أخبار العالم

زهرة القمر تنبت في سماء الطيران – أخبار السعودية – كورا نيو



ربما لا يعرف كثيرون أن اسم الخطوط الجوية البريطانية الذي تنادي به طائراتها أثناء الاتصال بالمراقبة الجوية هو سبيد بيرد Speedbird، أي «الطائر السريع»، وهو نداء يوحي بالسرعة والرشاقة والانسيابية. في المقابل تحمل الخطوط الجوية اللبنانية أو «مدل إيست» (طيران الشرق الأوسط) نداء سيدر جيت Cedarjet المستلهم من شجرة الأرز ورمزيتها التاريخية. أما الخطوط الجوية الإسبانية فاسمها «إيبيريا» مأخوذ من شبه جزيرة إيبيريا التاريخية التي تضم إسبانيا والبرتغال، والتي جمعت ثقافات زاخرة وموانئ شهيرة منذ ما قبل الميلاد.

في فضاء الطيران، الأسماء ليست مجرد رموز على جوانب الطائرات، إنها بطاقات تعريف تبني علاقة ذهنية مع المسافر، وكما يحتار الوالدان في اختيار اسم مولودهما البِكر يحتار مؤسسو الشركات في اختيار الاسم الذي سيلازم مشروعهم في كل أرض وسماء، تصدح به إعلانات المطارات وتردده تراحيب المضيفات ويستقر في ذاكرة كل مسافر كلحن فريد يخلّد الذكريات.

بعض الشركات اتخذت أسماء وطنية صريحة لتربط الركاب وجدانياً بروح المكان ودلالاته الجغرافية، بينما اختارت أخرى أسماء رمزية تفتح أبواب الخيال، شركة ڤيرجن Virgin مثلاً وتعني «عذراء»، حاولت رسم صورة جريئة نقية وغير ملوثة بالماضي، وهي الصورة التي روّج لها مؤسسها ريتشارد برانسون بحملاته التسويقية.

في البرازيل، اختارت شركة أزول Azul اسماً يعني «أزرق» بالبرتغالية، لون البحر والسماء في إشارة إلى الانسياب والاتساع، وفي إيطاليا يحمل اسم مون فلور Moonflower النداء الخاص بشركة «نيوس» مزيجاً من القمر والزهر، ليضفي مسحة من الحلم تأخذك إلى عالم خيالي وأنت في مقعدك.

طيران النيل المصرية اختارت مسمى نايل بيرد Nile Bird أي «طائر النيل» المفعم بالخصب والحياة. وفي الهند تقدّم سبايسي جت SpiceJet التي انطلقت عام 2005 نكهة حارة توحي بالطاقة والحيوية. أما في عُمان فقد اختارت شركة «السلام» مسماها الذي يعكس الطمأنينة والأمان، ومن ليبيا يأتي طيران «منارة» بدلالات العلو والهداية.

الاسم الناجح ليس زخارف لفظية، إنه أداة تأثير تبني الثقة وتثري المشاعر دون وعي، خصوصاً إذا ارتبط بخدمة مميزة وتجربة سفر مريحة، وغالباً ما يوجّه الاسم اختيار ألوان الهوية وشكل الشعار، ليبقى في ذاكرة الراكب مقروناً بالصوت والصورة والانطباع.

إن فلسفة اختيار الأسماء في الطيران ليست إبداعاً لغوياً بحتاً، بل مزيج من علم التسويق وفهم سيكولوجية المسافر، إضافة إلى الحسّ الثقافي الذي يربط بين الهوية والرغبة في السفر.

نتنقل بين المطارات ونجرّب شركات مختلفة، قد لا نلتفت للأسماء لكن الرحلة الجيدة قادرة على ترسيخها في الذهن والوجدان، من سرعة ورشاقة الطائر إلى عذرية التجربة وأحلام زهرة القمر ولذعة التوابل وصولاً إلى عمق التاريخ ونبض الحياة.. عوالم كاملة تُختصَر في كلمة، تتعدد المسميات في أجواء تموج بالأصوات والألوان، ومدن المعدن التي تعبر السحاب بالبشر المثقلين بأسمائهم وذكرياتهم، ورغباتهم في التحليق كلما استقر بهم المقام.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى