خطوة إلى المستقبل: أن نكون روّاد الشرق الأوسط في رصد موجات الجاذبية – أخبار السعودية – كورا نيو

كلما مرت موجة جاذبية، يهتز الزمكان بمقدار بالغ الصغر، لكنه كاف ليحكي قصة اندماج ثقوب سوداء أو نجوم نيوترونية على أطراف الكون. هذه الهمسات ليست أدبًا علميًّا؛ إنها بيانات تحول الفضول إلى معرفة والمعرفة إلى تقنية والتقنية إلى اقتصاد جديد.
اليوم أمام المملكة فرصة تاريخية لتقود المنطقة في هذا المجال الناشئ؛ ليس لأن «الأولية» تغري، بل لأن الطريق يصنع كوادر وبراءات وشركات ناشئة في البصريات الدقيقة والليزر وتقنيات الفراغ العالي والفراغ الفائق (UHV)، وأنظمة التحكّم، ومعالجة الإشارات، والحوسبة عالية الأداء. وهذا المسار يتسق مباشرةً مع أهداف رؤية السعودية 2030 في بناء اقتصاد معرفيّ، وتنمية القدرات البشرية، وتوطين التقنيات المتقدمة.
كيف ننفّذها عمليًا؟
* الانضمام العلمي المنظم: تشكيل فريق وطني يشارك في تحليل بيانات المراصد العالمية وينشر أبحاثًا محكمة؛ الدخول من الباب الصحيح إلى الشبكة العلمية وتسريع الخبرة المحلية.
* تأهيل الكفاءات: مسارات ماجستير/دكتوراه وزمالات في البصريات الدقيقة، الفراغات العالية، أنظمة التحكم، الذكاء الاصطناعي، والحوسبة عالية الأداء؛ لتخريج مهندسين وباحثين قادرين على تشغيل الكواشف وابتكار تقنياتها.
* مركز بيانات وطني: عنقود حوسبة (CPU/GPU) وسحابة خاصة تستضيف نسخًا محدثة من البيانات وتقدم أدوات تحليل عربية، وتخدم فرق الجامعات والشركات الناشئة.
* نماذج أولية محلية: مختبر بصريات متقدم ومقياس تداخل قصير (10–40 مترًا) لاختبار الليزر والعزل والتحكم؛ مدرسة عملية منخفضة الكلفة وسريعة العائد التدريبي.
* شراكات صناعية: تمكين المصانع المحلية لتوطين مكونات الدقة (مرايا فائقة الجودة، إلكترونيات منخفضة الضوضاء، حوامل عزل) عبر عقود تطوير ومسرعة متخصصة.
* تواصل مجتمعي: معارض تفاعلية، زيارات مدرسية، ومساقات عربية مفتوحة؛ ليصبح المشروع قصة وطنية جاذبة للمواهب والدعم.
قيادة وتمكين عبر وكالة الفضاء السعودية:
* إنشاء برنامج وطني لموجات الجاذبية تحت إشراف الوكالة يربط (الجامعات المختبرات الصناعة).
* تمويل تنافسي لمختبرات البصريات الدقيقة ومقاييس التداخل القصيرة، مع زمالات وابتعاث قصير لاكتساب خبرة تشغيلية.
* توقيع مذكرات تفاهم للانضمام العلمي وتطوير التقنيات مع الشركاء الدوليين، بما يشمل مسارات تعاون مرتبطة بمهمة LISA.
* تأسيس مسرّعة أعمال متخصّصة في تقنيات الدقّة، مثل المرايا فائقة الجودة، الليزر المستقر، الإلكترونيات منخفضة الضوضاء، وأنظمة العزل الاهتزازي، بهدف تحويل نتائج البحث الأكاديمي إلى منتجات قابلة للتسويق وربط الجامعات بالمصانع الناشئة وتوفير بيئة تمويل وإرشاد صناعي تسرّع من توطين سلسلة التوريد لهذه المكوّنات الاستراتيجية.
* دعم المحطة الأرضية والبنية الرقمية لاستقبال تدفّقات البيانات من المراصد العالمية، وتخزينها بأمان، وتمكين التحليلات المحلية.
* برنامج تواصل ووعي جماهيري تقوده الهيئة: معارض، منافسات طلابية، ودورات عربية مفتوحة.
المشهد العالمي… ولماذا الفرصة سعودية؟
الشبكة العاملة لكواشف موجات الجاذبية اليوم تضم مرصدي LIGO في الولايات المتحدة، وVirgo في إيطاليا، وKAGRA في اليابان، وGEO600 في ألمانيا؛ بينما LIGO-India قيد الإنشاء. وحتى الآن، لا يوجد في الشرق الأوسط كواشف تداخل أرضية عاملة — هذا الفراغ يمكن للمملكة أن تسدّه بقيمة علمية وهندسية حقيقية، خاصة في تحسين تحديد مواقع الأحداث عبر اتساع قاعدة المراصد. وفي الفضاء، تم اعتماد مهمة LISA لتكون أول مرصادٍ فضائي لموجات الجاذبية منخفضة التردد في منتصف الثلاثينات، ما يفتح باب شراكات علمية وصناعية دقيقة (بصريات، ليزر، قياس متناهي الدقة) يمكن الانخراط فيها مبكرًا.
أسئلة متوقعة… وإجابات مباشرة
* هل الكلفة كبيرة؟ نعم إذا بدأنا بأضخم المنشآت. الحل: طريق مرحلي يبدأ بالمختبرات والتعليم والتجريب بعائد سريع، ثم يتوسّع بشراكات مدروسة.
* ما الجدوى القريبة؟ كوادر وتقنيات تخدم الطبّ والطيران والفضاء والصناعة: أجهزة أدقّ، استشعار وملاحة أكثر استقرارًا، وخطوط إنتاج أكثر أمانًا.
* هل سنظلّ تابعين؟ الانفتاح العلمي يصنع السيادة: ندخل شراكات، نضيف قيمة، ونبني قدراتنا محليًا خطوةً بخطوة— من المختبر إلى المنظومات.
كل موجةٍ عابرة فرصة. أن نصغي لها اليوم يعني أن ننشئ غدًا مدرسة سعودية في علم وتقنية يندر مثلهما؛ استثمار في الإنسان والصناعة، ومنصة لوضع المملكة في قلب علوم القرن الحادي والعشرين.
وأدعو وكالة الفضاء السعودية إلى قيادة هذا الملف بالتنسيق مع الجامعات والقطاع الخاص، بوصفه مشروعًا وطنيًا يربط الفضاء برصد موجات الجاذبية.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات



