أخبار العالم

ماذا لو تم إسقاط الإدارة السورية – أخبار السعودية – كورا نيو



في ظلّ المشهد السوري المأزوم، يطفو على السطح سؤال بالغ الحساسية: ماذا لو غاب الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع عن المشهد فجأة؟ إن الإجابة عن هذا السؤال لا يمكن أن تكون مجرّد افتراض سياسي، بل هي قراءة لمعادلة شديدة التعقيد تشابكت فيها العوامل الداخلية بالرهانات الإقليمية والدولية. فالرجل الذي جاء إلى السلطة بعد انهيار نظام بشار الأسد استطاع، رغم كل الانتقادات التي طالت سياساته، أن يوفّر قدراً من الاستقرار الأمني النسبي في بلد أنهكته الحرب، وأن يحافظ على الدولة السورية وإن كان بصيغة ما تزال تخطو خطواتها الأولى من خلال توازن تحرص عليه القيادة السورية، وهو توازن لا يزال حتى اللحظة يمنع انزلاق سوريا إلى فوضى شاملة. محاولة إسقاط الرئيس أحمد الشرع في هذه المرحلة لن يعني مجرّد تبدّل في القيادة، بل سيفتح الباب أمام فراغ سياسي وأمني قد تسعى أطراف داخلية وخارجية لملئه، بدءاً من القوى الإقليمية التي ترى في سوريا ساحة نفوذ إستراتيجي، مروراً بالتنظيمات المسلحة التي تنتظر لحظة ضعف السلطة المركزية، وصولاً إلى القوى الدولية التي قد تجد في ذلك فرصة لإعادة رسم خرائط النفوذ، لا أحد ممن يتطلع إلى ازدهار المنطقة ونمائها يريد أن يرى في سوريا الجديدة (تنظيم حزب الله) جديداً أو (حوثي) آخر. إن التجارب التي شهدتها المنطقة عقب سقوط أنظمة حاكمة، كما في العراق وليبيا، تؤكد أن غياب شخصية تمسك بخيوط المعادلة، مهما كان الخلاف معها، يمكن أن يطلق سلسلة من الأحداث الكارثية، تبدأ بانهيار المنظومة الأمنية وتفكك مؤسسات الدولة، ولا تنتهي عند حدود الحرب الأهلية. وفي الحالة السورية، سيكون غياب الشرع فرصة سانحة لبعض دول المنطقة لاستعادة حضورها عبر دعم مليشيات تدين لها بالولاء، كما قد يشكّل بوابة لعودة الجماعات المتطرفة إلى الساحة مثل تنظيم داعش الإرهابي، مستفيدة من حالة الانقسام والتوتر. وعلى الصعيد الداخلي، فإن الأقليات وبعض ممن ينتمي إليها يريد إضعاف الدولة السورية، قد تجد نفسها أمام تهديد مباشر، لا يقارن بما يحدث حالياً في ظل إدارة الشرع. كذلك فإن مؤتمرات ومنصات معارضة، كاجتماع الحسكة الذي رفع شعار «اللامركزية» بينما يضمر مشروع تقسيم البلاد على أسس عرقية وطائفية، ستستغل الفراغ لتكريس أمر واقع جديد. إن كل هذه الاحتمالات تجعل من بقاء الشرع، حاجة ملحة لتفادي انزلاق البلاد نحو هاوية مجهولة، خصوصاً أن ما شهدناه من أحداث أمنية حتى الآن قد لا يكون إلا مقدمات متواضعة مقارنة بما قد يحدث في حال غيابه. إن سوريا اليوم على حافة توازن متأرجح، وأي اختلال في هذا التوازن قد يطلق العنان لسيناريوهات تتجاوز حدودها الجغرافية لتطال أمن المنطقة برمّتها، وربما يعيد تشكيل خرائط النفوذ والسيطرة في الشرق الأوسط. ومن هنا، فإن التعامل مع موقع الشرع يجب أن يكون بمنطق الضرورة السياسية لا بمزاج الخصومة أو المزايدة، لأن الكلفة المحتملة لغيابه قد تكون أعلى بكثير مما قد يتصوره العابثون الصغار بأمن سوريا واستقرارها.

أخبار ذات صلة

 




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى