أخبار العالم

ملَهّي (الرعيان) طائر (التيك توك) – أخبار السعودية – كورا نيو


تابع قناة عكاظ على الواتساب

ملَهّي الرعيان طائر يعرف في موروثنا الشعبي بهذا الاسم، وهو الاسم المحلي الذي يُطلق على طائر السبد؛ لأنه يشغل الرعاة عن مواشيهم في ملاحقته بالفلاة طمعاً بالإمساك به حتى تتيه مواشيهم أو تفترسها الذئاب بسبب اتباع الطائر كونه لا يطير إلا عندما يقترب منه الراعي على بُعد خطوات ويحط قريباً منه، ويسمى أيضاً بصرار الليل، وكل هذه التصرفات ليلاً أم نهاراً تشغل الرعاة وتلهيهم.

في القرن التاسع عشر جاء احتكاك الفكر العربي الثقافي بالثقافة الغربية عن طريق حملة نابليون بونابرت على البلدان العربية عام (1798م)، وقد عُدت حملته من أبرز الأحداث التي أثرت في الفكر الثقافي العربي الحديث، وأنا هنا لست بصدد الحديث عن مقاصدها السياسية والعسكرية وأهدافها، لكن عن أساليبها التي أثرث بها، فقد كانت مصحوبة بالعلماء والمختبرات والأدوات ووسائل الطبع والنشر والبعثات والعروض المسرحية التي استطاعت أن تدغدغ عقول المثقفين العرب آنذاك.

‏وما دعاني للحديث عن هذه الحملة وأثرها الفكري هو ما نشاهده ونسمعه اليوم في مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي من التباكي على الزمن الماضي أو الزمن المفقود وسرعة الأيام والأحداث، بينما أيامنا هي هي، لكن الأجهزة الذكية التي بين أيدينا هي من أفقدتنا الإحساس بالوقت وكل لحظة فراغ وجعلته ينقضي بسرعة، وليته ينقضي على ما هو مفيد، بل على فراغ الآخرين وتفاهاتهم، فأصبح يشاهد اليوم وبوضوح ذلك الأثر القوي الذي أحدثته مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي في الحياة، وما وفّرته لسرعة تمرير الخبر جعل وسائل الإعلام والأخبار تشرع في فتح صفحات على مواقع التواصل وتتحول إلى تطبيقات، حتى تلك القنوات التلفازية والمحطات الإذاعية لم تختلف عنها، بل بادرت في الاتجاه نفسه، فهذه قناة (الإم بي سي) تستعين بتطبيق (شاهد)، وغيرها كثير، وهذا ليس بعيب، بل ضرورة من ضرورات العصر التي أحدثتها (السوشل ميديا)، فقد أصبحت التطبيقات الرقمية العمود الفقري للعمل الإعلامي.

‏ومن ضمن التطبيقات التي اكتسحت حياتنا مؤخراً تطبيق (التيك توك) الصيني الذي أطلق عليه كثيرون ممن يحملون ثقافة شعبية أنه يقوم الآن بدور طائر السبد الصحراوي في حياتنا اليومية، والجدير بالذكر أن هناك بعض التطبيقات لا يرتادها إلا النخبة ومنها على سبيل المثال تطبيق (إكس) (تويتر) سابقا فالمتأمل لهذا التطبيق يجد نسبة كبيرة من مرتاديه من أهل الفكر والعلم والثقافة إلا قلة دخيلة يعاني منها أغلب المجتمعات يحملون أفكاراً دخيلة وعصبية لا يُلْتفت إليهم في الغالب، لكن (تيك توك) مع ما يحمله من منافع أحياناً ‏إلا أن غالبية مرتاديه من العوام ومحدودي التعليم والفكر، وهي فئة في كل مجتمع لا نقلل من شأنها، لكنها في بعض الأحيان يصعب عليها فهم الرسالة المتلقاة، وقد أثر هذا التطبيق على مناحي حياتنا كافة، أهمها الشخصية قبل الاجتماعية فكثير منا يعيشون في دوامة التشتت، سنين تمر في متابعة رسائل بلا قيمة سرقت منها أغلى لحظاتها كان مقررًا نعيشها مع من نحب وأصبح اليوم سلاحاً بيدك، إما أن تبني فيه طريقاً يقربك لأهدافك ويزرع أثراً طيباً، وإما أن تخسر ​​فيه أجمل أيامك.

‏طائر (التيك توك) أصبح أكثر خطراً مع نكهة الذكاء الاصطناعي على الفئة التي ذكرتها سابقاً، وهم أكثرنا ارتياداً له، وفي أحيان ليست بقليلة غرر بالمتعلمين والمثقفين، مما يولد الحاجة والضرورة لإعادة تأهيل المجتمع للتعامل مع مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي حتى يرتقي المتلقي بنفسه عما لا يليق به وبمجتمعه ووطنه.

وقفة: الذي لم يولد من رحم إحدى وسائل الإعلام لا يسمى إعلامياً.


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى