أخبار العالم

علاقة التمويل المبتكر بالنمو المستدام – تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة من خلال التمويل متناهي الصغر – أخبار السعودية – كورا نيو



تعدّ الشركات الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية تدعم جهود المملكة الرامية إلى تنويع اقتصادها وتوفير فرص العمل وتعزيز الابتكار المستدام، وذلك في إطار سعيها للمساهمة في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.

ووفقاً لتقرير منشآت للربع الرابع من عام 2024، بلغ عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة المسجلة نحو 1.6 مليون منشأة، بزيادة نسبتها 67% مقارنة بالربع الثالث من العام ذاته، ممّا يعكس سرعة نمو هذا القطاع في المملكة. كما تصدرت المملكة دول الشرق الأوسط في حجم تمويل رأس المال الاستثماري الموجّه إلى قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث بلغ نحو 750 مليون دولار أمريكي (2.8 مليار ريال سعودي) في 2024، في دلالة واضحة على تنامي ثقة المستثمرين في إمكاناتها. توفّر الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة اليوم وظائف لنحو 7.8 مليون شخص، وتمثل 39% من تمويل رأس المال الاستثماري في منطقة الشرق الأوسط، مما يبرز أهميتها في تنمية اقتصاد الدولة. ومع ذلك، ورغم هذا التقدم، لا تزال هذه الشركات بحاجة إلى حلول تمويلية مبتكرة تتناسب مع احتياجاتها المتنوعة ويسهل الوصول إليها. ويبرز في هذا السياق التمويل متناهي الصغر كأحد أكثر الحلول فعالية في دعم نمو هذه الشركات واستدامتها. يقوم التمويل متناهي الصغر على توفير قروض متناهية الصغر ومنتجات مالية يسهل تقديمها لرواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة التي تفتقر إلى خدمات مخصصة لأعمالها ضمن الأنظمة المصرفية التقليدية، ولذلك يحظى هذا النوع من التمويل بأهمية كبرى كونه يساهم في إدماج هذه الشريحة المهمشة وتعزيز التقدم الاقتصادي على مستوى العالم. ولا يزال التمويل متناهي الصغر في مراحله المبكرة في السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن إمكاناته كبيرة وغير مستثمرة حتى الآن. فالمملكة تتمتع بواحدٍ من أعلى معدلات انتشار الإنترنت والهواتف الذكية في العالم، إلى جانب جاهزية البنية التحتية في قطاع التقنية المالية وشريحة الشباب المتمرسين رقمياً، والظروف مهيأة لاعتماد حلول رقمية قابلة للتوسع في نطاق التمويل متناهي الصغر للارتقاء بجودة الحياة ودعم المجتمعات على نطاق أوسع وبكفاءة أكثر من أي وقتٍ مضى. ويمكن الاستفادة من التمويل متناهي الصغر بصفته أداة فعّالة للتنمية الاقتصادية؛ فعلى سبيل المثال، دعمت عبداللطيف جميل للتمويل من خلال منتجها «باب رزق جميل للتمويل متناهي الصغر» أكثر من 288 ألف مستفيد في مجال التمويل متناهي الصغر منذ عام 2004، وتشكل النساء نسبة 80% من المستفيدين. ويسهم هذا الدعم في إطلاق قدرات ريادة الأعمال، ويعزز تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 مثل خلق فرص العمل والتنوع الاقتصادي ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل. ويمكن للتمويل متناهي الصغر أن يسرّع هذا التقدم الإيجابي، من خلال تسهيل منح رأس مال لرواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة غير المشمولة في خدمات الأنظمة المصرفية التقليدية في العادة، مما يساهم في تعزيز الابتكار ويمكن المنشآت من الاستثمار في البحث والتطوير وتبني تقنيات حديثة، وطرح منتجات وخدمات مبتكرة في السوق. وبما أن هذه المنشآت تعتبر من أهم الأدوات التي تسهم في خلق فرص العمل، فإن دعم نموها بشكل مباشر يسهم في توفير المزيد من فرص العمل، لا سيما لفئتي السيدات والشباب. ويسهم التمويل متناهي الصغر في تعزيز الشمول المالي، من خلال تمكين المنشآت ورواد الأعمال ليكون لهم دور فعّال في المنظومة الاقتصادية. أما على صعيد التنوع الاقتصادي، فالتمويل متناهي الصغر يعزز نمو قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة المتنامي، والذي بدوره يدعم الاقتصاد غير النفطي، ويقلل من الاعتماد على عائدات النفط ويخلق قاعدة اقتصادية أكثر مرونة واستدامة. لا شك أن تحقيق الإمكانات الكاملة للتمويل متناهي الصغر في المملكة يترافق مع مجموعة من التحديات، والتي يستلزم تجاوزها العمل على توظيف برامج الثقافة المالية ومكاتب الائتمان الفعالة وسجلات الأصول عالية الكفاءة. وتضمن هذه المنهجية المتكاملة للشركات الصغيرة والمتوسطة تقديم الخدمات بفعالية، وبناء الثقة مع الجهات المعنية والعملاء، وإدارة المخاطر، واستدامة النجاح. وتتطلب معالجة هذه التحديات تنسيق جهود التعاون بين الجهات التنظيمية الحكومية والبنوك والمؤسسات المالية المتخصصة والجهات المعنية. وتكمن أهمية هذه الجهود الجماعية في قدرتها على إنشاء بيئات تنظيمية مواتية، وتعزيز مبادرات التوعية المالية، والاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتقديم منتجات مالية رقمية، مخصصة لتلبية احتياجات رواد الأعمال السعوديين والشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية. إذا نجحت هذه الجهود في تجاوز هذه التحديات، فإن أمامنا مستقبلاً واعداً للتمويل متناهي الصغر. فالتقدم المستمر في التقنية الرقمية على مستوى المملكة، إلى جانب تزايد اعتماد مبادئ التمويل الإسلامي في منتجات التمويل متناهي الصغر -على غرار المنتجات المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية من عبداللطيف جميل للتمويل- يمثّل ركيزةً قويةً للنمو والتوسع في خدمات التمويل متناهي الصغر واعتمادها على مستوى المملكة ومنطقة دول مجلس التعاون الخليجي. ويمتلك التمويل متناهي الصغر القدرة على إحداث أثر جوهري في المشهد الاقتصادي السعودي، انطلاقاً من قدرته على تمكين الأفراد، وتحفيز ريادة الأعمال، وتعزيز الشمول الاجتماعي، وردم فجوات التمويل الأساسية، مما يقدم إسهاماتٍ كبيرة لتحقيق أهداف المملكة المتمثلة بخلق فرص العمل ودعم التنويع الاقتصادي.

* الرئيس التنفيذي لعبداللطيف جميل للتمويل، السعودية

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى