سليمان المعمري لـ «عكاظ»: السرد العماني.. قصير العمر سريع النضج! – أخبار السعودية – كورا نيو

في عمان والخليج والعالم العربي، يبرز اسم سليمان المعمري واحداً من أهمّ الإعلاميين الثقافيين، وصوتاً يجمع بين التجربة الإعلامية الثرية والرؤية الأدبية المتجددة.
عرفه القراء قاصّاً يمتلك حسّاً إنسانياً شفيفاً، ومحاوراً يسعى إلى أن تكون أسئلته جسراً للتنوير لا وسيلة للضجيج.
منذ بداياته في الإذاعة وحتى حضوره اللافت في المشهد الثقافي كاتباً ومنتجاً، ظل المعمري يفتش عن جوهر الإنسان في تفاصيل الحياة اليومية، وعن المعنى في لحظات الالتباس التي تملأ العالم الحديث.
في هذا الحوار، نتحدث معه عن القراءة وعلاقته بالكتب والكتّاب، عن السرد في سلطنة عمان، وعن علاقة المعمري بالإعلام والصعوبات التي واجهت الكتّاب العمانيين، فإلى نصّ الحوار:
• حدثنا ابتداءً عن علاقتك الأولى بالقراءة والكتاب.
•• لا أتذكر متى بدأت علاقتي بالقراءة بالضبط، ربما من المذياع الذي كنتُ أحمله طفلاً في مزرعتنا وأستمع بينما ألقط البسر من تحت النخيل إلى مسلسلات إذاعية تاريخية من قبيل «قبس من الضياء» الذي يسرد حكاية سيدنا إبراهيم عليه السلام، وربما من روايتَي «الحب فوق المطر» لنجيب محفوظ، و«العمر لحظة» ليوسف السباعي، اللتين كنتُ أُقصِّر بهما المسافة بين «الردة» (قريتي حيث أسكن) ومدينة صحار التي أدرس فيها الصف الأول الثانوي، وعرفتُ من خلالهما لأول مرة أن ثمة بشراً قادرون على تحويل تفاصيل حياتنا اليومية إلى حكايات مدهشة. ومع الزمن تطورت علاقتي بالقراءة، وصارت رواية مثل «خفة الكائن التي لا تحتمل» لكونديرا التي لم أستطع إكمالها عند قراءتها للمرة الأولى عام 1997، محرضة لي على التأمل وطرح الأسئلة الوجودية في قراءتها الثانية عام 2010، وعلّمتني أن القراءة الحقيقية لا تكتفي بالإجابة بل تبحث عمّا لا إجابة له. أستطيع أن أزعم اليوم أن القراءة تمثل لي تجربة مستمرة للدهشة، ومراجعة دائمة للذات، يكبر وعيي وينمو كلما توغلتُ فيها أكثر.
• كتب وكتّاب كان لهم تأثير كبير عليك.
•• من بين الكتّاب الذين تركوا أثراً بالغاً لديَّ كقارئ يأتي عبدالفتاح كيليطو في المقام الأول.. هذا المفكر والناقد المغربي الذي يقدم المعرفة والتحليل في لغة سلسة أقرب إلى نص أدبي رفيع. من خلال كتبه «الأدب والغرابة»، و«العين والإبرة»، و«لسان آدم»، و«أبو العلاء المعري أو متاهات القول»، وغيرها، تعلّمت أن النقد ليس سلطة على النص كما يتعامل معها كثير من الأدباء، بل حوار معه، وأن اللغة يمكن أن تؤدي وظيفة معرفية وجمالية في الآن نفسه. بطريقته الهادئة والعميقة في الكتابة، يعلمك كيليطو أن التواضع المعرفي هو أعلى درجات الفهم، وأن الأدب لا يُدرَّس بقدر ما يُعاش.
ومن الكتب الأخرى التي تركت بصمتها في وعيي أيضاً كتاب «بلدي» للشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف، الذي لا تكاد تخلو صفحة من صفحاته من الدهشة، بعبارة جميلة، أو حكمة آسرة، أو حكاية شعبية طريفة، أو خلاصة تجربة حياة. أما الكتاب الذي أشعر أن له فضلاً كبيراً عليَّ ككاتب فهو رواية «كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضّك» للروائي الجزائري عمارة لخوص، هذه الرواية التي أسرتني بسخريتها الذكية وتناولها الجريء لموضوع الهوية وكيف يعيش العربي ممزقاً في مدينة تشبه الذئبة كـ«روما». أعجبت بقدرتها على الموازنة بين الهزل والجد، وعلى كشف التناقضات التي يعيشها بطل الرواية بطريقة تُحزِن وتضحِك في الوقت نفسه. كما لا أنسى قصص أنطون تشيخوف التي تعلّم كاتب القصة ما يمكن أن أسميه البساطة العميقة.. قصصه التي تبدو عادية من الخارج تخفي تحت سطحها الظاهر طبقات من المعاني المدهشة، تجعلك تقول لنفسك على الفور إن القصة لا تحتاج إلى حدثٍ عظيم لتكون عظيمة، وإن الإنسانية تكمن في التفاصيل الصغيرة التي تمرّ بنا كل يوم دون أن نلتفت إليها.
• كيف استطعت التوفيق بين هواياتك المتعددة في الكتابة والنقد وتقديم البرامج الثقافية؟
•• أولاً سأستبعد النقد من هذه الهوايات، فلستُ ناقداً متخصصاً، وما أكتبه هو آراء شخصية وانطباعات عن هذا الموضوع أو ذاك الكتاب، أو تلك القضية. تستطيع أن تقول إن الكتابة عندي هي نوعٌ من الحوار الداخلي مع ما أقرأ وأسمع وأرى. أما التوفيق بين الكتابة وتقديم البرامج الثقافية فهو امتدادٌ طبيعي لشغفي بالثقافة في صورها المختلفة. يمكن القول إن برامجي الثقافية، سواء الإذاعية أو برنامج «ضفاف» في قناة عُمان الثقافية، هي مساحة أخرى لهذا الحوار الداخلي، لكنها هذه المرة مع الآخرين؛ مع كتّابٍ ومفكرين وفنانين يفتح كلٌّ منهم لي نافذة جديدة على العالم. محاورتهم تُثري معرفتي، وتمنحني زاداً إنسانيّاً وفكريّاً يتسرّب إلى كتابتي من حيث لا أشعر. لذلك فإني أتصور أن عملي الإعلامي لا يُزاحِم الكتابة، بل يغذّيها، والكتابة من جهتها تساعدني على مقاربة ضيوفي بعمقٍ وتعاطفٍ أكبر. في النهاية، أنا لا أتعامل مع هذه المجالات كهوايات متفرقة، وإنما كمسارات متقاطعة تصبّ جميعها في نهر واحد هو حبّ المعرفة والإنصات إلى العالم عبر الكلمة.
• ما أبرز التحديات التي واجهتك ككاتب عُماني في بداياتك؟
•• أظن أن أبرز تحدٍّ واجهتُه ككاتب عُماني في بداياتي هو غياب دور النشر المحلية القادرة على تبنّي الأصوات الجديدة. في تلك المرحلة (وأعني بها نهاية التسعينيات)، لم تكن في عُمان بنية نشر محترفة تتيح للكاتب أن يرى عمله مطبوعاً بسهولة، وكان الطريق إلى القارئ يمر غالباً عبر مغامرة شخصية أو مبادرات فردية. كثير من المخطوطات كانت تبقى حبيسة الأدراج، لعدم وجود الناشر. التحدي الثاني كان في العثور على الكتب في زمن لم يظهر به كتاب الـPDF بعد، ولم تكن في عُمان مكتبات كبيرة توفّر الكتب العربية كما هي الحال اليوم، وكنا نضطر لانتظار معرض مسقط كل عام للتزوّد بقائمة الكتب التي نبحث عنها. يضاف إلى ذلك طبعاً ما يواجهه كل كاتبٍ مبتدئ من قلق البدايات؛ الخوف من عدم القبول، ومحاولة إيجاد صوتٍ خاص وسط أصوات كثيرة. هناك أيضاً غياب النقد المواكِب الذي يمكن أن يوجّه الكتابة ويقوّمها بموضوعية. وهو ما زال -للأسف الشديد- شبه غائب عن مشهدنا الأدبي اليوم.
• هل للأدب العماني خصوصية ما تجعله يتفوّق في السنوات الأخيرة على الأدب في الخليج عموماً ويحضر بشكل لافت في الأوساط العربية؟
•• إذا كان هناك من يرى تفوّق الأدب العُماني في السنوات الأخيرة، فأنا أميل إلى اعتباره حضوراً لافتاً بخصوصية واضحة أكثر من كونه تفوّقاً مطلقاً. ففوز جوخة الحارثي بجائزة «مان بوكر» العالمية عام 2019 كان لحظة كاشفة لا منشِئة؛ إذ أضاء منجزاً تراكم عبر قرون لكنه ظلّ طويلاً غير مرئي لأسباب تاريخية وعزلٍ سياسيٍّ وثقافيٍّ أشار إليه القدماء، حتى اضطُرّ الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين) للدفاع عن بيان أهل عُمان بقوله: «وهل يَعُدُّون لبلدة واحدة من الخطباء والبلغاء ما يَعُدُّون لأهل عُمان!». هذه الخصوصية تتأسّس أولاً على جذور لغوية وسردية عريقة (الخليل بن أحمد الفراهيدي، المبرِّد، ابن دريد)، وثانياً على تقاليد شعرية حيّة تحوّلت في العصر الحديث إلى قصيدة نثر وتفعيلة تكتب قلق الإنسان المعاصر، وإلى شعرٍ شعبي ناضجٍ يلتقط نبض الشارع ويغذّي الفنون الشفوية. أما السرد، فقصيرُ العمر نسبيّاً لكنه سريع النضج.. من روايات التأسيس إلى منعطفات فنية منذ أواخر التسعينيات، ظهرت أصوات كرّست تنوع الموضوعات؛ تاريخ سياسي معاصر (كما في روايات أحمد الزبيدي وعلي المعمري ومحمد اليحيائي، وشريفة التوبي، وطارق المنذري)، نساء قويات في مواجهة المجتمع، (كما في روايات جوخة الحارثي وهدى حمد وبشرى خلفان)، الحضور الباذخ للبيئة الجبلية والطبيعة البكر (كما في روايات زهران القاسمي)، الحضور القوي للساحل والبيئة البحرية (كما في روايات يونس الأخزمي وزوينة الكلباني في «الجوهرة والقبطان»، وخالد المخيني في «سمحة»)، محاولات إعادة كتابة التاريخ برؤية جديدة (كما في رواية «سر الموريسكي» لمحمد العجمي)، الحضور العُماني في شرق أفريقيا (كما في بعض روايات بدرية الشحي وشيخة الفجري وعلي المجيني وجميلة الهنائي). ترافق ذلك مع حضورٍ في الجوائز العربية وقوائمها الطويلة والقصيرة، ما عزّز الثقة بالمنجز العُماني. وعلى الموازاة، تطوّرت القصة القصيرة في عُمان من «جيل الجامعة» الذي تأسس في جامعة السلطان قابوس في تسعينيات القرن الماضي، ويُعدّ المؤسِّسَ «الفنّي» للقصة العُمانية، إلى أجيال لاحقة. وبرز المسرح بجوائز عربية، وازدهر أدب الطفل وترجماته، كما انتعش أدب الرحلة والسيرة. هذه اللوحة متعددة المكوّنات تمنح الأدب العُماني ميزة تركيبيّة؛ مزجُ المحلي (البيئة، والذاكرة، والفنون الشعبية) بالإنساني الكوني، ووجود كتّاب وكتابات عبر الأجناس تغذّي بعضها بعضاً. نعم، ما زالت هناك تحديات لكن الزخم الإبداعي واتساع خريطة الأسماء والأنواع الكتابية جعلا الحضور العُماني أكثر استدامة ووضوحاً في المشهد العربي، وهو ليس تفوقاً على الخليج بقدر ما هو تميّزٌ بطعمٍ خاص أخذ أخيراً حقّه من الانتباه.
• عملك في الإذاعة والبرامج الثقافية، هل كان له تأثير على كتابتك الأدبية؟
•• بالتأكيد، عملي في إذاعة سلطنة عُمان والبرامج الثقافية كان له أثرٌ واضح على كتابتي الأدبية، وإن لم يكن أثراً مباشراً أو مقصوداً. فالتحضير للحلقات والحوارات مع الأدباء والمفكرين يضعني كل أسبوع أمام أفكار جديدة وزوايا نظر غير مألوفة، تفتح في ذهني أسئلة وأفقاً للتأمل. في الإذاعة أتعلم الإصغاء، والكتابة في جوهرها نوع من الإصغاء؛ الإصغاء للعالم وللذات وللصمت بين الكلمات. كما أن طبيعة العمل الإذاعي، القائمة على التكثيف والدقة في اختيار المفردة، ساعدتني على تهذيب لغتي السردية وجعلها أكثر وضوحاً واقتصاداً. البرامج الثقافية تمثل لي أكثر من مجرد كونها وظيفة، بل هي مساحة حوار مستمر مع الأدب والفكر والمعرفة، ومع كلّ ما تمثله من قيم ومعانٍ. لذا أستطيع القول إن الإذاعة منحتني ما لا تستطيع العزلة وحدها منحه للكاتب؛ التواصل الحي مع المبدعين، والتجديد الدائم للطاقة التي يحتاجها الكاتب ليواصل طرح الأسئلة والبحث عن المعنى.
• ما الذي ينقص برامجنا الثقافية في الخليج؟ وكيف تراها؟
•• رغم بعض الملاحظات، لا يمكن القول إن البرامج الثقافية في الخليج ضعيفة أو غائبة، فقد بدأت في السنوات الأخيرة تحقق حضوراً ملموساً ونجاحات متزايدة، سواء من حيث تنوع موضوعاتها أو جودة إنتاجها أو قدرتها على استقطاب جمهور أوسع عبر التلفزيون والإذاعة والمنصات الرقمية، مما يبشّر بمرحلة أكثر نضجاً في التجربة الثقافية الخليجية. لكنني أشدد على أنه علينا في الخليج أن نتعامل مع البرامج الثقافية باعتبارها استثماراً طويل الأجل في رأس المال الرمزي، لا كمحتوى ثانوي. أي ألا نفكر في الربح بقدر ما نفكر في الأثر. ويتطلب ذلك قرارات إدارية شجاعة لا تخضع لمنطق السوق، من قبيل تخصيص ميزانيات إنتاجية كافية، وشراكات تبادل خليجية، وإذا كنا نعرف جميعاً أن نسب المشاهدة لهذه النوعية من البرامج ضعيفة إذا ما قارناها بنسب مشاهدة المسلسلات أو مباريات كرة القدم مثلاً، إلا أن علينا مع ذلك تجاوز هذه النسب إلى الأثر التربوي والجودة الفكرية التي تقدمها هذه البرامج.
• ما الذي يقلق سليمان المعمري اليوم على الكتابة والإبداع عموماً في ظل التسارع التقني وبروز الذكاء الاصطناعي؟
•• أن تتحوّل الكلمة من فعلٍ إنسانيّ إلى منتَجٍ آليّ بلا روح. فقد صار بإمكان أيّ شخص أن يطلب من الذكاء الاصطناعي نصّاً «مقنعاً» في دقائق، من دون أن يبذل جهداً أو يعيش التجربة التي تجعل الكتابة جديرة بوجودها. هذه السهولة المفرطة تُفرغ الإبداع من معناه الأخلاقي، وتُذيب الفارق بين الكُتّاب الحقيقيين وبين الكَتَبَة الذين ليسوا أكثر من «مستخدِمين جيّدين للأداة». يضاف إلى ذلك أن شركات التكنولوجيا الكبرى باتت تتصرّف في كتب الكتّاب وأبحاثهم كما لو كانت مُلكاً عاماً، تُغذّي بها خوارزمياتها لتنتج «بدائلهم» وتُسقط عنهم حقوقهم المادية والمعنوية، في مشهد يذكّر بعبارة الكتّاب المحتجّين في لندن التي استشهدتُ بها في أحد مقالاتي: «لقد أخذوا كتبنا لتغذية تكنولوجيا مصمّمة لتدميرنا».
ما يخيفني أيضاً أن يتراجع الحسّ الجمالي أمام الكتابة موحّدة الشكل وباردة الإحساس التي تنتجها البرامج، وقد لاحظتُ في الآونة الأخيرة تشابهاً في أسلوب كثير من المقالات، رغم اختلاف مواضيعها وتعدد كتّابها. فالكتابة سواء كانت لنصّ إبداعي أو مقال لا تقوم على الدقّة وحدها، بل على اللمسة التي لا تُكرَّر، وعلى التجربة التي لا تُستنسخ. بالتأكيد أن التقنية وُجِدتْ لخدمتنا، وعلينا ألا نرفضها، لكنها تحتاج إلى ضوابط أخلاقية وتشريعية تصون حقّ المبدع، وتضع الذكاء الاصطناعي في مكانه الصحيح؛ أداة مساعِدة، وليست بديلاً عن الإنسان الذي يكتب بذاكرته، وبجسده، وبقلبه.
• لماذا يغيب المثقف السعودي عن برامجك الثقافية؟
•• سؤال حضور المثقف السعودي في برامجي سؤال مشروع، لكنه في الحقيقة مبني على انطباع غير دقيق. فالمثقف السعودي حاضر بقوة في كل برامجي، سواء من خلال صوته المباشر في الحلقات الحوارية، أو عبر كتبه التي أتناولها بالقراءة والتحليل. في برنامج «كتاب أعجبني» مثلاً، تجد عدداً كبيراً من الحلقات لكتب مؤلفين سعوديين بارزين مثل غازي القصيبي، وعبدالله الغذامي، وعبده خال، وعبدالله ناصر، وتركي الدخيل، وإبراهيم الحسين، وأشرف فقيه، وعزام الدخيل، وأحمد الشقيري، وغيرهم، مما يعكس مكانة الإنتاج الثقافي السعودي في اهتمامات البرنامج.
أما في برنامجي الآخر «نوافذ ثقافية»، فقد استضفتُ عدداً من المثقفين السعوديين المتميزين، منهم الروائيون محمد حسن علوان وطاهر الزهراني وعبدالواحد الأنصاري، والناقدان محمد العباس وخالد اليوسف، والسينمائيان علي سعيد وأحمد العياد، وغيرهم طبعاً ولكن ليس هذا مجال إحصاء الجميع.
وفي برنامجي التلفزيوني «ضفاف» على قناة عُمان الثقافية، كان أول ضيف هو الناقد سعد البازعي، بينما آخر حلقة سُجّلت تستضيف الأكاديمي والإعلامي محمد بن عبدالله بودي، وبينهما حلقتان مع الروائية أميمة الخميس والسينمائية هناء العمير.
هذه أمثلة فقط، تؤكد أن المثقف السعودي ليس غائباً عن برامجي، بل هو شريك أصيل في محتواها وحواراتها، بحكم مكانته الرفيعة في المشهد الثقافي العربي، وما يقدمه من فكر وإبداع يستحق التقدير والتسليط الإعلامي عليه.
• ما النصيحة التي تقدمها للجيل الجديد من الكُتّاب عموماً؟
•• في الحقيقة أنا في أمسِّ الحاجة إلى النصح، مني إلى تقديم النصائح، ولكن لا بأس أن أتحايل على السؤال بنصح نفسي وإياهم؛ أن نكتب بصدق، لا باستعراض. أن نبحث عن أصواتنا الخاصة، لا عن الأصوات التي تُرضي الآخرين أو تتماشى مع ما هو سائد. أن نقرأ كثيراً، وبمحبة، وبعمق، لأن القراءة ليست ترفاً، بل هي الهواء الذي تتنفسه الكتابة. وألّا نتعجل النشر، فالنصّ الجيد يحتاج إلى وقت كي ينضج، مثلما تحتاج الثمرة إلى اكتمالها قبل أن تُقطف. وأن نصغي للحياة من حولنا، في تفاصيلها الصغيرة وأسئلتها الكبيرة، لأن الكتابة ليست هروباً من الواقع، بل محاولة لفهمه وإضاءته. وأن نتذكّر أن الكاتب الحقيقي لا يتوقف عن التعلّم، ولا يكفّ عن الشكّ في نفسه وفي نصّه، لأن هذا الشك هو ما يجعله ينمو. باختصار؛ أن نكتب لا لنُصبح كتّاباً، بل لأننا لا نستطيع إلا أن نكتب.
المصدر : وكالات



