أخبار العالم

شيعة لبنان ليسوا «حزب وأمل» فقط..! – أخبار السعودية – كورا نيو



من الخطأ الوقوع في تبسيط مجتمع كامل عبر حصره في حزبين أو قائمتين سياسيتين فقط، كما هو الحال مع الطائفة الشيعية في لبنان التي يختزل كثيرون وجودها في حزب الله وحركة أمل.

في الحقيقة، هناك نسبة كبيرة من الشيعة تعبّر عن رفضها وتباعدها عن هذين الحزبين اللذين يسيطران على المشهد السياسي الشيعي منذ عقود. هذا الرفض لا يعني بالضرورة تقليلاً من دورهما أو تأثيرهما، لكن ما يؤكد وجود هذا الانقسام هو المشاركة المحدودة والانتقادات المتزايدة ضد هذه القوى، خصوصاً في الأحداث السياسية والاجتماعية الأخيرة.

أبرز دليل على ذلك كان في انتفاضة 17 تشرين الأول ٢٠١٩، حيث برزت خارطة جديدة لمطالب أهلية وشعبية كانت مناهضة للطريقة التقليدية في الحكم والسيطرة السياسية، وشهدنا مشاركة عدد كبير من الشباب والقطاعات الشيعية الذين عبّروا عن رفضهم للاحتكار السياسي والإقصاء الذي تفرضه هذه القوى. كما أن معدلات المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية التي حصلت مؤخرًا، لطالما كانت مؤشرًا واضحًا على حالة الاستياء وعدم الرضا، حيث اختار كثير من الشيعة عدم التصويت أو الانسحاب من العملية الانتخابية احتجاجًا على واقع الفساد والمحسوبية.

لا يمكن تجاهل الانتهاكات السياسية التي تعرّض لها معارضو الحزبين، والتي بلغت ذروتها في اغتيالات سياسية كان من أبرزها اغتيال الناشط لقمان سليم، الذي كان صوتًا معارضًا ومطالبًا بالشفافية والعدالة في لبنان. هذه الجرائم رسالة واضحة بأن الطريق نحو التغيير السياسي خارج سلطة هذه الحركات ليس سهلاً، وأن هناك محاولات ممنهجة لقمع أي صوت يخالف توجهات السلطة القائمة.

بالإضافة إلى ذلك، يُمنع أو يُعيق كثيرًا استعمال الميغا سنتر وآليات التصويت المتقدمة في الانتخابات البلدية والنيابية، ما يحد من شفافية ونزاهة العملية الانتخابية ويؤثرعلى تمثيل الكتل المعارضة. كما يتم عمدًا عدم إفساح المجال الكافي للمغتربين في الخارج للمشاركة بالتصويت في هذين الاستحقاقين.

من جهة أخرى، تشهد البيئة الشيعية هجرة واسعة النطاق، حيث غادر وهاجر العديد من أبناء الطائفة خلال السنوات الماضية بحثًا عن فرص عمل واستقرار أفضل في الخارج، بالإضافة إلى إحساسهم بالإحباط من الوضع القائم وعدم القدرة على التغيير ضمن النظام السياسي الحالي.

من الضروري أيضًا توضيح أن العقيدة الشيعية في لبنان ليست فارسية وليست مرتبطة إلحاقًا بأي هوية قومية أو ثقافية أخرى، بل هي جزء من الهوية الإسلامية اللبنانية العريقة. الشيعة اللبنانيون يجسّدون تقليدًا إسلاميًا أصيلاً يمتد عبر التاريخ، ويحتفظون بتنوعهم الثقافي والاجتماعي المحلي بعيدًا عن التعميمات التي تربطهم بثقافات أو أجندات خارجية بشكل مطلق.

الشيعة في لبنان هم أكثر من حزب الله وأمل فقط؛ توجد حركات مجتمع مدني وشخصيات سياسية مستقلة تنشط ضمن البيئة الشيعية، تستقطب اهتمام فئات واسعة من الطائفة.

في الختام، على الدولة اللبنانية أن تسعى لوضع قانون انتخابي عصري وشفّاف يضمن لكل اللبنانيين التعبير عن آرائهم بكل حرية ونزاهة، بعيدًا عن المحاصصة والاحتكار، ليس فقط داخل البيئة الشيعية، بل في كل الطوائف والمناطق، لكي يتحقق التمثيل الحقيقي ويُبنى لبنان على قواعد المشاركة الفعلية والمساواة السياسية.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى