أخبار العالم

زولي لـ «عكاظ»: القراءة فعل مقاومة في زمن السرعة والصورة – أخبار السعودية – كورا نيو



في عالمٍ يضيقُ بالسطحية وتتسارع الصور على حساب الكلمة، يظلّ إبراهيم زولي -الشاعر والمثقف السعودي العميق- صوتًا يذكّرنا بأن القراءة فعل مقاومة، وأن الكتابة رحلة مفتوحة على الدهشة والأسئلة. في إصداره الجديد «ما وراء الأغلفة.. روائع القرن العشرين»، يمزج زولي بين حساسية الشاعر وصرامة القارئ الناقد، فيقدّم لنا خريطة شخصية للتأثيرات الأدبية والفكرية التي شكّلت وعيه، ويفتح أمامنا أبوابًا إلى نصوص كبرى غيّرت مسار الذائقة العالمية.

هذا اللقاء، الذي أجريناه معه، ليس مجرد أسئلة وأجوبة، بل هو مسار من التأملات العميقة حول علاقة الشعر بالنقد، وأثر القراءة على الإبداع، وتحولات الذائقة الأدبية في المملكة، إضافة إلى رؤيته حول دور القراءة النقدية العميقة في زمن السرعة، وما الذي يحتاجه القارئ العربي لإعادة اكتشاف القرن العشرين بعيدًا عن «الكليشيهات».. فإلى نص الحوار:

المنطقة الخفيّة

• كيف تبلورت فكرة الكتاب؟ وهل كانت وليدة لحظة قرائية متأخرة؟ أم حصيلة تراكم معرفي طويل؟

•• تبلورت فكرة هذا الكتاب على مدى سنوات من القراءة المتنوعة والمتعمقة، وليست نتاج لحظة خاطفة أو انفعال عابر. كنت، منذ بداياتي مع الكتابة، والهوس القرائي، أنجذب إلى النصوص التي تحمل أسئلة كبرى عن الإنسان والوجود والمعنى، وأدوّن انطباعات وتأملات على الهامش أو في دفاتر صغيرة. ومع مرور الوقت، لم تعد هذه الملاحظات مجرّد تعليقات عابرة، بل صارت تشكّل نسيجًا معرفيًا وفكريًا يزداد ترابطًا كلما امتدّت الرحلة مع الكتب. لقد كانت تلك القراءات تمتد من الفلسفة إلى الرواية، ومن النقد الأدبي إلى الشعر، ما منحني مساحة واسعة للتأمل في الكيفية التي شكّلت بها أعمال القرن العشرين الوعي الجمالي والفكري للعالم المعاصر. وفي لحظة ما، أدركت أن هذا التراكم لا بد أن يجد له صيغة تُشارك المتلقي متعة الاكتشاف والدهشة التي رافقتني. عندها، ولدت فكرة كتاب «ما وراء الأغلفة.. روائع القرن العشرين» كمشروع يسعى إلى الربط بين التجربة الذاتية والمقاربة النقدية، بحيث يتحول العمل إلى مغامرة في ذاكرة القراءة لا تقل إثارة عن النصوص التي يتناولها.

• يحمل العنوان «ما وراء الأغلفة» دلالة استبطانية.. هل يمكن القول إن الكتاب رحلة في تأمل القارئ أكثر من النص؟

•• إلى حدٍّ كبير، نعم. فالعنوان نفسه يشير إلى تلك المنطقة الخفية التي تفصل بين النص كمنتَج مكتوب والقارئ ككائن حيّ يتفاعل معه. أنا أؤمن أن النص لا يكتمل إلا حين يجد قارئه، وأن المعنى ليس شيئًا ثابتًا داخل الكلمات، بل يتخلّق باستمرار في المسافة التي تربط النص بالقارئ.

في «ما وراء الأغلفة»، لم أسعَ إلى تقديم قراءات «موضوعية» منفصلة عن الذات، بل تعمّدت أن تكون التجربة الشخصية جزءًا من نسيج الكتابة، ولم أودّ أن أقدم نفسي ناقدًا أكاديميًا، يتأبط نظرية نقدية. أردت أن أضع القارئ أمام لحظات الاكتشاف التي عشتها أنا، أن يرافقني في انبهاري أو حيرتي، وأن يرى كيف يمكن لنصّ ما، أن يغير طريقة نظرنا إلى العالم. «ما وراء الأغلفة» إذن هو محاولة لفتح نافذة على الحوار الداخلي الذي يدور في ذهن المتلقي خلال القراءة، حيث يتقاطع الحاضر مع الماضي، والمعرفة مع الذاكرة، والتحليل مع الانفعال.

معايير التصنيف

• على ماذا استندت في اختيار «روائع القرن العشرين»، وما معاييرك في تصنيف عمل ما أنه «رائع»؟

•• اختيار «روائع القرن العشرين» لم يكن مهمة سهلة؛ فالقرن العشرون كان غنيًا بالتحولات السياسية والفكرية والفنية، وكل تحول أفرز أعمالًا تركت أثرًا مغايرًا. اعتمدت على مجموعة معايير مترابطة؛ القيمة الفنية للنص من حيث الأسلوب والبناء، وفرادته في التعبير عن تجربة إنسانية أو رؤية جديدة للعالم، وتأثيره الممتد على القرّاء والكتّاب من بعده.

أهمية القرن العشرين لا تكمن فقط في تنوع إنتاجه الفكري والأدبي، بل في كونه فترة تحول جذري. عرف هذا القرن ظهور الحداثة وما بعد الحداثة، وتفكيك الأطر التقليدية للرواية، الشعر، والفلسفة. أضف إلى ذلك أن القرن العشرين، بكل ما حمله من حروب عالمية، وثورات، وتحولات اجتماعية، كان بمثابة مختبر للأفكار. شهد صعود الأيديولوجيات الكبرى وانهيارها، وتفكك الإمبراطوريات، وظهور حركات التحرر في العالم الثالث. وقد حرصت على التنوع الجغرافي والثقافي، إذ شملت الأعمال كل قارات العالم من أفريقيا، إلى أوروبا، وآسيا، وانتهاء بالأمريكتين.

الـ«رائع» التي ذكرتها في سؤالك، بالنسبة لي ليس ما حظي بالشهرة أو الجوائز فحسب، بل ما استطاع أن يحافظ على حيويته وقوة تأثيره وديمومته عبر الزمن، وأن يظل قادرًا على إلهام القرّاء، حتى لو تغيرت الظروف التي وُلد فيها. أحيانًا يكون النص الـ«رائع» هو الذي يسبق زمنه، فيثير أسئلة لم يكن المجتمع مستعدًا لها، وقد يكون هو النص الذي يلتقط لحظة إنسانية عامة بصدق عميق يجعله خالدًا.

• هل حاولت في هذا العمل أن تعيد رسم خريطة التأثيرات القرائية التي شكّلت وعيك الثقافي؟

•• بالفعل، هذا الكتاب يمكن اعتباره خريطة شخصية للتأثيرات التي أسهمت في تشكيل وعيي القرائي والفكري. غير أن هذه الخريطة ليست مغلقة أو خاصة بي وحدي. حاولت أن أقدّمها بطريقة تسمح للقارئ أن يرى نفسه فيها، وأن يتبيّن نقاط التلاقي والاختلاف بين رحلته ورحلتي.

لقد سعيت إلى تتبّع المسارات التي عبرتها نصوص مختلفة في حياتي، بدءًا من القراءات الأولى التي تشكّل الحساسية الجمالية، وصولًا إلى الأعمال التي تزعزع اليقينيات، وتدفع لإعادة التفكير في أسس الكتابة والقراءة. اجتهدت أن أُظهر كيف تتشابك هذه المسارات، وكيف يمكن لنص أدبي أن يفتح بابًا إلى فلسفة، أو لكتاب نقدي أن يجعلنا نقرأ الشعر بطريقة جديدة.

حاجز القراءة

• أنت شاعر في المقام الأول، كيف أثّرت قراءاتك في السرد والنقد على تشكيل لغتك الشعرية؟

•• باتت الحواجز ببن الأجناس الأدبية رقيقة وهشّة، واللغة الشعرية، في تقديري، لا تنمو في فراغ.. إنها كائن حي يتغذّى من كل ما حوله. شغفي بالسرد منحني حسّ الحكاية، علاوة على أنه يمنح القصيدة عناصر من الحوار وبناء المشهد وتعدد الأصوات، ما يفتح أمام النص الشعري أبعادًا أكثر ثراء وتنوعًا. أما النقد، فقد أيقظ فيّ الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة: اختيار الكلمة، إيقاع الجملة، توزيع الصور.

بفضل السرد، تعلمت أن أبطئ إيقاع القصيدة حين تحتاج للتأمل، أو أتمّه سريعًا وقتما يفرض الانفعال ذلك. وبفضل النقد، صرت أكثر وعيًا بما أكتب، ومواظبًا على مراجعة نصي بعين قارئ صارم قبل أن أدفع به للنشر. آنذاك تغدو اللغة الشعرية مزيجًا من الدهشة العاطفية والانضباط الفني.

• هل هناك نصوص معينة غيّرت مجرى ذائقتك، أو زعزعت مسلّماتك القرائية الأولى؟

•• بالتأكيد، ثمة نصوص كانت بمثابة نقاط انعطاف حقيقية في رحلتي القرائية؛ بعضها جاء في وقت مبكر ففتح أمامي أبوابًا لم أكن أعرف بوجودها، وبعضها جاء متأخرًا وإنْ كان صادمًا لدرجة دفعتني لإعادة النظر في كل ما قرأته قبل ذلك. على سبيل المثال، هناك روايات غيّرت فهمي لمعنى السرد، فبدل أن أراه مجرد حكاية تُروى، أدركت أنه بناء معقّد يمكن أن يحمل فلسفة كاملة أو نقدًا عميقًا للواقع.

كما أن بعض النصوص الفلسفية والنقدية علّمتني أن الجمال لا ينفصل عن الفكر، وأن النص العظيم هو الذي يثير فيك أسئلة تظل ترافقك لأيام وربما لسنوات. وهناك نصوص كسرت قوالب المألوف والسائد.. كنت أحسب أن الشعر لا يكون شعرًا إلا إذا كان موزونًا، ثم قرأت نصوصًا أثبتت لي أن الشعر يمكن أن يتنفس بحرية في فضاءات مفتوحة دون أن يفقد جوهره. مثل هذه التجارب زعزعت المسلّمات وأعادت بناء الذائقة، لكنها منحتني هدية أكبر؛ شجاعة الشك، وحرية البحث عن الجمال في أشكال وأجناس لم أكن أتصورها.

• هل تكتب مدفوعًا بالدهشة أم بالأسئلة؟ وهل «القراءة» طريق للكتابة؟ أم حاجز دونها في بعض الأحيان؟

•• الدهشة والأسئلة بالنسبة لي مثل وجهين لعملة واحدة. أحيانًا تكون البداية شرارة دهشة أمام مشهد أو فكرة أو نص، وتارة تكون بداية السؤال الذي لا يهدأ حتى أبحث عن إجابته في الكتابة. أكتب حين أشعر أن هناك شيئًا ما يؤرّقني، يريد أن يجد صوته على الورق، وأيًا كان الدافع، فالكتابة عندي ليست فعلًا عابرًا بل عملية مجازفة نحو المجهول.

أما عن القراءة، فهي البوابة التي ألج منها إلى عالم الكتابة. القراءة تمنحني اللغة التي أكتب بها، والأفق الذي أتحرك فيه، والوعي الذي من خلاله أرى نصي من الخارج. لكنها، قد تتحول أحيانًا إلى حاجز حين يطغى حضور النصوص الأخرى أو لغة شاعر على صوتي الشخصي. عندما يحدث ذلك، أحتاج إلى التنويع القرائي، ومشاهدة الدراما والسينما وحتى الفن التشكيلي، لأستعيد إيقاع كتابتي، حتى أعود إليها بعين جديدة.

معايشة النصوص

• هذا الإصدار يمثل انزياحًا من الشعر إلى النقد القرائي.. هل ترى في هذا الانتقال تحولًا في مسارك أم امتدادًا له؟

•• أراه امتدادًا طبيعيًا لا تحوّلًا جذريًا. الشعر والنقد القرائي يشتغلان على جوهر واحد؛ البحث عن المعنى وصياغة رؤية للعالم. أجل، قد يتراءى لنا أن الشعر والنقد يقفان على ضفتين متقابلتين من نهر الإبداع؛ الأول ينطلق من الذات الحدسية ليخلق حقائق وجدانية عبر اللغة الرمزية والتصوير الاستعاري، فيما يتموضع الثاني في دائرة العقل التأملي، مستندًا إلى آليات التفكيك المنهجي والبناء التأويلي. فإذا كان الشعر يمارس فعل الكشف عبر الإلهام، فإن النقد يتعاطى مع ذلك عبر الاستدلال، وكلاهما طريق واحد إلى الحقيقة، لكن عبر وسائل مختلفة.

في هذا الكتاب، وجدت نفسي أقرأ النصوص بروح الشاعر، فأبحث عن موسيقاها الخفية وصورها المضمرة، وفي الوقت ذاته أكتب عنها بعين الناقد الذي يحلل بنيتها وسياقها. هذا المزيج جعل التجربة أكثر ثراءً، وأتاح لي أن أقدم للقارئ -ولو أنها مجرد محاولة أولى في هذا الجنس الكتابي- عملًا فيه دفء التجربة الشخصية وعمق القراءة.

• كيف تنظر إلى العلاقة بين الشاعر والناقد في داخلك؟ وهل يتصارعان أم يتحاوران؟

•• العلاقة بينهما أشبه بحوار طويل لا ينقطع. الشاعر الذي يسكنني يمنح الناقد حساسية خاصة للكلمة والصورة، فلا يكتفي بقراءة النصوص من الخارج، بل يحاول أن يعيش عوالمها. والناقد يهب الشاعر القدرة على المراجعة، وعلى طرح الأسئلة الصعبة قبل أن تخرج القصيدة إلى النور.

قد يحدث أحيانًا أن يتجادلا أو يختلفا؛ فالشاعر يريد أحيانًا أن يترك النص على سجيته، بينما يلحّ الناقد على إعادة صياغته أو تهذيبه. وفي النهاية، يتفقان على أن الهدف هو إنتاج نص يوازن بين الدهشة والعقل، وبين الانفعال والوعي.

• في زمن الطغيان السريع للصور والفيديو، هل ما زال للقراءة مكانٌ مركزي في تكوين الكاتب الحقيقي؟

•• نعم، وربما أكثر من أي وقت مضى. الصور والفيديو قد تنقل معلومة أو إحساسًا بسرعة، إلاّ أنها لا تمنح الكاتب عمق الوعي الذي تأتي به القراءة. القراءة ليست مجرد تمرين ذهني، بل هي تجربة معايشة للنصوص، تتيح لك أن تستوعب أفكار الآخرين وتعيد صياغتها بلغتك.

في زمن السرعة، تصبح القراءة أشبه بعمل مقاومة، مقاومة للتبسيط المفرط وللاستهلاك السريع للأفكار. الكاتب الذي لا يقرأ يظل أسير مخزونه المحدود، بينما الذي يقرأ يفتح لمخيّلته أبوابًا إلى عوالم لا نهاية لها.

الجدل الخلّاق

• كيف تقرأ تحوّلات الذائقة الأدبية في المملكة خلال العقدين الأخيرين؟ وأين يقف الشعر وسط هذه التحولات؟

•• شهدت المملكة خلال العقدين الأخيرين انفتاحًا واسعًا على تجارب أدبية عالمية، وازدهار أشكالٍ جديدة من السرد والشعر، وانتشار منصات النشر الإلكترونية. هذا الانفتاح أتاح للأدباء والقراء الوصول إلى أصوات لم تكن متاحة من قبل، وأحدث تنوعًا في الذائقة والتلقي.

أما الشعر، فعلى الرغم من التحديات التي يواجهها في ظل هيمنة الرواية ووسائل الإعلام البصرية، فإنه ما انفك يحتفظ بمكانته كفضاء للتعبير العميق عن الذات والهوية، بيد أنه يحتاج إلى تجديد في الشكل والمضمون ليستكمل رحلته في الذاكرة العربية دون أن يفقد جذوره التاريخية.

• ما رأيك في موقع «القراءة النقدية العميقة» في المشهد الثقافي اليوم؟ وهل ترى أنها مهددة بالتبسيط والتسطيح؟

•• القراءة النقدية العميقة هي العمود الفقري لأي حركة ثقافية حقيقية. من دونها، يصبح المشهد الثقافي عرضة للسطحية والانفعال اللحظي. غير أنها تواجه اليوم تحديات حقيقية، وربما أشدها وطأة إيقاع السرعة الذي يفرضه الإعلام الجديد، وانتشار ثقافة «الملخصات» التي تقدم النصوص في دقائق معدودة.

التبسيط ليس مشكلة في حد ذاته إذا كان مدخلًا للفهم، لكنه يصبح خطرًا حين يحل محل الفهم العميق، وحين يُقدَّم على أنه كافٍ. الحفاظ على القراءة النقدية العميقة يتطلب فضاءات تعليمية وثقافية تدعم الحوار والجدل الخلّاق، وتشجع القرّاء على طرح الأسئلة لا الاكتفاء بالإجابات الجاهزة.

• برأيك، ما الذي يحتاجه القارئ العربي ليُعيد اكتشاف القرن العشرين أدبيًا بعيدًا عن «الكليشيهات»؟

•• أعتقد أن القارئ العربي يحتاج أولًا إلى فضول نقدي يجعله يتجاوز الروايات التي تتكرر في القوائم «الأكثر مبيعًا» أو «الأشهر»، وأن يبحث بنفسه عن الأعمال التي ربما لم تحظَ بالشهرة لكنها تحمل قيمة فنية وفكرية عالية.

كما يحتاج إلى أدوات نقدية تساعده على فهم السياقات التاريخية والاجتماعية التي ولدت فيها تلك النصوص، لأن قراءة نص عن الحرب أو الثورة أو التحولات الاجتماعية دون معرفة خلفيته، تفقده نصف معناه. والأهم من ذلك، أن يتحرر من الصور النمطية التي قدّمها النقد التقليدي عن بعض الكتّاب أو المدارس الأدبية، أو الأعمال الكلاسيكية، وأن يقترب منها بعين مفتوحة على فضاء الاحتمالات.

• ما الكتاب الذي تمنّيت لو كتبته؟ وماذا تقرأ هذه الأيام؟

•• لو كان لي أن أتمنى كتابة عمل لم أكتبه، لاخترت «في انتظار غودو» لصمويل بيكيت. هذا النص الذي يبدو بسيطًا في ظاهره، يخفي وراءه عمقًا فلسفيًا هائلًا، وقدرة على تحويل الانتظار -وهو تجربة يومية مملة- إلى عمل فني يتحدى الزمن والمعنى. اللافت، أنه يعيد تعريف المسرح واللغة معًا، ويعلمنا أن نرى في الصمت والحوار البسيط أسئلة مصيرية عن الحياة والموت.

أما حاليًا، فأقرأ كتاب برتراند راسل «ما الذي أؤمن به». هذا الكتاب الصغير في حجمه، العظيم في طرحه، يقدم خلاصة رؤية الفيلسوف البريطاني للحياة بعيدًا عن القوالب التقليدية. كتبه راسل عام 1925، لكنه ما زال حيًا في أسئلته وأجوبته، إذ يمزج بين الاسئلة الفلسفية والنزعة الإنسانية، ويؤكد أن القيم يجب أن تُبنى على العقل والتجربة الإنسانية لا على الموروث غير المفحوص والميتافيزيقا.

• لو خُيّرت أن تترك للقرّاء سطرًا واحدًا من كل كتبك، فبأي سطرٍ تختتم؟

•• يا صديقي علي، الكلمات ليست غاية، بل أثر الخطى، على طريقٍ لا نهاية له.

إن النصوص ليست محطات ننتهي عندها، بل علامات في درب طويل من البحث والتدبّر. كل كتاب هو خطوة جديدة، وكل كلمة بين دفتيه، محاولة لرسم خريطة لمعنى لم يكتمل بعد، وربما لن يكتمل أبدًا.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى