أخبار العالم

زوارق العروس..! – أخبار السعودية – كورا نيو


تابع قناة عكاظ على الواتساب

قبل يومين أُعلن عن فوز مدينة جدة بلقب «أفضل منظّم جديد» في تاريخ سباقات الزوارق السريعة الفورمولا 1 (F1H2O)، وهو خبر يستحق التوقف عنده طويلاً، لا بوصفه إنجازاً تنظيمياً فحسب، بل باعتباره رسالة واضحة بأن جدة بدأت تعيد تعريف علاقتها بالبحر، وبطريقة حضورها في خارطة الفعاليات العالمية.

هذا اللقب لا يُمنح بسهولة، ولا يُقاس بسرعة الزوارق وحدها، بل بجودة التفاصيل كلها؛ من التنظيم، إلى المسارات، ومعايير السلامة، وتجربة الجمهور، وحتى صورة المدينة أمام الإعلام الدولي. وهي معايير تحتاج من المدن عادةً إلى تراكم طويل من التجربة، لكن جدة، وكأنها تعرف البحر جيداً، اختصرت الطريق، وقدّمت نفسها بثقة مدينة خبيرة، لا مدينة تتعلّم.

وحين ننظر إلى تاريخ سباقات الزوارق السريعة، ندرك أن مدناً مثل موناكو والبندقية وسانت بطرسبرغ لم تصنع شهرتها من الماء مصادفة. هذه المدن فهمت مبكراً أن البحر ليس خلفية جميلة للصور، بل اقتصاد، وهوية، وسردية سياحية كاملة. لذلك تحوّلت السباقات فيها إلى مواسم، والموانئ إلى مسارح مفتوحة، والبحر إلى لغة عالمية مشتركة.

من هنا، أرى أن فوز جدة لا يجب أن يُحتفل به كإنجاز عابر، بل كفرصة يجب ألا تُهدر. فرصة لتحويل البحر من مساحة مشاهدة إلى مساحة مشاركة، ومن حدث موسمي إلى منتج سياحي مستدام. فالرياضات البحرية قادرة على جذب جمهور مختلف، وعلى إطالة مدة إقامة الزائر، وعلى خلق تجربة لا تُنسى، لا تُختصر في يوم أو صورة.

جدة اليوم تملك ما يكفي لتكون مدينة بحرية رياضية عالمية؛ موقعها، تاريخها، بنيتها التحتية، والأهم قدرتها على التنظيم. وما تحتاجه هو قرار واضح بأن تكون سباقات الزوارق جزءاً من هوية المدينة، لا مجرد فعالية في أجندتها. موسم سنوي، فعاليات موازية، متحف أو تجربة دائمة، وربط ذكي بين السباق وتراث جدة البحري، من الموانئ القديمة إلى حكايات الصيادين.

ولأن البحر الأحمر لا يخص جدة وحدها، فإن هذا النجاح يفتح الباب للتفكير في المدن الساحلية السعودية الأخرى، وفي إمكانية نقل التجربة إليها، وتهيئتها لاستضافة هذا النوع من الرياضات، بما يخلق خريطة بحرية رياضية ممتدة، لا نقطة واحدة معزولة.

فوز جدة بلقب «أفضل منظّم جديد» ليس نهاية قصة، بل بدايتها.

هو إعلان بأن البحر لم يعد مجرد مشهد جمالي، بل شريك حقيقي في الاقتصاد، والسياحة، وصورة المدينة.

ختاماً.. عروسنا الجميلة جدة مدينة اعتادت أن تكون بوابة للحجاج والتجار، واليوم وكأنها تقول بثقة: البحر بابنا الجديد.. ومنه نطل على العالم.


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى