أخبار العالم

لمحات عن 35 عاماً من العلاقات الدبلوماسية والشراكة الإستراتيجية الصينية السعودية – أخبار السعودية – كورا نيو



يصادف اليوم الذكرى الـ٣٥ لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية. في هذا اليوم المميز، وبالنيابة عن القنصلية العامة الصينية بجدة، أود أن أعرب عن خالص امتناني لجميع الأصدقاء في المملكة الذين طالما اهتموا ودعموا تطوير العلاقات الثنائية. وعلى مدار ٣٥ عاماً، وقف الجانبان معاً في السراء والضراء، مؤسِّسين علاقة متينة تجاوزت التحديات وازدهرت بفضل التفاهم المشترك والرؤية الإستراتيجية لقيادتي البلدين والجهود المشتركة للشعبين الصديقين، حيث أسفر التعاون العملي عن نتائج مثمرة، وأصبحت الصداقة بين الشعبين عميقة بشكل متزايد.

١- لا تبعد الجبال والبحار بين من تتحد أهدافهم، فأرسى القائدان الصيني والسعودي حجر الزاوية الاستراتيجي في العلاقات الثنائية.

في القرن الخامس عشر الميلادي، وصل الملاح الصيني تشنغ خه مع أسطوله إلى جدة ومكة المكرمة. تحفظ شظايا الخزف الصيني القديم، التي اكتُشفت في موقع السرين الأثري، الصداقة الثمينة التي جمعت الشعبين عبر القرون. تحمل هذه اللمحات التاريخية حكاية التواصل الودي بين البلدين، وتغذي بالأعماق التاريخية باستمرار في تعميق العلاقات الثنائية في العصر الجديد.

منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية في ٢١ يوليو عام ١٩٩٠، تحترم الصين والمملكة النظام السياسي ومسار التنمية وتتعمق الثقة السياسية المتبادلة تحت القيادة لرئيسي البلدين، فتسير العلاقات الثنائية إلى أعمق باستمرار. في عام ١٩٩٩ زار فخامة الرئيس الصيني الراحل جيانغ زيمين المملكة. وفي عام ٢٠٠٦ تبادل فخامة الرئيس الصيني هو جين تاو والملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – الزيارات في العام نفسه. وفي عام ٢٠٠٨ زار فخامة الرئيس شي جين بينغ (وهو آنذاك نائب الرئيس) المملكة وتمت إقامة العلاقات الاستراتيجية الودية ودخلت العلاقات الثنائية مرحلة جديدة.

في عام ٢٠١٦، سجلت الزيارة الثانية للرئيس شي جين بينغ إلى المملكة، وشهدت العلاقات الصينية السعودية تطوراً ملحوظاً وتمت إقامة الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين وتأسيس اللجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى. وزار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الصين لحضور الاجتماع الأول للجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى في نفس العام، مما كتب صفحة جديدة للعلاقات الثنائية. أما في عامي ٢٠١٧ و٢٠١٩، فزار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الصين على التوالي، الأمر الذي عزز وعمق الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين والصداقة بين القيادتين أكثر. في عام ٢٠٢٢، زار الرئيس شي جين بينغ المملكة للمرة الثالثة، ووقع الرئيسان الصيني والسعودي اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والمملكة العربية السعودية فاتحين بذلك حقبة جديدة للعلاقات الثنائية. في سبتمبر من عام ٢٠٢٤، زار رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ المملكة وترأس الاجتماع الرابع للجنة المشتركة رفيعة المستوى مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مما أعطى زخماً جديداً لمواصلة تعميق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

على مدى السنوات الـ ٣٥ الماضية، دعم الجانبان بعضهما البعض في القضايا المتعلقة بمصالحهما الجوهرية واهتماماتهما الرئيسية، وحافظا على تواصل وثيق في الشؤون الدولية والإقليمية، ودافعا معاً عن الحقوق والمصالح المشروعة للبلدين والجنوب العالمي، ودافعا أيضاً عن العدالة والإنصاف الدولي. تلتزم المملكة العربية السعودية التزاماً راسخاً بمبدأ الصين الواحدة، وتدعم بنشاط مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية التي اقترحها الرئيس شي جين بينغ.

٢- لا يفصل البحر الواسع بين أولي القصد الواحد، فتكتب الصين والمملكة فصلاً بارزاً للتعاون على طريق الحرير.

خلال السنوات الـ٣٥ بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية، زاد حجم التجارة بين الصين والمملكة من ٥٠٠ مليون دولار عام ١٩٩٠، إلى ١٠٧.٥٣ مليار دولار عام ٢٠٢٤، بزيادة ما يقرب من ٢٢٠ ضعفاً. لطالما المملكة أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وأفريقيا لسنوات عديدة. وفي الأعوام الأخيرة، تعمقت المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» ورؤية ٢٠٣٠، وتحققت النتائج المثمرة: في عام ٢٠١٦ بدأ تشغيل مصفاة ينبع أرامكو سينوبك (SINOPEC) (شركة ياسرف) التي تعد أكبر استثمارات الصين في المملكة في ذلك الحين، وبعد ١٠ سنوات للتعاون بين الشركتين، ستتعاونان مرة أخرى في توسيع المصفاة. إن قطار المشاعر المقدسة كأول مترو في المملكة، الذي شيدته شركة بناء السكك الحديدية الصينية (CRCC)، قد نجح في نقل أكثر من 25 مليون حاج في أكثر من 10 سنوات، فحظي بإشادة واسعة من المسلمين في جميع أنحاء العالم بسجله الخالي من الحوادث. أما محطة الشعيبة للطاقة الشمسية أكبر محطة كهروضوئية في المملكة والشرق الأوسط، التي شيدتها شركة هندسة الطاقة الصينية (CEEC)، فبدأت التشغيل وتوليد الطاقة والربط بالشبكة الكهربائية، مما يوفر دعماً قوياً للتنمية الخضراء في المملكة. شاركت شركة هندسة الموانئ الصينية (CHEC) بفعالية في مشروع البنية التحتية في وجهة وسط جدة وقدمت مساهمات إيجابية في تحسين البنية التحتية ومعيشة الشعب للمملكة. بالنسبة لاستاد وسط جدة، الذي تنفذه شركة بناء السكك الحديدية الصينية (CRCC)، سيصبح أحد الملاعب الرئيسية في كأس العالم التي ستقام في السعودية عام ٢٠٣٤، وسيكون معلماً بارزاً آخر على ساحل غربي المملكة.

بالإضافة إلى ذلك، عديد من الشركات الصينية في المشاريع الضخمة مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر. كما قامت شركات التكنولوجيا الصينية بتعاون مثمر مع الجانب السعودي في مجالات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وبناء المدن الذكية وغيرها، مما ساعد على التحول الرقمي الاقتصادي وتسريع تحقيق رؤية ٢٠٣٠.

٣- لا تجعل الصحارى فرقاً إذا تآخت القلوب، فتتفتح أزهار الصداقة من خلال التواصل والتبادل بين الحضارتين.

إن اللغة هي جسر بين الحضارات. بعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للصين عام ٢٠١٩، شهد تطوير التعليم الصيني في المملكة تقدماً كبيراً، وأصبحت اللغة الصينية أكثر شعبية بين الشباب السعودي. كما في هذا العام أُقيمت في المملكة لأول مرة مسابقة «جسر للغة الصينية» لطلاب المدارس الثانوية، ودُهشتُ بحكايات الشباب حول أحلامهم عن الصين وعرضهم الرائع للثقافة الصينية.

في مجال التبادل الثقافي، عرض المعرض «العلا: واحة العجائب في الجزيرة العربية» في متحف القصر الوطني ببكين في العام الماضي، مما عزز التفاهم والتبادل الثقافي بين الحضارتين الصينية والسعودية. حطت الكتب والمنتجات الثقافية الصينية رحالها في معرضي الرياض وجدة الدوليين للكتاب، مما أتاح للأصدقاء السعوديين فرصة لقراءة الصين وفهمها.

حول السياحة والزيارة المتبادلة، يستمر تسهيل الإجراءات المعنية: قد نفذ الجانب الصيني السياسات التجريبية لإعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول، وهذه الخطوة ستسهم في تشجيع الزيارات المتبادلة وتعميق روابط الصداقة بين البلدين. بلغ عدد الرحلات الجوية المباشرة، من بكين، وشانغهاي، وقوانغتشو، وشنتشن، وهايكو، وهونغ كونغ، إلى الرياض، وجدة، والدمام، وغيرها من المدن الرئيسية، أكثر من ١٠ رحلات أسبوعياً، مما يتيح للأصدقاء السعوديين فرصة زيارة الصين في أي وقت لاستكشاف العادات والثقافة الصينية الفريدة. أصبحت الرياضات الإلكترونية رابطاً جديداً بين شباب الصين والمملكة. وقد استقطبت كأس العالم للرياضات الإلكترونية عدداً كبيراً من العشاق الصينيين إلى المملكة لمشاهدة المباريات. وبعد أيام، سيُقام الأسبوع الصيني على هامش الكأس في الرياض، حيث يقدم تجربة سحر الثقافة الصينية التقليدية في عالمها الرقمي.

٤- لا تكون النجوم والقمر بعيدة إذا نظرنا إلى المستقبل معاً، فستعمل الصين والمملكة على بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.

مهما تغيرت الأوضاع الدولية، علينا مواصلة تنفيذ التوافق الاستراتيجي الذي توصل إليه قادة البلدين وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة والدعم المتبادل بثبات. علينا التعاون معاً لمواجهة التحديات، وتعزيز التعددية القطبية المتساوية المنظمة والعولمة الشاملة، وبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن الشامل والرخاء المشترك والانفتاح والتسامح والنظافة والجمال. علينا تعزيز المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية 2030» على نحو عميق، واستكشاف آفاق التعاون بين الجانبين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والاستثمار والنقل والاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها. علينا تعميق الصداقة بين الشعبين، وإقامة سلسلة من الأنشطة في «العام الثقافي الصيني السعودي» المتنوعة، ومواصلة بناء جسور التواصل بين الشعبين، حتى تتجذر الصداقة بين البلدين بعمق في قلوب الشعبين وتتنقل من جيل إلى جيل.

يقول العرب: «اللي يشتري الصداقة، ما يبيعها». إن الصداقة الممتدة على مدى ٣٥ عاماً تشبه نخيلاً وارفاً في الواحة متجذراً في أرض خصبة بالثقة المتبادلة، ومثمراً الثمار الحلوة للتقاسم، ومدافعاً عن الرياح والرمال. القنصلية العامة الصينية في جدة على استعداد لمواصلة العمل مع جميع الأصدقاء في المناطق القنصلية جنباً إلى جنب ودفع العلاقات الثنائية إلى الأمام، منطلقة من مناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

أخيراً نتمنى أن تدوم الصداقة بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية إلى الأبد.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى