أخبار العالم

من يحسم السباق بين الابتكارات والتشريعات؟ – أخبار السعودية – كورا نيو



في ظل التغييرات الواسعة والتحوّلات العميقة التي طالت وتطال كافة نواحي الحياة البشرية وغير البشرية في السنوات الأخيرة، والتي لا تزال تلقي بظلالها على مجمل العلاقات البشرية الخاصة والعامة، لم يعد السؤال عن حجم تلك التغييرات، بقدر ما أصبح السؤال عن سرعة التغييرات ووتيرتها وقدرة البشر على التعايش الطبيعي مع تلك التغييرات وانعكاساتها في المديين المنظور والمتوسط.

لا شك أن التقنية والتحوّلات الرقمية وتطبيقات الذكاء الإصطناعي هي رأس الحربة في سباق التغيير الذي تتعرّض له البشرية والمجتمعات والعلاقات الخاصة منها والعامة.

منذ بدأت تتسع دائرة استخدام تطبيقات الذكاء الإصطناعي في مختلف الأوساط، طغت على الساحة الفكرية والاجتماعية عدة قناعات تراوحت ما بين التفاؤل المفرط والتشاؤم المفرط. فمن الخوف والتوجس والترقب والقلق والانتظار، سادت كمية من التساؤلات التي كثيراً ما تنتهي بها منابر لتبدأ بها منابر أخرى وتساؤلات أخرى في منابر فكرية أو اجتماعية خلال الفترة الماضية القريبة.

فمن الخوف مما سيتسبّب به الذكاء الإصطناعي من القضاء على فرص العمل والتسبّب برفع نسب البطالة، إلى الخوف من الإجهاز على سرية المعلومات وخصوصية الثقافات وأنماط الحياة. إلى تقويض فرص الممارسة الطبيعية للحياة البشرية، كل ذلك مقابل ما يتيحه التحول الرقمي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي من ثورة الابتكارات وريادة الأعمال والقضاء على الروتين وبطء الإجراءات والقضاء على دوائر الفساد المغلقة وضرب المصالح الضيقة، والانفتاح على الفرص والمشاريع التي كانت حتى وقت قريب حكراً على أصحاب رؤوس الأموال فحسب.

ثم جاءت موجة قوية من المطالبات بسن القوانين والتشريعات لكبح الابتكار وتنظيمها والحماية من الانفلات الذي قد يصله الذكاء الإصطناعي من مخاطر اجتماعية واقتصادية وأخلاقية. والهدف هو حماية الإنسان والمجتمع من انتهاك الخصوصية، والمساءلة والشفافية مع تحديد المسؤولية وتنظيم استخدام البيانات ومنع استخدام بيانات الناس بطريقة غير قانونية، بجانب ضمان العدالة والحياد للخوارزميات، بجانب الحفاظ على الأمن القومي ومنع استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب الرقمية. بالإضافة إلى تشجيع الابتكار.

في المقابل، سادت موجة ممن يخيفهم أن تأتي التشريعات على حساب الابتكارات فتعوق حركة الابتكارات التي هي ملعب الشباب وريادة الأعمال أمام شح فرص العمل للكثيرين. من هنا دخل تيار الابتكارات وتيار التشريعات في سباق محتدم ربما يستمر زمناً ليس بقليل.

كان المؤتمر العربي الرابع للملكية الفكرية في الشارقة الأسبوع الماضي تحت عنوان حماية الملكية الفكرية في عصر التقنيات الرقمية، الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية الإدارية وجامعة الشارقة والجامعة اليابانية المصرية وجمعية الإمارات للملكية الفكرية، بهدف تسليط الضوء على التحديات التي أفرزتها التقنيات الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وتأثيراتها على حماية الملكية الفكرية وما يتعيّن تطويره من أطر قانونية دولية ووطنية لتعزيز هذه الحماية وضمان العدالة والشفافية في استغلال المصنفات الفكرية، كان هذا المؤتمر واحداً من المنابر المهمة في رسم خارطة طريق بين عالم الابتكارات وعالم التشريعات، وقد أسعدني حضور هذا المؤتمر والمشاركة به.

كما أن المؤتمر السعودي للقانون المنعقد حالياً بنسخته الأحدث يستهدف رسم بوصلة لهذا السباق بين الابتكارات والتشريعات من خلال مواكبة التحوّلات الرقمية والتقنية والاستدامة القانونية والتشريعية وتعزيز البيئة التشريعية والاستثمارية، والمواءمة بين الممارسات القانونية واحتياجات بيئة الأعمال والاستثمار في المملكة، بجانب المساءلة والحوكمة والتميّز المهني وتبادل المعرفة والتعاون الدولي والمحلي.

السؤال الذي يدور في خلدي في هذا المناخ الماراثوني بين الابتكارات والتشريعات: إلى متى يمكن أن تبقى العلاقة تكاملية بين القوانين والأخلاقيات؟ هل يمكن أن تتآكل الأخلاقيات وينتهي دورها أمام كمية القوانين والتشريعات ونوعيتها المدفوعة بحمى الابتكارات، بعد أن بقيت العلاقة تكاملية بين القوانين والأخلاقيات لقرون من الزمن؟

أخبار ذات صلة

 


المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى