هل تعود سويسرا الشرق؟! – أخبار السعودية – كورا نيو

تابع قناة عكاظ على الواتساب
لطالما كانت لبنان واحدة من أجمل الوجهات السياحية بالمنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وأكثرها تميّزاً، وقد دفع مناخها المعتدل الكثيرين لإطلاق لقب سويسرا الشرق عليها بسبب التشابه الكبير في الطبيعة والطقس الرائع بين الدولتين، ما أهّلها لأن تصبح مصدر جذب سياحي ومقصداً للزيارة من السيّاح من كافة دول العالم ولا سيما من مواطني منطقة الشرق الأوسط.
غير أن كل ذلك تغيّر تماماً في منتصف السبعينات عندما عصفت أجواء الحرب الأهلية المدمرة بلبنان، والذي دخل في أتون حرب أهلية طاحنة حتى تسعينات القرن الماضي، وعلى الرغم من انتهاء الحرب الأهلية رسمياً غير أن لبنان ومنذ بداية دخوله في مرحلة الحرب الأهلية وهو يمر بسلسلة من الأحداث المتتالية التي أثّرت على طبيعة الحياة فيه وقوّضت من دعائم استقراره والتي استمرت حتى يومنا هذا. ولعل أبرز الأحداث التي أثّرت بالسلب على استقرار وسيادة لبنان كان التدخل السوري لحزب البعث في شؤونه الخاصة، والذي يعد تدخله في لبنان مرحلة فاصلة حوّلت لبنان لساحة حرب بالوكالة، مما أدخل البلد في حالة من التوتر والاضطراب المستمر.
لا يمكننا بطبيعة الحال تجاهل دور إسرائيل في المعادلة السياسية في لبنان، فقد كانت لبنان من أشد الدول معاناة عقب عملية السابع من أكتوبر في قطاع غزة، حيث استباحت إسرائيل الأراضي اللبنانية على نحو سافر وقامت بالتعدي عليه، وهو ما زاد من معاناة المواطنين، ولعل أسوأ الأزمات السياسية الحالية بلبنان هو وجود ميليشيا مسلحة متمردة ترفض الانصياع والانضواء تحت سلطة الدولة، ومع تزايد وعي القيادة اللبنانية والوعي الشعبي بضرورة توحيد لبنان تحت قيادة وطنية واحدة، تزايدت التحديات داخل لبنان ولاسيما عقب مطالبة الحكومة اللبنانية بقيادة الرئيس عون ورئيس وزرائه نواف سلام بضرورة حصر السلاح في يد الدولة، وإنهاء سيطرة الميليشيات المسلحة أيا كانت، فلا تزال لبنان ترزح تحت وطأة سعي تلك الميليشيات لأن تبقى لها اليد العليا في الشأن اللبناني وتحديد مصيره، غافلين أو متغافلين عن أن هذا السعي لا يراعي مصلحة لبنان ولا مصلحة الشعب اللبناني، وقد كان أحد الأسباب المهمة والجوهرية في عدم استقرار لبنان واضطراب أحواله.
في اعتقادي الشخصي أن تسليم الميليشيات المسلحة لسلاحها والانضواء تحت راية حكومة واحدة هو الخطوة الأولى في مسيرة الإصلاح الوطني في لبنان، فهو بوابة الحماية التي ستمنع أي تدخل خارجي في الشأن اللبناني في الظهور من جديد، مما يسمح ببعض الاستقرار في البلد الذي طالما عانى من ويلات الحرب الأهلية، ومن المؤكد أن استقرار لبنان لا يهم اللبنانيين فحسب، بل سيلقي بظلاله الإيجابية على كافة دول المنطقة واستقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها، فالتوتر والاضطرابات التي تصيب دولة لا تقتصر على حدودها بل قد تمتد آثارها لدول بعيدة لا تجاورها، والتأثيرات التي تؤثر على كافة دول المنطقة قد تكون مباشرة أو غير مباشرة.
تتمتع لبنان بمقوّمات سياحية تؤهلها بالفعل لأن تكون سويسرا الشرق، فهي تطل على ساحل طويل على البحر المتوسط، وهي تستطيع النهوض والعودة لمكانتها السياحية المميّزة التي كانت تحتلها قبل نشوب الحرب الأهلية فيها وتدخل عدد من الدول في شؤونها الخاصة، وهو ما لن يحدث إلا بالتفاف الشعب حول حكومته وحصر السلاح في يد الدولة، وعودة السياحة لسابق عهدها في لبنان يعني استقرار لبنان، وهو ما يعني بدوره عودة ثقة دول العالم فيها، وهو ما ستتم ترجمته في مسارعة دول العالم لدعمه اقتصادياً وتحويله لجهة جاذبة للاستثمارات الخارجية، فأمام لبنان الآن فرصة ذهبية للاستقرار بعيداً عن التدخلات الخارجية.
المصدر : وكالات



