أخبار العالم

خطر الطفولة بين الثقافة الصلبة والسائلة – أخبار السعودية – كورا نيو


تابع قناة عكاظ على الواتساب

كنت ضيفاً على جمعية أدب الطفل وثقافته، وانطلقت في حديثي عن مجموعتي القصصية (حكاية المداد) التي كتبتها قبل ثلاثين عاماً، حين كان محور مهرجان الجنادرية عن أدب الطفل، في تلك الأيام كنت مشرفاً على صفحة الطفل بجريدة «عكاظ»، التي كانت تصدر يومياً، بمحررين في سن الطفولة، وهم من يقومون بتوفير المادة الصحفية لصفحتهم، وكان نشاطهم لافتاً حتى أنهم أجروا لقاءً صحفياً مع معالي الوزير محمد أحمد الرشيد (رحمه الله) الذي أصدر قراراً وزارياً لجميع مدارس المملكة بالتعاون مع صفحة الطفل في «عكاظ» (وتلك الصفحة قام محرروها بأعمال صحفية منتقاة وتحتاج إلى كتابة خاصة عن تلك الفترة)، في ذلك الزمن فاتحني الأستاذ عبدالفتاح ابو مدين (رحمه الله) إن كان لدي قصص لنشرها وتقديمها لمحور الطفل في الجنادرية، فكتبت مجموعة (حكاية المداد).. وكان حديثي منصباً على أدب الطفل ومعوقاته من وجهة نظري.. ذاكراً أن الطفولة كنز الأسئلة المجردة، والمخيلة الخصبة التي لا يحدها حد، تلك المخيلة الخصبة تجف مع الدخول إلى التعليم، فكلما كبر طفل يتم تهجين ذاكراته (بما يجب فعله وتفكير فيه) ذاكراً أن التعليم عبودية، والعلم حرية، ولأن الطفل (في العالم العربي) تم تحييد عقله وأسئلته، وتحويله إلى جهاز تسجيل، حتى أن الأدب الذي كتب له كان أدباً توجيهياً وليس محفزاً للأسئلة، كما أن كاتب الطفل مسلوب، فلم يقدم أدباً منطلقاً بل أدب سجين مخيلة كلسية، وكما عجزنا عن تصنيع لعبة أو فلم كرتون تم اختطاف أطفالنا منذ ذلك الزمن من خلال الألعاب وأفلام الكرتون.. ربما كنت حاداً عندما قلت تم اختطاف الطفل سابقاً وآنياً، أنياً بصورة الاتصالات وتقدم التقنية والتي أصبح العالم يتغير يومياً، بحيث تحولت الثقافة إلى مادة سائلة تتفلت كل لحظة بما تخلقه التقنية والبرامج المتغيرة يومياً، والثقافة السائلة تحتاج الى معلمين قادرين على مسايرة الثورات التقنية بمعارفها المستجدة، وهذا يستوجب قلب المثلث، فقد دأب العالم العربي الى إسناد المواد التعليمية لمراحل تعليم أطفالنا إلى معلمين متواضعين في علومهم، وآن الأوان لوزراء التعليم في العالم العربي إسناد تعليم الأطفال إلى الأساتذة الأكاديميين ذوي التخصص في العلوم الطبيعية، هؤلاء هم من يستطيع إنقاذ أطفالنا من الاستلاب المحموم للتقنية وما تصدره من معارف مستحدثة.

هذه خطوة أولى لتصويب ما يحدث للطفل في المدارس التي أصبحت عاجزة بمعلميها عن اللحاق بعجلة الزمن السريعة والمتغيرة في معطيات المعرفة، ويلي ذلك خطوات جبارة، فعلى المعنيين بالطفل تجهيز وإعداد المناخ الجيد لتثمين عقلية ومخيلة الطفل التي لا تحد، فالثقافة الصلبة التي سادت علينا الإسراع بالطفل الى الثقافة السائلة.


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى