سوء اختيار المؤثرين في الحملات التسويقية ! – أخبار السعودية – كورا نيو

نكرر دائماً أن المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي إما قادة رأي بمكانتهم الاجتماعية، أو نُخب في تخصصاتهم، أو مشاهير في مجالاتهم ومهنهم، وجميعهم يؤثرون بمحتواهم في مواقف وتوجهات الجمهور، ويحضون بدرجة عالية من إعجاب الناس بهم وبما يقدمونه، ويتفاوتون في عدد المتابعين لهم، كما يتواجدون في المنصات أكثر من غيرهم؛ نتيجة تفاعلهم مع الأحداث والقضايا المجتمعية، أو المشاركة المستمرة في المناسبات والتغطيات الإعلامية، أو حضورهم في سرد قصصهم الخاصة، ومحادثاتهم المباشرة مع الآخرين.
ومع أهمية تلك الفروقات؛ يبقى الحديث عن معايير اختيار المؤثرين في الحملات التسويقية والإعلامية هاجساً لدى الكثير من القطاعات الحكومية والخاصة وحتى غير الربحية، وتحدياً كبيراً مع تنامي أعداد هؤلاء المؤثرين، وتنوع مجالاتهم، وتوجهاتهم، إلى جانب مستوى تفاعلهم، والعائد المنتظر منهم، كذلك معايير اختيارهم بما يتناسب مع نوع الحملة (أفكار، منتجات، خدمات)، وهدفها (تسويق، ترويج، تثقيف، تعزيز، تهيئة،…)، والجمهور المستهدف منها، ومحتوى الرسائل الاتصالية المراد إيصالها، وبالتالي تشكّل هذه التفاصيل مجتمعة تحديات كبيرة أثناء التخطيط والإعداد لتنفيذ الحملات الإعلامية.
هناك ستة معايير رئيسة لاختيار المؤثرين -هي محل اتفاق بين الباحثين والمختصين-، وتشمل: سمعة المؤثر، وشعبيته وانتشاره، واهتماماته وميوله، وخبراته وتجاربه السابقة، وسمات جمهوره المتابعين له، ومتغيراته الديموغرافية (جنسه، عمره، مستوى تعليمه).
ويتفاوت ترتيب هذه المعايير، والوزن النسبي لكل معيار؛ بحسب توجهات القائمين على الحملة، وأهدافها، فمثلاً قد يكون الهدف من الحملة تحقيق الانتشار للمنتج؛ فيكون معيار شعبية المؤثر بين الجمهور له الأولوية في الاختيار، أو قد يكون الهدف من الحملة هو التعريف بالخدمة وتوعية المجتمع نحوها؛ فتكون سمعة المؤثر ومصداقيته في الترتيب الأول عند الاختيار، وكذلك حينما يكون الهدف تسويق الأفكار العميقة في المجتمع؛ فتكون الأولوية للمؤثر الذي لديه تجارب وخبرات سابقة في هذا المجال، وهكذا يكون ترتيب تلك المعايير عند اختيار المؤثرين.
تشير إحصاءات (شركة ستاتيستا) الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين إلى أن الإنفاق الإعلاني بواسطة المؤثرين في السوق السعودي وصل إلى 472 مليون دولار في 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 851 مليون دولار في عام 2030، وهذه المبالغ التي تُدفع اليوم للمؤثرين تستحق اختيارات أفضل من القائمين على الحملات التسويقية والإعلامية، لا سيما مع تنامي الوعي المجتمعي في التعاطي مع مضامين المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي، سواءً أثناء حضورهم للتغطية الإعلامية للمنتج أو الخدمة، أو خلال تفاعلهم بنقل الرسائل الاتصالية للحملة ومنتجاتها في حساباتهم الشخصية.
أجريت مع طلابي في مرحلة الماجستير مسحاً أولياً لعينة من الحملات التسويقية والإعلامية لعدد من القطاعات الحكومية والخاصة، وأظهرت النتائج أن غالبية تلك الحملات تقوم على هدف تحقيق الانتشار، والوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور، وتوثيق ذلك في تقارير الرصد لإثبات نجاح الحملة، ولكن حينما تعمقنا في مستوى التحليل لإظهار علاقة الحملة بمؤشري التفاعلية لدى الجمهور، والعائد منها في تحسين الصورة الذهنية عن المنظمة أو علامتها التجارية؛ وجدنا أن معظم الحملات التسويقية لم تحقق أهدافها بالشكل المطلوب وفقاً لهذين المؤشرين، كما جاء سوء اختيار المؤثرين أحد أكثر الأسباب شيوعاً في عدم تحقيق تلك الحملات أهدافها.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات