أخبار العالم

غزة..سجن مفتوح ومجازر متتالية – أخبار السعودية – كورا نيو



ما يفعله بنيامين نتنياهو في غزة لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة أمنية أو سياسية. حجم الدمار، والعدد المهول من الضحايا المدنيين، وصور الأطفال تحت الركام، جعلت كثيرين حول العالم يتساءلون: هل تجاوزت إسرائيل اليوم حدود ما فعله أكثر الطغاة وحشية في التاريخ الحديث؟ في لحظة رمزية مؤلمة، يمكن القول إن هتلر نفسه -رمز الشر المطلق في الذاكرة الإنسانية- ربما يشعر بالخجل من هول ما ترتكبه آلة الحرب الإسرائيلية في القطاع المحاصر.

إن ما يجري في غزة لا يشبه حربًا بين جيشين، بل يشبه عملية إبادة بطيئة لشعب أعزل. لا يمكن لأي خطاب سياسي أن يغطّي على هذا العار، ولا لأي تبرير دبلوماسي أن يمحو حقيقة أن القوة المفرطة تُستخدم ضد مجتمع مدني يعيش منذ سنوات في سجن مفتوح. العالم يشاهد، ويغض الطرف، بينما تتوالى المجازر بلا توقف.

لكن في المقابل، فإن لحظة الألم هذه قد تكون أيضًا لحظة وعي. فاليوم، أكثر من أي وقت مضى، يدرك الرأي العام العالمي أن السلام ليس شعارًا مثاليًا، بل ضرورة أخلاقية وسياسية لوقف دورة الكراهية والدمار. حان الوقت لأن تعيد إسرائيل النظر في توجهها، وأن تثبت عمليًا أنها قادرة على تجاوز منطق القوة إلى منطق العقل.

لقد أثبتت العقود الماضية أن السلام يتناقض جوهريًا مع فكرة السياسة الإسرائيلية التوسعية التي تأسست على مبدأ فرض الأمر الواقع. من هنا نفهم لماذا رفضت إسرائيل المبادرة السعودية للسلام التي طُرحت عام 2002، والتي كانت تهدف إلى حل شامل للقضية الفلسطينية، يقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام، والاعتراف المتبادل، والتطبيع الكامل بعد إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. كانت تلك المبادرة فرصة تاريخية حقيقية، لكنها قوبلت بالتجاهل والريبة، لأن إسرائيل -في ذلك الوقت كما الآن – لم تكن مستعدة لسلام حقيقي يقيّد مشروعها التوسعي.

اليوم، وبعد كل هذا الدم، يبدو أن المخرج الوحيد من هذا النفق المظلم هو العودة إلى تلك المبادئ التي طرحتها السعودية قبل أكثر من عقدين. السلام ليس ضعفًا، بل هو ذروة القوة والعقلانية. والذين يعتقدون أن بإمكانهم بناء أمنهم على أنقاض الآخرين، سينتهون في عزلة أخلاقية وسياسية خانقة.

لقد آن الأوان لأن تعترف إسرائيل، ومن ورائها العالم، بأن ما حدث في غزة ليس فقط مأساة إنسانية، بل فشل أخلاقي عالمي. وإذا كان هناك درس واحد يجب أن يُستخلص من هذا الجحيم، فهو أن القوة بلا عدالة لا تصنع أمنًا، بل تولّد أحقادًا لا تنتهي.

السلام لم يعد خيارًا ترفيهيًا، بل بات ضرورة وجودية. ومن يرفضه اليوم، سيكتشف غدًا أنه هو الخاسر الأكبر — أخلاقيًا وتاريخيًا.

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى