قرأت ثم كتبت ثم سرقت ! – أخبار السعودية – كورا نيو

كتابة المقال الصحفي يلزمه مقدمة، وأنا إنسانة (دوغري) دائماً ولا أحب المقدمات، وبناءً عليه ندخل في صُلب الموضوع مباشرةً دون أي تمهيد.
قرأت كما يقرأ الناس، لا بحثاً عن الحقيقة، بل بحثاً عن جملة أو فكرة ترضي قلقي، وعن شيء أشعر فيه أن الكاتبة بداخلي قد تعبت أكثر مني، حتى أقرأ بريبة القارئ الذي يشك أن جميع الكُتّاب يؤلفون ويكذبون عليه.
فقررت القراءة في عدة مجالات، بدأتها بالتنمية الذاتية، واكتشفت أنني السبب في جميع (مصائبي)، وأنني إن لم استيقظ يومياً مع (زقزقة العصافير) ستتأثر عجلة التنمية الاجتماعية، وإن لم أؤمن بنفسي إيماناً مطلقاً فإن الكون كله لن يؤمن بي أو بخربشات قلمي.
ثم (غيّرت الموجة) وقرأت عن العلاقات الإنسانية، فاكتشفت أن النصائح كلها تدور حول «اختيار الأشخاص المناسبين»، وتخيّلت أنني في سوبرماركت كبير وأنتقي (حبات طماطم) ممتازة، فالحقيقة التي تعلمتها في حياتي هي أن الشخص المناسب لا يُكتشف في أول لقاء، بل في أول «سوء فهم» يحدث في العلاقة.
ثم قرأت قليلاً في السياسة -رغم أني لا أحب أن أحشر أنفي فيها- فاكتشفت أنني مجرد مواطنة صالحة لا تصلح للخوض في أمورها، وأكتفي بذكري كفرد حي يُرزق في تعداد السُكان والإحصائيات، ولكني قد أصبح (مواطنة شرسة) إذا تعدى أي أحمق على وطني أو ولاة أمري، لأني في الحقيقة أرى بلادي أعظم بلاد، فهي تاريخ يحمل مجداً، ومستقبل يُرسم بخطط محسوبة وواعدة، ويكفيني كمواطنة سعودية شعور الطمأنينة حين أضع رأسي على وسادتي، وأعرف أن هذه الأرض يقودها ويحكمها رجال تسهر على أمنها وأمانها وراحة شعبها.
ثم خرجت من طور السياسة لأقرأ عن الصداقات، فوجدت أن الصديق الحقيقي يجب أن يكون مرآتك، ينقل لك دائماً صورتك كما هي دون تزييف، ويفتح لك نوافذ الأمل والهواء متى شعرت بالاختناق، ويغلق عليك الأبواب متى احتجت للراحة والعزلة عن العالم الخارجي.
ثم قرأت أخيراً عن ما يفيدني في الكتابة الصحفية، واكتشفت أن الكاتب يضحك على القارئ، والقارئ يعلم أن الكاتب (كاذب) في معظم الأحيان، ولكنه يستمر بقراءة المقالات وينتظر أن نُضحكه أو حتى نُبكيه على الأقل حتى لا نُصيبه بالملل.
قيل لي في بداية مشواري الصحفي إن الصحافة هي «فن قول الكثير بالقليل»، لكن معظم الكُتّاب -وأنا أولهم- ينجحون فقط في قول القليل بالكثير.
والأطرف في الأمر أن الكاتب الصحفي لا ينجو مهما كتب من النقد، فإن كتب بإيجاز اتهموه بالسطحية، وإن أسهب (وقرقر) على رؤوس القرّاء اتهموه بالثرثرة، وإن حاول السخرية قالوا هذا كاتب يستخف بالعقول، وإن كتب بلغة جادة وجافة اتهموه بالحّدة.
وبين كل هذه (البلاوي) يبقى سر الصحافة والسُلطة الرابعة مثيراً، أن تكتب ليقرأك الناس، وحتى لو قرأوك بريبة أو بمحبة أو بغيض أو حتى من باب الفضول، على الأقل تكون قد نجحت -كما فعلت أنا- في أن تسرق من وقتهم لو بضع دقائق يصفقون لك بعدها أو يحذفونك (بالطوب).
وبالطبع كتابة المقال الصحفي يلزمه خاتمة، وأنا بصراحة إنسانة (مالي خاتمة).
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات