«كانتي الخجول».. تحمَّل مشقة الحياة وأصبح نجماً لامعاً – أخبار السعودية – كورا نيو

الخجول طيب القلب صاحب الابتسامة التي تزين ملامحه خارج المستطيل الأخضر وهو يلقى قبول كافة شرائح المجتمع الرياضي، أما داخل ملحمة المنطقة القانونية المستطيل الأخضر فهو شرس لا يرحم القاصي والداني في آنٍ واحد.
قصير لكنه فنان يعرف متى يقطع الكرة من الخصم تحت عبارة «ممنوع المرور»، راكز في مركز 6 يضع الخصوم القادمين نحوه في «الصندوق» الذي يلقب به.
النجم الدولي الكبير العالمي نغولو كانتي لاعب خط وسط منتخب فرنسا ونادي الاتحاد، الذي عاش في بداية حياته حياة صعبة، وعانى من الفقر، وعمل هنا وهناك حتى أصبح أحد أبرز نجوم «الساحرة المستديرة» بالعالم، إليكم ثنايا تفاصيل قصته التي تعتبر عظة للجميع:
حياته الشخصية
ولد كانتي في باريس لأبوين ماليين هاجرا إلى فرنسا من مالي عام 1980. نشأ في شقة صغيرة في روي مالميزون، أوت دو سين. توفي والده بعد فترة وجيزة من بلوغه 11 عاماً، وتوفي شقيقه الأكبر نياما بنوبة قلبية قبل كأس العالم 2018.
سُمي على اسم الملك نغولو ديارا من إمبراطورية بامانا. بدأ كانتي حياته المهنية في سن الثامنة في جي أس سورينس في الضواحي الغربية للعاصمة، وظل هناك لمدة عقد من الزمان. كانت أخته الصغرى أيضاً في الفئات السنية في سورينس.
تم رفضه من الأكاديمية في كليرفونتين. في ذلك الوقت كان رونالدو، ورونالدينيو، ودييغو مارادونا لاعبيه المفضلين منذ نشأته، في سن الـ21، بينما كان يلعب لبولون، حصل على دبلوم في المحاسبة المهنية.
في بداية مسيرته المهنية في بولون كان يذهب إلى التدريبات على سكوتر ركل، واعتباراً من عام 2018 قاد سيارة ميني هاتش، أول سيارة يشتريها في إنجلترا؛ لأنه وجد أنه من السهل تعلم القيادة عليها. كانتي على علم بتصور الناس له كشخص خجول، لكنه قال أيضاً إن القصص عنه من قبل زملائه الحاليين والسابقين، مثل جيمي فاردي، غالباً ما كان مبالغاً فيها.
الرئاسة المالية
في عام 1979 حصل الجنرال موسى تراوري على 99% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية المالية، ما أشعل فتيل شرارة الاحتجاجات الطلابية التي تطورت إلى عدة محاولات انقلاب جعلت كثيرين يهربون من البلاد، وأحدهم اتجه في 1980 إلى باريس ليُبشر بعد 11 عاماً بقدوم مولوده نغولو، الذي أصبح أحد أهم محاور الارتكاز في كرة القدم الحديثة.
جامع قمامة
استقر كانتي الأب في ضاحية رويل مالمايسون، التي تبعد عن باريس نحو 50 دقيقة. ضيق ذات اليد جعل الرجل القادم من مالي يقطن في الضاحية المعروفة بالفقر، ونسبة الجرائم العالية. بدأ بعدها يعمل جامع قمامة ليطعم أطفاله، وفي 29 مارس 1991 تلقى خبر ولادة طفله الذي اختار له اسم نغولو.
كان والد نغولو يواصل عمله في جمع القمامة بينما والدته تعمل خادمة منزلية. الطفل نغولو بدأ بمساعدة والده بعمر 7 أعوام، حينها كانت البلاد تستضيف كأس العالم، ووجد كانتي الصغير المناطق المحيطة بالملاعب مليئة بالقمامة التي يمكن إعادة تدويرها، وفي ذات الوقت كان يرى البلاد تصطف صفاً واحداً خلف منتخب فرنسي يحتوي على قائمة كبيرة من مهاجرين أفارقة يتقدمهم زين الدين زيدان، وباتريك فييرا، وليليان تورام، ما دعاه إلى التفكير باختيار كرة القدم مساراً مهنياً له. وفي العام اللاحق استفاد كانتي من ثورة عمت فرنسا شهدت اهتمام المجتمع بكرة القدم، وساعده في ذلك افتتاح الكثير من الأكاديميات التي دخل إحداها الصغير ليبدأ مشواره مع كرة القدم.
مساعدة عائلته
ويعتبر الفرنسيون عام 2002 من أكثر الأعوام إحباطاً بالنسبة لهم في كرة القدم، فالمنتخب الحائز على المونديال السابق وبطولة أوروبا قبلها بعامين ودع كأس العالم من الدور الأول، لكن بالنسبة لنغولو كانتي كان أكثر الأعوام حزناً في حياته، إذ توفي والده، وترك له مهمة إعالة عائلة كبيرة تعيش تحت خط الفقر.
لملمة الجراح
لملم كانتي جراحه وقرر التركيز على كرة القدم، بعد 4 أعوام في فريق الأكاديمية نضج كشخص ولاعب كرة قدم، وفي 2010 انتقل إلى فريق بولون في الفئات السنية، وبعد عامين صعد إلى الفريق الأول، وفي الموسم اللاحق انتقل إلى كاين، وهنا بدأت الأعين تراقب ابن المهاجر.
تعرض للخطف
بدأت المشكلات تلاحق نغولو حتى وهو يحاول الابتعاد عنها، إذ كشفت مجلة «فرانس فوتبول» أن كانتي تعرض للخطف من قبل شخصين يعرفهما، وطلبا منه تغيير وكيل أعماله للحصول على حصة من المال. وبحسب المجلة، فإن أحدهما وجه مسدساً نحو ركبة اللاعب الفرنسي مهدداً إياه بإنهاء مسيرته في عالم كرة القدم، قبل أن يتم إنقاذه.
حلم المونديال
بعد 20 عاماً منذ كان يمر بالقرب من ملاعب كأس العالم في فرنسا، جاء إلى نغولو الخبر السعيد.. «ستكون ضمن قائمة المونديال في روسيا».. ولكنه صدم بخبر مؤلم قبل أسابيع من بداية البطولة، إذ باغتت أزمة قلبية شقيقه الذي فارق الحياة.
وفي روسيا تحامل نغولو على آلامه، وأصبح ملهماً لجميع الفرنسيين عندما قدم أداء رفيعاً في المونديال ساهم في إضافة النجمة الثانية على صدور «الديوك»، ليحقق الحلم الذي رآه يوماً ضرباً من خيال.
نظرة خجل
رقص لاعبو فرنسا وغنّوا في موسكو بعد الفوز على كرواتيا في المباراة النهائية، لكن الخجول كانتي لم يجرؤ على الاقتراب من ملامسة الكأس، وهنا يقول زميله أولفييه جيرو: “كان دوري حينها لحمل الكأس، ورأيته ينظر بخجل نحوها، خصوصاً أن الأشخاص كانوا يتصورون معها، قبل أن يحضروها له ويطلبوا منه أن يلتقط صورته الخاصة مع إنجاز كان فيه أحد أكبر المساهمين.
هوايات واهتمامات
بعيداً عن كرة القدم، يستمتع كانتي بالأنشطة المختلفة التي تعكس شخصيته المتواضعة:
القراءة: يستمتع بكتب تطوير الذات وكتب التاريخ.
ركوب الدراجات: يشاهد ركوب الدراجات بشكل متكرر في الحي الذي يسكن فيه.
اللياقة البدنية: يشارك في أنشطة اللياقة البدنية خارج نطاق تدريب كرة القدم.
مشاركة المجتمع: يشارك في الأحداث المحلية التي تروج للرياضة والحياة الصحية.
الطبخ: يجد الاسترخاء في الطبخ وتجربة الوصفات الجديدة.
العمل الخيري
كانتي كرَّس نفسه لرد الجميل للمجتمع، خصوصاً دعم الأطفال المحرومين، وبرامج تنمية الشباب. ويتبرع لأكاديميات كرة القدم المحلية وأندية الشباب، ويوفر الموارد والإرشاد للرياضيين الطموحين. وعلى الرغم من طبيعته المتحفظة، فإن جهوده الخيرية لها تأثير كبير.
القيم والمعتقدات
مسترشداً بالتواضع والعمل الجاد والمثابرة، يظل كانتي راسخاً على الرغم من نجاحه، إن رحلته من خلفية متواضعة إلى النجومية العالمية هي شهادة على تفانيه ومرونته، إن قيمه العائلية القوية، واهتماماته المتنوعة، والتزامه بالعمل الخيري تسلط الضوء على فرد متكامل يوازن بين النجاح المهني والإشباع الشخصي.
النجم الرحيم
في الختام، الحياة الشخصية لكانتي عبارة عن مزيج من الدعم العائلي، والاهتمامات الشخصية، والمشاركة المجتمعية. قصته هي مصدر إلهام، ما يدل على أنه شخص مخلص، ورحيم، سواء في الملعب أو خارجه، يعيش كانتي حياة تتسم بالأصالة والهدف.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات