كبار السن بين التحديات ومسارات التمكين.. – أخبار السعودية – كورا نيو

استمع إلى المقال
استمع
–:–
أسعد كثيراً بالفعاليات التي تحمل طابعاً إنسانياً أو اجتماعياً أو خدمياً، ويسبقني شغفي للكتابة عن المبادرات التي تترجم توسّع وعينا بأهمية هذه المبادرات وتعكس تحضّرنا المستند على قيمنا وترابطنا، حيث يشكّل التكافل الاجتماعي والعمل الإنساني رافعة حضارية تعكس رُقي المجتمع وقدرته على حماية كل فئاته وتعظيم قيمة الإنسان فيه، وذلك نابع من إيماني التام بأنه كلما تعزّزت هذه الممارسات تكرّست نهضة الدول، ورسّخت صورتها كبيئات مدنية متقدّمة تُبنى على العدالة والمسؤولية المشتركة.
يُعقد يوم غدٍ الأربعاء 19 نوفمبر 2025م «منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع» في دورته الثامنة عشرة تحت عنوان «كبار السن: من التحديات إلى التمكين»، وذلك في مقر مركز عبدالرحمن السديري الثقافي – فرع «دار الرحمانية» في محافظة الغاط، يأتي هذا الحدث في إطار التزام ثقافي ومجتمعي واضح، حيث يلتقي الفكر بالممارسة تحت مظلة واحدة لتسليط الضوء على فئة مهمة من المجتمع تشهد لها التجارب المحلية والعالمية بأدوارها المتعددة.
يركّز المنتدى على محورٍ محوري يتمثّل في تعزيز تمكين كبار السن، ليس بوصفهم فئة بحاجة إلى الرعاية فحسب، بل كشركاء فاعلين في المشهد الاجتماعي والتنموي. ويهدف إلى إبراز التحديات التي تواجه هذه الفئة من تغيّرات حياتية، وتحوّلات في الأدوار الاجتماعية، وإشكالات العزلة والتهميش، إلى جانب بناء فرصة حقيقية للانخراط الاجتماعي النشط والمستدام. وضمن هذا الإطار، يسعى المنتدى إلى عرض واقع كبار السن في المحافظة وخارجها، من حيث مستويات المشاركة المجتمعية والاحتياجات الخاصة بهم، وصياغة توصيات عملية تدعو إلى إشراكهم في مبادرات محلية تعزز من قابليتهم للتمكين والاندماج، ودعم الحوار بين الأجيال وربط الخبرات الحياتية بمبادرات التطوير المجتمعي، مما يعكس منظوراً إنسانياً ينظر إلى الشيخوخة كمرحلة تمتلك فيها الخبرات والإمكانات وليس فقط المشكلات.
لم يأتِ اختيار مركز عبدالرحمن السديري الثقافي ليكون مقراً لهذا الاجتماع السنوي إلا بُعداً تاريخياً ومعرفياً، فالمركز بني كمخزون ثقافي ومعرفي، ويضم فرعاً في الغاط («دار الرحمانية») أسّسه المؤسّس الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري، ليكون منارة للثقافة والمكتبة والمجتمع المحلي. ويُعدّ المركز أحد أبرز الحواضن الثقافية والأدبية في المحافظة، عبر مكتباته العامة، ومطبوعاته الفاعلة، وأنشطته التي تُعنى بالنشر وبناء القدرات المعرفية ودعم المبادرات الاجتماعية.
إن انطلاق المنتدى في هذا التوقيت والموقع يعكس رؤية تستشرف التحوّل المجتمعي ضمن رؤية وطنية شاملة، تجعل من الحضارة الثقافية والمعرفة محرّكاً لتمكين الإنسان، أي الإنسان في مختلف مراحل عمره. وفي هذا السياق، لا يُعدّ هذا المنتدى حدثاً موسميّاً، بل محطة استراتيجية في مسار التنمية المحلية تُرسي فكرة أن التمكين الاجتماعي لا يبدأ من الصفر، بل من الخبرة والعطاء والارتباط بين الإنسان ومحيطه.
بهذا المعنى، يمثّل المنتدى «كبار السن: من التحديات إلى التمكين» خطوة نوعية نحو تخفيف الفجوة بين الأجيال، وتعزيز أنظمة التماسك الاجتماعي، وتحويل الشيخوخة من مرحلة انتظار إلى مسار فاعل في المجتمع. وختاماً، فإن الغاط بهذه الفعالية تؤكد أنها ليست مجرد محطة عابرة على خارطة العمل الاجتماعي، بل فضاء يروي تجربة التنمية المجتمعية الثقافية التي تشارك في رفعة الوطن وارتقائه وفقاً لتاريخها الزاخر ورجالاتها الأفاضل وبصمات نسائها الشجاعة والجديرة بالتوثيق والمتابعة.
المصدر : وكالات



