نوبل… واقتصاد المعرفة..! – أخبار السعودية – كورا نيو

جاء فوز الدكتور عمر ياغي بجائزة نوبل للكيمياء ليؤكد أهمية الاستثمار في العلم والمعرفة، ونجاح توجه المملكة لاستقطاب وتجنيس الكفاءات العلمية المتميّزة بما يسهم في تحقيق المستهدفات الوطنية، ويعزز مكانة المملكة في مجال العلوم، والابتكارات، واقتصاد المعرفة الذي يعتبر ركيزة أساسية من ركائز اقتصاديات الدول المتقدمة، فما هو اقتصاد المعرفة؟
يعرف اقتصاد المعرفة بأنه اقتصاد يعتمد بشكل أساسي على المعرفة والمعلومات والابتكار كمصادر رئيسية للإنتاج والنمو الاقتصادي، بدلاً من الموارد التقليدية مثل المواد الخام أو القوة العاملة فقط. في اقتصاد المعرفة، فإن الأبحاث، والتعليم، والمهارات، والتكنولوجيا تُعتَبر أصلًا اقتصاديًا أساسيًا، كما كانت الأرض أو المال في العصور السابقة. بلدان مثل كوريا وفنلندا وسنغافورة أصبحت أكثر قدرة على المنافسة والنمو، نتيجة استثمارها في التعليم، والبحث العلمي، وتكنولوجيا المعلومات، وبالمثل، فإن شركات مثل Google، Microsoft، Apple لا تعتمد على النفط أو الزراعة، بل على الأفكار، والبرمجيات، والخدمات الرقمية حقّقت نموًا مذهلًا، ولا غرابة أن أغلب الدول المتقدمة تنفق بسخاء على البحث والتطوير والابتكار، حيث قدر في تلك الدول أن كل دولار ينفق على البحث والتطوير يعود بـ 5-7 دولارات، كما نال الباحثون: جويل موكير، وفيليب أغيون، وبيتر هاويت جائزة نوبل 2025 في العلوم الاقتصادية تقديراً لأبحاثهم التي ركزت على دور الابتكار في صناعة نمو اقتصادي مستدام.
من أهم سمات اقتصاد المعرفة، الاعتماد على التقنية؛ بالاستخدام المكثف لتقنية المعلومات والاتصالات (ICT)، والأتمتة، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، ولا غنى في الاقتصاد القائم على المعرفة عن الابتكار المستمر، والاستثمار الفعّال في البحث والتطوير والابتكار (R&D)، كما تعد المعلومات أصلًا اقتصاديًا تشكّل فيه القدرة على جمع وتحليل المعلومات ميزة تنافسية، كما أن رأس المال البشري ذا التدريب والمهارات العالية يعد من الركائز الأساسية لاقتصاد المعرفة، ولهذا تعتمد الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا كثيرًا على العقول المهاجرة، وتغري المبتعثين المتميّزين من دول لعالم الثالث للبقاء والانخراط في آلة البحث العلمي والتطوير الضخمة، ذات العوائد الاقتصادية الكبيرة. ولقد كانت المملكة منذ تأسيسها سبّاقة إلى الاستثمار في رأس المال البشري؛ فمنذ رفرف الاستقرار على ربوع هذه المملكة المترامية الأطراف، بدأت جهود تنمية وتعزيز رأس المال البشري بتوطين البادية، والتصدي للأمية بتوفير التعليم المجاني، وإنشاء المعاهد المتخصصة، والجامعات، ثم إطلاق برامج الابتعاث التي أحدثت نقلة نوعية في مسيرة التنمية في المملكة، وحقّقت قفزات سريعة في ميادين التطوير والازدهار العلمي.
وفي جامعات المملكة التي تعد الحاضن الطبيعي للبحث والابتكار والتطوير، كانت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية هي الرافد الرئيس للباحثين، والداعم الأول للأبحاث والدراسات عبر برامج المنح السخية المتنوعة، من خلال أولويات بحثية تلامس الاحتياجات الوطنية. وقد تأثرت حركة البحث العلمي في الجامعات السعودية بشدة بعد التغيير الذي طرأ على إستراتيجية ومهام المدينة، وعانت الجامعات من ركود بحثي كبير حولها لما يشبه الثانويات المطورة مع بعض الاستثناءات. ورغم الحراك النسبي للبحث العلمي (خصوصاً في المجال الزراعي) في بعض الجهات غير البحثية، إلا أن ذلك كان مشوباً بالعشوائية، وتدني الجودة والكفاءة، وضعف المخرجات. ثم جاء إنشاء هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار لتعيد الأمل للباحثين والعلماء، وتنعش المعامل والمختبرات، وتبعث الحياة في الجامعات، وتستهدف منع الازدواجية والاجتهادات في ميدان البحث والابتكار.
ولكي يحقق البحث العلمي في المملكة النتائج المرجوة في دعم التنمية والازدهار، وتعزيز اقتصاد المعرفة، لابد من الاهتمام بالتعليم النوعي، والاستفادة من المزايا التنافسية للجامعات السعودية، والتنوع الجغرافي، وردم الهوة الكبيرة بين القطاع الخاص والجامعات، فباستثناء إسهامات محدودة من بعض الشركات الكبرى في المملكة، لا يزال القطاع الخاص بعيداً عن الإسهام في ازدهار الابتكار والتطوير، والإفادة والاستفادة من الإمكانات البحثية في الجامعات السعودية، وهذا موضوع مقلق ويتطلب دراسة مستفيضة. إن إسهام القطاع الخاص في دعم البحث والابتكار سمة من سمات الدول المتقدمة علمياً، حيث يبلغ تمويل القطاع الخاص للبحث والتطوير في دول عديدة ما يزيد على 90%، فأين الخلل في القطيعة المرة بين القطاع الخاص في المملكة، ومحاضن البحث، والتطوير، والابتكار؟
أخبار ذات صلة
المصدر : وكالات