام اقتصادي افتراضي، قائم على عملة رقمية تسمى (Roblox)، تُستخدم لشراء أدوات، ملابس، عناصر تجميلية للشخصيات، أو حتى للوصول إلى ألعاب مميزة داخل المنصة، فهذا الجانب التجاري جعل من (Roblox) بيئة تجمع بين الترفيه وريادة الأعمال الرقمية، إذ تمكّن بعض المطورين من تحقيق أرباح ضخمة بالملايين عبر بيع منتجاتهم الافتراضية داخل اللعبة، لكن هذه الشعبية الكبيرة، لا تخلو من التحديات؛ فبينما ينظر إليها البعض على أنها أداة تعليمية وترفيهية مفيدة، يرى آخرون أنها ساحة مفتوحة لمخاطر عدة تتعلق بالمحتوى غير الملائم، الاستغلال، والتنمر الإلكتروني.

ويشير القحطاني إلى أن (Roblox) شهدت في السنوات الأخيرة قرارات متباينة من دول عدة، حول حظرها أو فرض قيود عليها، وهو ما يثير تساؤلات حول أسباب ذلك.

تفاعلات غير آمنة مع غرباء

يصنِّف بروفيسور هندسة البرمجيات الأسباب في أربعة محاور رئيسية: السلامة الرقمية وحماية الأطفال، وهو السبب الأكثر شيوعاً للحظر؛ بسبب المخاوف المرتبطة باستغلال الأطفال.

ففي إحدى الدول، على سبيل المثال، صدر قرار بحظر اللعبة في أغسطس 2025م، على خلفية تقارير عن تعرض أطفال لتفاعلات غير آمنة مع غرباء. وفي تركيا، حُظرت اللعبة عام 2024م، بعد تصريحات رسمية أكدت أن محتواها يعرّض الأطفال لاحتمال الاستغلال الجنسي والابتزاز. وأنها غير ملائمة ثقافياً ودينياً. وفي الصين، أُعلن الحظر لأسباب تتعلق باحتواء بعض الألعاب على عناصر عنف، أو رموز لا تتوافق مع القيم المحلية والتقاليد، وفي دول أخرى تم حظر اللعبة بشكل مؤقت للاعتبارات نفسها، قبل أن تُرفع القيود لاحقاً بعد مراجعة المحتوى.

ومن الأسباب كذلك المخاوف القانونية والاقتصادية، ففي بلجيكا وهولندا، لم يتم حظر المنصة بشكل كامل، لكن بعض الألعاب الداخلية مثل (Adopt Me) و(Arsenal) مُنعت بسبب استخدامها لآليات صناديق الغنائم (Loot Boxes)، التي اعتُبرت شكلاً من أشكال المقامرة المحظورة على القُصّر؛ وفق التشريعات المحلية.

الرقابة الأبوية وفلاتر الدردشة

يلفت القحطاني إلى أنه رغم أن (Roblox) طورت أدوات للرقابة الأبوية وفلاتر للدردشة، إلا أن بعض المستخدمين يمكنهم التحايل على هذه الأنظمة، مما يترك الباب مفتوحاً أمام وصول الأطفال إلى محتوى غير مناسب، أو تواصلهم مع غرباء فهذا النقص في الحماية عزز من قناعة بعض الدول، بضرورة التدخل عبر الحظر أو التقييد.

ويؤكد القحطاني أن «القرارات بحظر أو تقييد (Roblox) تعكس جانباً من المسؤولية المجتمعية، لكنها لا تُلغي الدور المركزي الذي يلعبه أولياء الأمور، فالأطفال سيظلون يتعرضون للألعاب والمنصات الرقمية الأخرى، ما يستدعي استراتيجيات توعية ورقابة أسرية متوازنة».

وينبغي ألا تكون الرقابة مجرد منع أو حظر، بل متابعة واعية لما يفعله الأطفال داخل المنصة.

ويمكن للوالدين استخدام أدوات التحكم الأبوي التي توفرها (Roblox)، مثل تعطيل الدردشة مع الغرباء، أو تحديد وقت اللعب، أو مراقبة سجل المشتريات، بل وأيضاً مشاركتهم في اللعب.

ولا يخفى أن توعية الأطفال بمخاطر العالم الافتراضي ضرورة لا تقل أهمية عن الرقابة التقنية، وعلى الأهل تعليم أبنائهم قواعد أساسية؛ مثل عدم مشاركة المعلومات الشخصية، وكيفية التعامل مع محاولات التنمر أو الاستغلال، وبدلاً من التركيز على الجوانب السلبية فقط، يمكن توجيه الأطفال لاستخدام الألعاب كأداة للتعلم والإبداع؛ مثل تصميم ألعاب تعليمية أو تعلم مبادئ البرمجة، كما يمكن توفير بدائل أكثر أماناً أو منصات تعليمية رقمية.

الحظر.. ليس حلاً مثاليّاً

القحطاني دعا المعلمين إلى أداء دور مكمِّل عبر تنظيم ورش عمل للتوعية بالسلامة الرقمية، وتشجيع الطلاب على النقاش المفتوح، حول تجاربهم في الألعاب الرقمية، هذا التعاون بين البيت والمدرسة يعزّز الحماية بشكل شمولي والخلاصة: تُمثل (Roblox) نموذجاً معقداً يجمع بين الفرص التكنولوجية والإبداعية من جهة، والمخاطر الاجتماعية والأمنية من جهة أخرى؛ فهي بيئة تسمح للأطفال بالتعلم والابتكار، لكنها قد تكون في الوقت ذاته ساحة للاستغلال والمحتوى غير الملائم.

فقرارات حظرها في دول عدة، تعكس إدراكاً لهذه المخاطر، ولكن يمكن القول إن معالجة التحديات المرتبطة بمنصات الألعاب الرقمية مثل (Roblox) لا ينبغي أن تقتصر على الحظر، باعتباره حلاً وحيداً، بل إلى جانب الحظر، تبرز أهمية تطوير أطر تنظيمية وتشريعية تعزّز من الرقابة التقنية وتحمي خصوصية المستخدمين، إضافة إلى برامج توعية وتثقيف مجتمعي، تستهدف الأطفال وأولياء الأمور على حدٍّ سواء. وأخيراً، فإن تشجيع إنتاج بدائل محلية ذات بعد تعليمي وثقافي، يسهم في تحقيق التوازن بين استثمار الفرص التكنولوجية، وصون القيم المجتمعية، وبذلك يصبح التعامل مع هذه الظاهرة أقرب إلى استراتيجية متكاملة، تعزّز الاستفادة وتحد من المخاطر في آنٍ واحدٍ.

امنعوا التواصل مع الغرباء

أستاذ هندسة البرمجيات والذكاء الاصطناعي أمين المجلس العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالله المليص، يرى أن (Roblox) لعبة متعددة اللاعبين، الذين يقومون ببناء عوالم افتراضية، ويستعملها الملايين حول العالم الآن، لكن لها العديد من المشكلات، مثل استخدام الأطفال لها، خصوصاً عندما يتواصلون مع الغرباء، وقال لـ«عكاظ»: «هذا يؤدي الى التعامل مع بالغين غير معروفين، وقد يستغل بعضهم هذه اللعبة، في استغلال الأطفال جنسياً ومن مخاطرها (العنف) وتعويد الأطفال عليه، ما يضر بهم ضرراً نفسياً كبيراً، إضافة الى التشتت وعدم التركيز والاهتمام بما يدور حولهم في الواقع».

عطّلوا خاصية التواصل

حذّر الخبير التقني عبدالله السبع من لعبة (Roblox)، وقال لـ«عكاظ»: حوّلها بعض اللاعبين إلى مكان للتحرش، «ولهذا على الآباء والأمهات ضرورة تعطيل خاصية التواصل داخل اللعبة، أو الدردشة، بهدف حماية الأطفال من أي تواصل ضار»، ويتم ذلك عن طريق الدخول لإعدادات الحساب، مثل الدخول إلى (Settings) أو (Privacy)، ثم تفعيل خيار منع الدردشة أو تقييدها لـ(الأصدقاء فقط) أو (لا أحد). مع ضرورة تعطيل التفاعلات الصوتية أو الخاصة، وتشجيع الأطفال على الإبلاغ عن أي تصرّف مريب.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى