أخبار العالم

غريق كل دقيقتين ! – أخبار السعودية – كورا نيو



ما بين هواية قد تكون سبباً في وفاة عاشقها أو ممارسة تقتل منفذها، يظل الغرق إحدى الفواجع التي تحلُّ على بعض الأسر خلال تمتعها بلحظاتها السعيدة.. ثلاث دقائق فقط تكفي لتكون سبباً في التلف الدائم لخلايا المخ أو الوفاة بإسفكسيا الغرق.

ويصف الأطباء عدم وصول الأكسجين في الدم إلى المراكز الحيوية في المخ لمدة ثلاث دقائق أو أكثر، بأنه الاختناق

الذي يؤدي إلى التلف الدائم لخلايا المخ أو الوفاة، خصوصاً مراكز التنفس والجهاز الدوري والقلب.

وأكدت منظمة الصحة العالمية أن الغرق يتسبب في وفاة شخص واحد كل دقيقتين على مستوى العالم؛ ما يجعله أحد أبرز أسباب الوفاة غير المتعمدة، خصوصاً بين الأطفال والشباب.

وبينت المنظمة أن الوفيات يمكن الوقاية منها عبر تدابير بسيطة مثل تعليم السباحة، وزيادة الوعي، وتوفير وسائل الإنقاذ في الأماكن العامة، ويشكل الغرق عبئاً صحياً واقتصادياً كبيراً، إذ يترك أثراً طويل الأمد على الأسر والمجتمعات، ويتسبب في فقدان آلاف الأرواح سنوياً دون أن يحظى بالاهتمام الكافي.

ودعت المنظمة الدول إلى إدماج برامج الوقاية من الغرق في سياساتها الصحية والتعليمية، وتشجيع الأبحاث لإيجاد حلول مبتكرة للحدِّ من هذه المأساة الصامتة. الرسالة الأهم هي أن الغرق ليس حتمياً، وأن الاستثمار في الوقاية قادر على إنقاذ ملايين الأرواح.

من جانبها، كشفت هيئة الصحة العامة عن بعض الإرشادات الوقائية للوقاية من الغرق في المسابح، عبر مراقبة الأطفال باستمرار، وعدم تركهم بمفردهم لضمان سلامتهم، ومراجعة تعليمات السلامة مع الطفل قبل السياحة، والتأكد من فهمه لها.

كما شددت على إفراغ المسبح القابل للنفخ من الماء بعد كل استخدام، ووضعه بعيداً عن متناول الأطفال، وتثبيت حاجز حول المسبح، واستخدام أجهزة إنذار المسابح، مع إزالة الألعاب المائية من المسبح حتى لا يسقط الطفل في الماء عند محاولته الوصول إليها.

كما نبهت إلى ضرورة استئجار الشاليهات والاستراحات التي تحتوي على حواجز حول المسبح وتوفر أدوات الإنقاذ والسلامة المائية، وتجنب القفز في المسبح ما قد يسبب إصابات خطيرة عبر الاصطدام بسباحين آخرين أو بأرضية وحواف المسبح، والحرص على استخدام سترات النجاة والعوامات لمن لا يجيدون السباحة والأطفال، كما نبهت من الركض حول المسبح لتفادي الانزلاقات والحوادث.

فاجعة الغواص «وسام»

شهدت محافظة جدة، أخيراً، تسجيل حالتي وفاة ناتجة عن الغرق، وأعلنت جهات الاختصاص إيقاف عمليات بحث استمرت 21 يوماً، عن الغواص (وسام) الذي فقد في أعماق البحر في محافظة جدة، فيما أدى العشرات صلاة الغائب عليه، وبدأت مراسم العزاء في منزل والده بالقرية التابعة لمركز بيضان في الباحة، ليسدل الستار على حادثة غرقه وزميله فهد عرفات.

ولم يعثر على جثة الغواص (وسام)، ووجدت فرق البحث أجزاء من بدلة غوص يُرجح أنها خاصة به كان يلبسها عند نزوله للغوص، ما عزز من فرضية تعرضه لهجوم من أسماك القرش.

وتعود تفاصيل الحادثة بعد قيام ثلاثة أصدقاء بالنزول للبحر في شاطئ منتجع شمالي جدة، وبعد انتهاء جولة الغطس عادوا وغادر أحدهم لارتباطه بعمله، وعاد وسام الزهراني وفهد عرفات، للغوص في جولة جديدة، انتهت بفقدانهما، ومن ثم إعلان غرقهما، إذ فُقد الاتصال بهما، لتنطلق عمليات البحث التي استمرت 21 يوماً، ومع تعذر العثور عليهما، أعلنت الجهات المختصة، أخيراً، وقف عمليات البحث، لتُعلن الوفاة رسمياً، في خبر أحزن ذويه وسكان منطقته وكل من عرفه.

ويُعدُّ التعرُّض للغرق من أكثر الحوادث صعوبةً يمكن أن تواجه أي شخص، ورغم أن 75% من الغرقى يتم إنعاشهم وبقاؤهم على قيد الحياة، إلا أن عدد الوفيات الناتجة عن الغرق تقدر بـ500 ألف وفاة سنوياً حول العالم، ويبقى نحو 6% ممن تم إنقاذهم يحملون أنواعاً مختلفة من الإعاقة.

وتوضح الإحصائيات أن 90% من حوادث الغرق تحدث في المياه العذبة (أحواض السباحة، السيول والأودية)، وبقية الحالات وتمثل 10% تحدث بسبب الغرق في مياه البحر، وأن نحو 15% من حالات الغرق يلفظ الغريق أنفاسه حتى قبل أن تغمره المياه، وهو ما يسمى بـ(الغرق الجاف)، وأن الدقائق الأولى قد تحسم مصير الغريق.

متى يصعب الإنقاذ؟

خبير الغوص عدنان بخاري الحازمي قال لـ«عكاظ»: إن مدة البحث عن الغرقى تختلف حسب عدة عوامل؛ منها عمق المياه وظروفها، ودرجة حرارة الماء، ووجود تيارات مائية في موقع الغرق، أو وجود دوامات بحرية أو كهوف وسط الصخور، بالإضافة إلى مهارات الغواصين المشاركين في عملية البحث.

وبيَّن أن هناك بعض النقاط الزمنية الرئيسية التي يجب أخذها في الاعتبار في حالات الغرق العادية، «ويمكن أن تستغرق عملية البحث عن غريق عدة ساعات، وقد تستمر عده أيام، خصوصاً في الحالات التي يصعب فيها تحديد موقع الغرق أو في حال وجود عوائق طبيعية أو تضاريس معقدة».

وعند حدوث الغرق في نطاق محدد أو مسبح، فلا يتطلب الأمر سوى وقت وجيز لانتشال الغريق، أما في حالات الغرق في البحر المفتوح فقد تطول مدة البحث لوجود عده عوامل تؤدي إلى ذلك بسبب صعوبة الوصول إلى الأعماق وتأثير الضغط، وعدم معرفة موقع الغريق.

وأوضح أنه في حالات الغرق في المياه الضحلة قد يكون البحث أسرع وأسهل، ولكن قد يتأثر بوجود تيارات مائية أو عوائق في المياه، وقد تستغرق العملية وقتاً أطول بسبب الظروف المحيطة، حيث تؤثر مدى الرؤية في الماء بشكل كبير على مدة البحث، فكلما كانت الرؤية أفضل، زادت فرص العثور على الغريق بسرعة، إضافة إلى تأثير ظروف الطقس مثل الرياح والأمواج والتيارات المائية على مدى فعالية البحث.

وقال بخاري: «إنه كلما زادت المعلومات المتاحة عن موقع الغرق وظروفه، زادت فرص العثور على الغريق بشكل أسرع، كما تساهم ساعات الغواصين التي يرتدونها في تسجيل معلومات دقيقة عن العمق والوقت، إلا أن كثيراً منهم لا يربطها بأي نظام تتبع خارجي، ما يجعل عمليات التحديد والاستدلال على الموقع أكثر صعوبة».

الإنقاذ دون إجادة

مدير العمليات في المديرية العامة للدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة سابقاً اللواء متقاعد عبدالله جداوي أكد لـ«عكاظ»: أن موسم الصيف يشهد إقبالاً كبيراً على ممارسة السباحة في الكثير من المواقع التي تفتقر لوجود منقذين، «وهناك تجاوز من البعض في ممارسة السباحة بالكثير من المواقع الممنوع السباحة فيها».

وحذر اللواء الجداوي من «محاولة الإنقاذ دون معرفة أو دراية وإجادة للسباحة، إذ تزيد حالات الغرق، فالتعاطف والاندفاع كان سبباً مباشراً في غرق الكثير من الأشخاص خصوصاً في المستنقعات التي تخلفها السيول، وهناك آليات وطرق في عمليات الإنقاذ يعلمها المختصون والمدربون؛ لذا يجب عدم المجازفة بالنزول في المياه لعمليات الإنقاذ حتى لا تصبح المشكلة أكبر».

وشدد على ضرورة الاهتمام بتعليم الأبناء السباحة، والالتزام بجميع التحذيرات الصادرة عن الجهات المختصة بمنع السباحة في المواقع الخطرة، ومتابعة الظروف الجوية قبل النزول للبحر والمخاطر المحتملة، والتقيد بتعليمات السلامة أثناء السباحة وارتياد الشواطئ والمسابح، وعدم ترك الأطفال يسبحون بمفردهم ومراقبتهم، مع الحرص على ارتداء السُّتر الخاصة بالسباحة، وتركيب حواجز وأبواب على المسابح الخاصة، مع تجنب نزول الأودية ومواقع جريان السيول خلال هطول الأمطار أو عقبها.

الغرق في المياه العذبة أسرعأ

وضح اللواء متقاعد عبدالله جداوي أن الغرق في الماء العذب أسرع من الماء المالح لعدة أسباب؛ من أبرزها أن الماء العذب يحتوي على نسبة ضئيلة من أملاح الكلوريد (الملح)، التي قد تصل إلى الرئتين وتدخل الدورة الدموية الرئوية؛ منها الحويصلات الهوائية، والشعيرات الدموية الموجودة بالرئة التي تؤدي إلى تكسير كرات الدم الحمراء وتزيد مستوى البوتاسيوم بالدم، وهبوط مستوى الملح، ما يؤدي إلى تذبذب كهرباء القلب، وتوقف القلب، خصوصاً عندما يكون الماء العذب شديد البرودة أقل من 10 درجات، وهو ما يؤدي إلى توقف القلب بصورة مفاجئة.

أما الغرق في المياه المالحة مثل مياه البحر، فتكون نسبة الملح في الدم أو الصوديوم كلوريد 3% فأكثر، فيؤدي إلى ارتشاح في الرئتين أو الأوزيما الرئوية، وزيادة لزوجة الدم الناتجة عن زيادة الأملاح في بلازما الدم، ويستنتج من ذلك أن تحديد فترة الوفاة في المياه المالحة تكون من 8 إلى 12 دقيقة، ما يسمح بإعطاء فرصة لإنقاذ الشخص الذي تعرض للغرق، بينما الغرق الناتج عن المياه العذبة تكون من 4 إلى 5 دقائق فقط، وهو ما لا يعطي فرصة لإنقاذ الشخص الذي تعرّض للغرق، خصوصاً أن الوفاة تحدث بغتة نتيجة توقف القلب المفاجئ.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى