أخبار العالم

فقد بصره عند الـ18.. فأبصر «الحج» في الـ63 – أخبار السعودية – كورا نيو



بين ملايين القادمين من أصقاع الأرض في أحد المخيمات الواقعة على أطراف منى، لم يكن من الصعب أن تلاحظ وقار رجل ستيني يجلس على سجادته بهدوء، يردد الأدعية بصوت خافت، وعيناه مغلقتان كأنهما لا تنتظران شيئًا من هذا العالم.

ذلك الرجل هو الحاج الباكستاني «حبيب الله»، البالغ من العمر 63 عامًا، الذي لم يكن حج هذا العام بالنسبة له مجرد ركن خامس، بل خلاصة حياة كاملة من الصبر والدعاء والبصيرة التي لا تحتاج إلى أعين.

حبيب الله ولد مبصرًا، وفقد بصره تمامًا في عمر الـ18 بسبب مرض نادر، وصفه الأطباء بأنه غير قابل للعلاج، ومع ذلك، لم يجزع ولم ييأس، بل اتجه إلى العلم والدعاء، ومنذ أن فقد بصره، كرس حياته لتعليم الفقه والعقيدة الإسلامية في قريته بباكستان، حفظ القرآن الكريم كاملًا عبر المصحف بطريقة برايل، ودرّس أجيالًا من الطلاب الذين ما زالوا يتواصلون معه حتى اليوم.

وافتتح الحاج حبيب الله حديثه، والدموع تختنق في نبرة صوته، معبرًا لوكالة الأنباء السعودية: «قبل كل شيء الله اصطفاني لأكون هنا في بيته الحرام، والعلم والتعليم هما النور، وإذا غاب العلم، فذلك هو الظلام الحقيقي وليس ظلام الرؤية».

على الصعيد الشخصي، تزوج حبيب الله ابنة عمه، وكانت كما وصفها «بصيرتي التي لا تنطفئ، عاشت معي 38 عامًا، صبرت علي وعلى أولادي، لم تجعلني أشعر يومًا أنني أعمى، كانت بصري وبصر أولادي، كنت أرى من خلالها الحياة كل يوم»، أنجب منها طفلين، أحدهما ولد كفيفًا، والأخرى فقدت بصرها بعد سنوات، ورغم صدمة التكرار، فإن الأطباء أكدوا أنها ليست حالة وراثية، لكنه يقول: «الله اصطفانا، وأنا راض بما كتبه الله لي، كل ما يأتي من الله هو رحمة».

يحكي حبيب الله أن حلمه بالحج بدأ منذ أن فقد بصره، وأنه كان يبكي في صلاته كل يوم ويقول: «يا الله، أرجوك نادني إلى بيتك، اجعلني من ضيوفك».

أخبار ذات صلة

 

وقال:«في موسم الحج هذا، تحقق الحلم، وحين وصلت، لم أصدق أنني الآن في منى، صحيح لا أرى الكعبة، لكنني أشعر بها في قلبي، وكأنها تسكن داخلي»، مضيفًا «أنا لم أرَ الكعبة يومًا، لكني أشعر بها في قلبي، قلبي يعمل مثل الجليد بارد لكنه ثابت قوي، ويحمل كل المشاعر»، وبهذه العبارة اختصر بأنه ينتظر يوم عرفة بفارغ الصبر، ليرفع يديه ويدعو لزوجته التي صبرت، ولأولاده، ولنفسه، ويشكر الله بحرارة لأنه بلّغه هذا المقام، ويقول «وصولي هنا هو إثبات أن الدعاء لا يُهمل، حتى إن تأخّر الله لا ينسى من يذكره».

ما يميّز هذا الرجل ليس فقط صبره أو قوة إيمانه، بل قدرته النادرة على النظر إلى الحياة بنور داخلي خالص، يقول عن نفسه: «أنا كنت طفلًا كفيفًا، لكنني اليوم رجل ناجح بعلمي، وبإيماني، وأن الله اختارني لأكون هنا».

ويختم حديثه بابتسامة مملوءة باليقين: «الطفل الكفيف الذي كنتُه قبل عقود، حقق اليوم نجاحًا عظيمًا، أنا سعيد، وممتن لله».

هذه ليست قصة حاج فقط، بل قصة إنسان عاش النور رغم فقدان البصر، وبقي ينتظر موعده مع الكعبة لأربعة عقود ونصف حتى لبّى الله نداءه.




المصدر : وكالات

كورا نيو

أهلا بكم في موقع كورا نيو، يمكنكم التواصل معنا عبر الواتس اب اسفل الموقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى