لطفاء لأنهم أقوياء.. يهذّبون التعامل.. ولا يجرّحون بالحروف – أخبار السعودية – كورا نيو

منذ أول حرف ينطقه الإنسان، يتشكل جزءٌ من حضوره، ومنذ أول عبارة، تُبنى حوله صورته، ولسنا بحاجة إلى دراسات علم النفس والسلوك الاجتماعي لنفهم أن الأسلوب هو المفتاح الذي يفتح القلوب أو يغلقها، وأن الكلمة قد تكون سلماً إلى الأعالي أو هاوية لا قرار لها.
لماذا يغفل البعض عن هذا المبدأ الإنساني العميق؟، ولماذا يختارون الكلمات المستفزة، والتعالي المصطنع، والنبرة الخشنة، بينما بين أيديهم قاموس واسع من اللطف والأناقة والتعاطف واللغة العذبة؟
إن من يتعامل بفظاظة، لا يملك تفوقاً في المنطق ولا رجاحة في الرأي، بل إن أسلوبه غالباً ما قد يُفسر على أنه قناع لخلل داخلي، إما في الثقة، أو في الاتزان النفسي، أو حتى في فهمه لذاته والآخرين.
الشخص الفظ، في الغالب، لا يدري أنه ينزف من رصيده الإنساني أكثر مما يكسب.
والسؤال هنا ليس عن القدرات، فكل إنسان منّا قادر على أن يسبّ، أن يشتم، أن يجرح، أن يحطّ من قدر الآخر، لكن المعضلة في الاختيار.
لماذا نختار أن نكون مؤذين؟ لماذا نختار أن نترك في الآخر ندبة بدلاً من أثر جميل؟ لماذا، ونحن نملك رصيداً لغوياً هائلاً من الجمال، لماذا نصرّ على استخدام أبشع ما فيه؟!
وفي محيط الحياة اليومية، سواء في العمل أو الأسرة أو الأصدقاء، نلمس بوضوح أن الأسلوب هو العامل الخفي الذي يحدد مسار العلاقة.
فالموظف قد ينجز مهامه، لكن أسلوبه الفظ يجعله مرفوضاً اجتماعياً، والقائد قد يكون حازماً في سيطرته، لكن قسوته تلغي قدرته على التأثير، والصديق قد يقول الحقيقة، لكن بأسلوبه الجارح يخسر من حوله.
وهكذا، يبقى اللطف تاجاً لا يضعه إلا من فهم أن الهيبة لا تُنتزع بالفظاظة والصراخ، بل تُكسب بالحضور الباسم، والكلمة الطيبة.
فالأساليب المستفزة لا تخلق إلا أجواءً سُمّيّة، ملغومة بالشكوك، وردود الأفعال، تُجهض كل مساحة للنمو والتفاهم والتألق.
هي سلاح قديم، لمن لا يجد من نفسه نوراً كافياً لينير قلوب الآخرين، فيُطفئ المصابيح.
الأسلوب هو أنا وأنت، ولا شيء يُعرّفك أكثر من طريقة تعاملك، فاختر أن تكون ضوءاً أنيقاً في عوالم لا تكفّ عن التعتيم.
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات